تحدثت في الأجزاء الأربعة السابقة عن ضرورة فهم الغلاة والتخاطب معهم، وخاصة الطيبين الذين يظنون أنهم على شيء. وقلت بأن سوء الظن بين المعتدلين والغلاة واسع جداً، ولابد من تقليصه، فليس كل من تطرف يعرف أنه متطرف، بل معظمهم يظنون أنهم على حق مبين. كما فصلت بين الرموز والأتباع؛ وأن الرموز في الغالب لن يرجعوا إلى حق؛ أما الأتباع الطيبون؛ فلو علموا باطل رموزهم واقتنعوا لاجتنبوه في الغالب.
الغلو عند الغلاة متعدد، في العقيدة والفقه والسياسة والنظرة الاجتماعية .الخ، وغالباً تجتمع؛ لماذا؟ أي؛ من كان مغالياً في العقيدة غالباً ما يكون مغالياً في الفقه والسياسة - مع أو ضد - وفي النظرة للآخر وفي الأمور الاجتماعية الخ..
هل تذكرون حلقة الشريان مع المولد؟ لماذا عجز الشريان عن الحوار، وكان لغة المولد مألوفة؛ رغم سوء نتيجتها؟!
الشريان معذور، لأنه لا علم له بهذه الأمور، إضافة إلى أنه كان خائفاً من عرض رأيه؛ والمولد معذور - فكرياً لا جنائياً - لأن هذا واقع فكري شائع..
ذكرت في الجزء الأول، أنني أدخل أحياناً (حسابات لبعض الغلاة) وأحاول أن أفهمهم حتى أنصحهم بما استطعت؛ وذكرت أن لهم عالمهم الخاص؛ ويرون أنفسهم على حق مطلق وعقيدة صافية؛ وأنه يجب أن نفهمهم وننصفهم بأن مرادهم الحق ولكن أخطؤوه. والتناصح حق وواجب.