• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الذاتية والشريعة! - الجزء الاوّل .

الذاتية والشريعة! - الجزء الاوّل

تغريدات "فضيلة الشيخ حسن بن فرحان المالكي" 

لتاريخ: 16/4/2014

جمعها "محمد كيال العكاوي"

 

 


الذاتية متلقى أودية الجهل والشرك والكفر والنفاق.
الذاتية سبب كل ما حدث وما سيحدث من فساد في الأرض.. فما هي الذاتية؟
الذاتية من الذات ، أي غلبة الذات على الحقيقة.. وبما أن الشريعة حق؛ فغلبة الذات عليها - بحيث يتم إخضاع الشريعة للذاتية - هذا من الشرك والكفر.
وللذاتية صور وأشكال منها:
1- وضع أحكام بشرية تلصق بالشريعة.
2- استبعاد أحكام شرعية.
3- تضخيم ما هونه الشرع أو تهوين ما عظمه.

وسنضرب أمثلة:
أما الأمثلة على الصورة الأولى - وهو وضع ما لم تضعه الشريعة - فهذا كثير جداً في التراث العقائدي ، كتلك الفتاوى بقتل المخالف مثلاً، هذا حكم ذاتي، بمعنى أن الله شرع قتل قاتل النفس تعمداً، وقتال الباغي والمفسد في الأرض (حرابة) من قطع طريق.. الخ
أي زيادة على الله هو حكم ذاتي نابع من الذات، وهذا شرك.. لماذا؟
لأن المشرع لقتل المخالف أو معاقبته على رأي أو مذهب هو استدراك على الله نفسـه واتهام للشريعة بالقصور في استيفاء العقوبات، وهذه الذاتية في زيادة أحكام شرعية! (أي وضع قوانين وضعية مذهبية) هي أخطر ما أصاب المسلمين من الشرك من قديم.. وعدم مراقبته شرك آخر.. لماذا؟
لأن وجود هذا الذاتية القديمة ( وهو تلك الزيادات والاستدراكات على الله) شرك، والمدافعة عنها ذاتية أخرى = شرك، فاجتمعت الذاتيتان = الشركان!
هنا يجب التذكير بأننا لا نكفر أحداً، كل من نطق باسم الإسلام ولو كاذباً منافقاً فله حقوق المسلم، لكن هذا لا يمنع من توصيف الفكرة بأنها شرك.
كل كتب الفقه والعقائد والتفاسير عند سائر المذاهب لا تخلو من الذاتية، سواء الذاتية الفردية أو الجماعية ( المذهب) أو السياسية أو الاجتماعية.
ما سر كون الذاتية شركاً؟
لإنك عندما تشرعن لنفسك أو مذهبك أوهواك أوحزبك ..الخ فهذه ذاتية، يعني تريد مشاركة الله في التشريع.. تكون معه إلهاً!
شرك الذاتية خاص بالشريعة، فلا يشمل تقنين الأمور الدنيوية - قانون مرور، قانون تجاري الخ - فهذا لا يدخل في الذاتية لأنه ليس تشريعاً في الدين.. ومن حبائل الشيطان العجيبة أنه يدفع الذاتيين -المشركين لأهوائهم ولأسلافهم في التشريع - ليكونوا أكثر الناس إنكاراً لأفعالهم (القوانين الوضعية)!
والأعجب من ذلك أن الشيطان يدفعهم لتكفير أصحاب القوانين الوضعية الدنيوية خارج موضوع الشريعة، وتكفيرهم لهم هو في حد ذاته من الذاتية..
نعم صحيح أن القوانين الوضعية لا تعاقب الزاني مثلاً بالجلد كما هو شرع الله، ولكن الذاتية قد رفعت مستوى عقوبة المحصن إلى الرجم = وهو حكم ذاتي.
صحيح أن الذاتية ( الإسلامية) تنكر على القوانين الوضعية أنها لا تقطع يد السارق، لكن الذاتية الإسلامية أكثر جرماً لقطعها الضعيف وتركها الشريف!..الذاتية الإسلامية ( المذهبية) أكثر ظلماً وكفراً من الذاتية المستوردة، لأنها تظلم بالشرع الإلهي وتجعله كله ذاتياً، وتلك تعدل بالكفر الأوروبي.
إذاً فمن نماذج الأحكام الذاتية القديمة:
1- رجم المحصن ( وفي القرآن جلد).
2- قتل المرتد ( وفي القرآن لا إكراه).
3- قتل المخالف في المذهب.. الخ
ومن الأحكام الذاتية بعد ذلك:
1- الاستتابة (قولهم يستتاب،وهذا حكم ذاتي وضعي، فالقرآن فيه عرض التوبة فقط دون الإلزام بها لأن الدين لله).
2- ترتيب أحكام على ( السني والبدعي) في الزواج والبيع والشراء والمعاملة ..الخ وهذه كلها أحكام ذاتية ( وضعية) لأن السنة والبدعة أمر نسبي وغيبي.
نكتفي بهذا القدر من حالات أو صور (الذاتية الأولى)، أي وضع أحكام ذاتية ومشاركة الله في التشريع، من تحليل لمحرم أوتحريم لمباح، وهذا شائع جداً، فكل حكم مذهبي أو فردي أو اجتماعي أو سياسي أو حزبي يتم إلصاقه بالشريعة فهو (ذاتي)، وكل ذاتي يلصق بدين الله فهو مشاركة لله في التشريع = أي شرك!، والذي يمنع الفقهاء والدعاة والباحثين من تنظيف ( التراث العقائدي والفقهي) من هذه الذاتيات ( الشركيات التشريعية) هو ذاتيات أخرى، كحب السلف!
إذاً حب الفقهاء للسلف لدرجة أنهم يحمون (شركياتهم التشريعية) فهذا الحب شرك أيضاً (
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ)..
فإذا وجدت فقهياً أو داعية وقلتَ له:
أين شرع الله قتل المختلف معك في الرأي أو المذهب؟
ثم ذهب لأقوال السلف في قتل المبتدع، فهذا مشرك بلا شك!..

