• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : ظلم اهل الحديث للسيرة والتاريخ. .

ظلم اهل الحديث للسيرة والتاريخ.

كل حجج داعش مثلاً ليست من معتزلة ولا جهمية ولا أحناف ولا صوفية ولا حتى خوارج، كل حجج داعش أتى بها أهل الحديث ونسبوها الى النبي وسيرته وصححوها.
بل حتى الأحاديث المحرجة اليوم - مثل رضاعة الكبير وغيرها - إنما أتى بها أهل الحديث، المذاهب الأخرى وخاصة المعتزلة والأحناف لم يكونوا يصدقون رواتها

للتوسع حول الموضوع:

علم الحديث - معايير دينيه لا مذهبيه

علم الحديث - أمانة أهل الحديث ... في الميزان!

علم الحديث - موقفهم من الصحيح والضعيف



طبعاً تعرفون المؤرخ الكبير أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي ثم الغامدي ( ت ١٥٧ هجرية)، وله فضل في التدوين المبكر للتاريخ.
كتبت عن أبي مخنف يومها وعن أسرته؛ وكان جده مخنف بن سليم زعيم الأزد بالكوفة؛ وهو صحابي ومن كبار أصحاب الإمام علي فيما بعد؛ شهد معه حروبه.. وابنه عبد الرحمن بن مخنف بن سليم له مشاركة؛ وولاه الإمام علي الري؛ فأصاب المال وهرب؛ فقال الإمام علي (عذرنا القردان فما بال الحلم)!
وصار قول الإمام علي مثلاً يضرب في الذي لا تتوقع منه الخيانة.
والقردان جمع قراد؛ دويبة صغيرة تتعلق بآذان الأنعام؛ والحٓلٓم جمع حلمة.. أكبر حجماً. وقد أدركت هذه الألفاظ في بيئتنا المحلية في بني مالك؛  فكانت القردان (مفرده قراد)؛ والحٓلٓم (مفرده حلمة) يتعلق بآذان الأنعام وتتغذى على الدم.
إذاً فبيت مخنف بن سليم كان من بيوتات العرب المشهورة بالكوفة؛ وأكثر البيت ذوو صلاح ومروءة وقتال وفقه، وأبو مخنف من تلك العائلة الكبيرة.
بقي أن عبد الرحمن بن مخنف بعد استيلائه على المال اختفى عند نعيم بن دجاحة الأسدي بالكوفة؛ وظن الناس  أنه لحق بمعاوية؛ فلم يظهر إلا بعد.
أبو مخنف لوط بن يحيى من المؤرخين الثقات الكبار؛ بل عده اليعقوبي من فقهاء وقته؛ ولكن تم تضعيفه من قبل اهل الحديث لتوسعه في قصة الحسين. والتضعيف المذهبي داء قديم.

"لمطالعة: {تضعيف أبي مخنف الغامدي نموذجاً} هنا.
والحل هو في سبر مرويات الراوي واختبارها؛ وقد كتبت سابقا ترجيح ابن حجر رواية ابي مخنف على رواية البخاري في قصة.
يعجبني أقوال المعتزلة في الجرح والتعديل؛ فإن معاييرهم قوية؛ فعندما ترجم ابن أبي الحديد لأبي مخنف قال: هو من أهل الحديث، فهو يقول بالاختيار. فابن أبي الحديد معياره في فصل السني عن الشيعي هو القول بالنص أو القول بالاختيار والشورى؛ وهذا المعيار أقوى من معيار الطائفيين من أهل الحديث.
معايير الطائفيين من أهل الحديث عصبية، وقد ضعفوا بها أبا مخنف لتوسعه في قصة الحسين، وضعفوا أبا حنيفة لقوله بالرأي، بل ضعفوا البخاري لقوله باللفظ.
ومهمة الباحثين أن يعرفوا معايير توثيق الراوي وتضعيفه، وليس أن يعرفوا ما قال فيه فلان وفلان، ففلان وفلان قد يظلمون ويتعصبون، فليسوا المعيار نفسه.
أهل الحديث أخطر المذاهب الإسلامية؛ ويكفي أن ورطة المسلمين اليوم هي معلقة بأهل الحديث وليست معلقة بأهل الرأي ولا المعتزلة ولا الصوفية.
كل حجج داعش مثلاً ليست من معتزلة ولا جهمية ولا أحناف ولا صوفية ولا حتى خوارج، كل حجج داعش أتى بها أهل الحديث ونسبوها الى النبي وسيرته وصححوها.
بل حتى الأحاديث المحرجة اليوم - مثل رضاعة الكبير وغيرها - إنما أتى بها أهل الحديث، المذاهب الأخرى وخاصة المعتزلة والأحناف لم يكونوا يصدقون رواتها.
لا تجديد جاداً للإسلام إلا بقراءة نقدية علمية لهذا الموروث الروائي الضخم الذي خلفه أهل الحديث وتورطت به الأمة وأصبحت عاجزة عن الإجابات، لا بد من إحياء ثقافة القرآن وإعلائها لتكون في الصدارة؛ ثم هي ستكشف ما يشبهها من الحديث؛ وهي سترد ما يضادها منه..
لكن أهل الحديث لا يريدون ذلك.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=997
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29