• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : والدي وجابر أسعد الفيفي/ صداقات زمان! .

والدي وجابر أسعد الفيفي/ صداقات زمان!

من ذكريات المالكي..

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي" 

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"


حضرت الليلة حفل زواج الأخ ماجد يحيى جابر أسعد الفيفي حفيد صديق والدي جابر أسعد الفيفي رحمهما الله، ورجعت بي الذاكرة إلى أيام زمان، أيام كان يزورنا جابر أسعد الفيفي ومعه ( نعنع ومعسل) لنا ونحن أطفال، كان أول من رأيناه باللبس السعودي.. ههه

كان يحضر بمدرعة بيضاء (ثوب أبيض) وغترة بيضاء وعقال أسود وكوت (جاكيت) أسود وكنادر (أحذية مختلفة)..

كنا نستغرب من هذا اللبس الناصع البياض!

كان جابر أسعد رحمه الله نعم الصديق وفاء وطيبة وخلقاً وتواصلاً.. أذكر أول زيارة لي مع الوالدين لصديقه جابر أسعد (جابر باسعد)  كان نحو 1389، أخذ له الوالد هدايا، منها (موز) لى الحمار (عجلان) وانطلقنا في صباح يوم.. ما زلت طفلاً (لي ثلاث سنوات تقريباً) كنت مبتهجاً بهجة لا أنساها

كنت إذا عجزت عن المشي إما أن تحملني الوالدة أو يركبوني فوق البضائع فوق عجلان، لكن مع الصعود في الجبل كان الوالد يخشى علي من السقوط فينزلني.

مررنا من وادي الجنية إلى المدرة إلى قطّن إلى جوة آل شراحيل إلى ذراع غرة إلى ذراع العدوين إلى مرباء إلى دحرة آل عياس إلى حمزة مقر الصديق، كانت فيفاء باردة، وأشجار القات بأغصانه الحمراء تغطي الجبل الأعلى وخاصة عند قمع شفيان، وبعد ذراع العدوين  (عرفت أسماء المواضع فيما بعد).

استقبلنا جابر أسعد كعادته بالترحاب الكبير  وذبح الذبائح،  وكان الضباب لا ينقطع عن (حمزة) ولا ما جاورها.. كان أول انتقال لي خارج وادي الجنية.

في تلك السنة تقريباً انتقل (آل جابر باسعد) إلينا في بني مالك وسكنوا قريباً منا، وكان أولاده يحيى ومحمد وعلي يساعدون الوالد في الأرض، كان يجيى جابر رحمه الله (والد العريس ماجد)، كان أكبر أخوته النازلين عندنا، مازلت أذكر حراثته هو ومحمد شط (المشاكل) بالثورين.. شهران ونوفان.

جابر أسعد مات، وقبله مات ابنه علي (وكان مصارعاً قوياً)، ثم مات يحيى العام الماضي، وبقي محمد.. قابلته الليلة وأشبهه بالمعتصم العباسي لقوة ساعده، كان محمد مضرب المثل في قوة الساعد .. (وهو من الجيل الذي قبلي)، كلنا كنا نتمنى أن نكون في قوة محمد جابر، ومازال محتفظاً بقوته مع طيبة قلب.

دارت الأيام والتقينا هنا الليلة.. ذكرته بالماضي، لكنه كان مشغولاً بحفل ابن أخيه.. تذكرت الوالد وجابر أسعد،  تذكرت الزمن الجميل ودمعت عيني!

لا أدري كيف قام آباؤنا مكارم الأخلاق بلا قراءة ولا كتابة، وكيف نزلنا بمكارم الأخلاق إلى أدنى مستوياتها وبالكتاب والسنة! ما أكبر جرمنا!.. ما أعظم جرمنا في حق الكتاب والسنة، ما أعظم كذبنا على الله ورسوله إذ نستشهد بهما في تسويغ الكذب والظلم وأخلاف الوعد والمكر واللؤم ..الخ، كأننا من قال الله فيه 

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُفَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ(
175)
} [الأعراف] 

المهم درات الأيام وأصبحت زيارة (آل جابر باسعد) متكررة والصادقة تشتد ثباتاً، كان الوالد يقترض منه في الشدائد، كان الصديق الأبرز على الإطلاق، وقد حافظنا على هذه الصداقة، فاستمرت الزيارات وحافظنا عليها إلى حد مقبول.. لكن في راحة، فالسيارات ووسائل الاتصال سهلت التواصل، وأرى أن وفاءهم أكثر..

هذا الابن ماجد اليوم يقول (حضورك يشعرني أن أبي خرج من قبره وحضر حفل عرسي).

في أهل فيفاء وفاء عجيب في صغيرهم وكبيرهم، وأفراح أهل فيفاء أفراح جدية، ألعاب شعبية ورقص وعزف عود وهيصة..  لا يقبلون بأي واعظ كئيب أيام الأفراح، والتراث فيهم أصيل أيضاً.. حتى في اللهجة.

نحن في بني مالك مختلفون عنهم - وخاصة آل خالد - موعظة في كل فرحة،  وكآبة وتشتت وفرقة وضيق في القلوب، لأننا التهمنا الوهابية بسرعة..فمسختنا.

بقي عندنا من آل كثير (أل علي) ومن آل مغامر (آل سعيد)، أما البقية فأظنهم خلاص (منتهون) لا أمل فيهم، حتى اللهجة ممسوخة.. أفسدهم المذهب.

أهل فيفاء تجد الصبي والشاب والشيخ محافظنون على شخصيتهم، لغة واعتزازاً بالذات، وثقة في النفس وفنون أصيلة، كأن الله يحفظهم كما حفظ  أهل الكوفة، فأهل الكوفة بقي فيهم حب أهل البيت (رغم تقاعس القبائل ووجود نواصب) لكنهم بقوا على هذا الولاء رغم تعاقب الدول وتوالي المصائب.. أهل فيفاء كذلك.

لا أطيل عليكم..

أهنيء الابن ماجد بزواجه سائلاً الله له التوفيق...

وأقول: رحم الله والدك يحيى  ورحم من كان سبباً في التعارف.. جدك وأبي رحمهما الله.

حافظوا على صداقات آبائكم، فهذا من البر بهم بعد موتهم، وهذا من غاية (التعارف) القرآنية (لتعارفوا)..

فلا تهملوا غاية قرآنية وصلت إلى بيوتكم.

 


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=765
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29