إذاً فهذه الذاتية ( حب الذات/ الأنا/ المذهب/ السطوة/ العظمة...) هي أنواع شرك لا تحصى، والإسلاميون أكثر الناس تهوكاً فيها، وليس فيهم من ينصح.
هذه الذاتية أي العظمة.. الفخر.. السكرة بالأسلاف.. حبهم كحب الله.. الغيرة عليهم أكثر من الشرع.. تشريع اتباعهم وأن زادوا على الشرع ونقصوا منه.. هذا شرك!
ومن خلال تتبعي للتراث وجدت هذا الشرك (الذاتية المتعظمة) قد صاحب المسلمين من أيام النبوة، وقاومها القرآن بكثافة، ولكنهم عظماء لم ينصاعوا!.. والآيات في بيان هذه الذاتية ( العظمة/ العناد/ حب العادة = الطاغوت ) كثيرة جداً، وفي حق مسلمين، ولا بأس أن نذكر نموذجاً كما في قوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ).. فهؤلاء مسلمون في الظاهر، فماذا يريدون؟
نكمل الآية:
(يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ).. والطاغوت هو ما كانوا عليه قبل إسلامهم، وهو خاص بالتحاكم تقريباً، فما هي أسس التحاكم قبل أن يسلموا؟
هي الذاتية (القبيلة/ العظمة/ ما عليه السلف)!
نكمل الآية 
(وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) [النساء]
هذا هو الشيطان الذي نحذرهم منه، فهو وراء كل ضلالاتهم!.. والضلال البعيد هنا ما معناه؟
هو أن يكون المعروف منكراً كتوحيد الله في التشريع ، ويكون المنكر معروفاً كتحكيم السلف والعادة والآباء = الطاغوت.
يعني نصبح نحن مبتدعة ضلالاً لأننا نقول لهم(الدين كله لله) فلا تستخدموا دين الله في الشرعنة لأمراضكم وأحقادكم وجهلكم، ويصبحون هم حماة الدين!.. فهذا هو ( الضلال البعيد) الذي أوصلهم الشيطان إليه، ولذلك هم أكثر حقداً وقتلاً وتفريقاً بين المؤمنين وتغييباً للكتاب وإشهاراً للأسلاف!
والقرينة القريبة في هذه الآية على ما نقول أننا نحذر من الشيطان - الذي حذر الله منه، وهم يحذرون من المخالفين لهم = الذين حذر منهم أسلافهم!.. فالعامي يستطيع أن يعرف من هو أكثر الناس قرباً من تأكيدات الكتاب وتحذيراته؟
أهم القلة الضعفاء أمثالنا؟.. أم الكثرة الأقوياء أمثالهم؟
فتش وانظر!
أما النوع الثاني من الذاتية ( وهو استبعاد أوامر إليهة أو شرائع قرآنية) فهذا أوضح من الأول..
مثل التفكر والشهادة لله والاعتصام بحبل الله.. الخ
وما النوع الثالث من الذاتية:
وهو تهوين ما عظمه الله ( كسفك الدماء والكذب ..الخ) أو تعظيم ما أهمله الله كالقات والإسبال واللحية والدخان.. الخ.


الخلاصة:

أن ( الذاتية) التي هي من الشرك، داخلة في صميم ثقافتنا من جميع الاتجاهات..
تعظيم الصغائر، وتصغير العظائم والإضافة والحذف  واللعب كله..
هذه الذاتية لا ينتبه لها أكثر الناس، فلم نتعلم محاسبة الذات، ولا معايير الموضوعية والحقيقة..الخ
هذه الذاتية فتنة داخل النفس، وهي أس البلاء.
حتى المتصوفة لا ينتبهون لكثير من الذاتيات المتسربة من التراث، وهذا التراث يجب أن يتم إخضاعه للقرآن.. لكن هذا الإخضاع لن يسمح به الشيطان.
بل حتى ( القرآنيين) دخلت عليهم الذاتية وأصبحوا ينكرون كل الحديث والرواية والتاريخ ... هكذا مكابرة دون بحث.. وهذه ذاتية، فالذاتية ضد الموضوعية..
الذاتية سلاح الشيطان في توجيهك لعبادة نفسك ورغبتك وهواك فانتبه
الذاتية عند كل المذاهب وبنسب متفاوتة، فالشيطان عدو للجميع، فاتخذوه عدواً.

 

الذاتية و الشريعة! - الجزء الثاني


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=619
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19