• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : مقالات وكتابات .
                    • الموضوع : حكم بالجنة والنار للنص فقط .

حكم بالجنة والنار للنص فقط


النص فقط هو من يحدد أهل الجنة وأهل النار سواء كانوا أفراداً أو أحوالا متلبسة بهم من غلبة ظلم أو كفر الخومن نماذج الأفراد التي ذكر النص أنهم من أهل النار فرعون وأبو لهب ونحوهم.. وردت نصوص قرآنية خاصة فيهم، أنهم من أهل النار.
وهناك من ورد أنهم من أهل النار أو قادة إلى النار من نصوص حديثية وهذه لا تلزم إلا من يؤمن بها فقط، لأنه يخشى على نفسه من الكفر بالنص.

كما أن هناك نصوصاً قرآنية وحديثية في أفراد من أهل الجنة... أو إخبار قرآني أو نبوي بذلك، والنصوص القرآنية لا مجال لردها، أما الحديث فبحسبوإذا أردت معرفة أهل الجنة وأهل النار فلا تعتمد على عقيدة ولا حديث ظني الجأ إلى القرآن نفسه وستجده يدلك على أهل الجنة، من أي فرقة أو دين. كما أن القرآن سيدلك على أهل النار من كل مذهب أودين.. فالجنة والنار لا علاقة لهما بالأسماء وإنما بالأعمال، بحقائق الأسماء.. وذلك انتبهواانتبهوا ليس كل من أسميناه مسلماً يدخل الجنة ولا كل من أسميناه كافراً يدخل النار فالأمر مرتبط بالعمل لا بالاسم فالله لا ينخدع بالألفاظ.

وقد تنافست المذاهب الإسلامية في (احتكار الجنة) ووضعت أحاديث وشواهق من العقائد... كلها تتهاوى أمام آية كريمة، فلا تغتروا بالاسماء والألقابفمثلاً : بعض المسلمين يحكمون لكل الصحابة بالجنة وكل المذاهب العقائدية بالنار بناء على ماذا؟ بناءعلى روايات وعقائد وليس على القرآن الكريموبعض المسلمين المضادين لهم يحكمون على المذاهب التي لا تلتزم بعقائدها بأنها من أهل النار، وأن بعض الأئمة يدخلون كل محب لهم مهما عمل!

القرآن ليس مع هذا ولا هذا.. القرآن يركز على العمل سواء في حق أهل الجنة أو أهل النار وخاصة التقوى (كف العدوان) أخذاً أو تركاً. فالمتقي (الممتنع عن الاعتداء) هو في الجملة من أهل الجنة من أي مذهب أو دين بدلالة آيات كثيرة جداً، أهمها الآية التالية فتدبروها جيداً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْعِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13] انتبهوا هذا في حق كل مولود من ذكر وأنثى وليس خاصاً ببعضهم. فالأتقى هو ( كل مولود من ذكر وأنثى) وبقي تعريف تعريف التقوى ، وجاء في عدة آيات أهمها أنه ( من جاء بالصدق وصدق به) كما في قوله تعالى: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [الزمر: 33] هذا هو التعريف القرآني فاتركوا ذلك التعريف المذهبي  وعلى هذا فمن جاء بالصدق وصدق بالصدق فمن المستحيل أن يكون معتدياً إنما يعتدي من يأتي بالكذب ولا يقبل الصدق! راجعوا مقال (عالمية القرآن) والله قد ذكر أنه (إنما يتقبل الله من المتقين) وعلى هذا ليس كل عابد متقياً ولا كل مسلم متقياً ولا كل من ليس بمسلم متقياً.. وهكذا..

ورسائل الأنبياء جميعاً هو ( أفلا تتقون) حتى الإيمان بالله وبالكتب وبالرسل ذكر القرآن أنها من وسائل التقوى، وأن التقوى هي الغاية. ولا تناقض كما يتوهم البعض بين آيات القرآن، ,إنما الشيطان يوهمك. ولكن الانحراف عن ( عالمية القرآن) بدأ مبكراً فحصل (التعنصر) بالإسلام ثم (التسايس) به ثم التمذهب به ثم التكاذب به ثم التقاتل به! أما المرحلة الأولى وهي (التعنصر بالإسلام) فزعم المسلمون - في الجملة- أنهم هم وحدهم المسلمون! وغفلوا عن أن الإسلام دين الأنبياء جميعاً. ومثلما حَرَف أتباع الأنبياء مسار إسلامهم، واتبعوا الأحبار والرهبان واتخذوهم أرباباً من دون الله،فقد حرفنا مسار إسلامنا أيضا وفعلنا فعلهمكل ما فعله اليهود والنصارى فعلناه ، فقد اتبعنا سننهم كزعم كل حزب بأن الآخر ليس على شيء! (وهم يتلون الكتاب) ولكن لا يبصرونه ولا يعقلون!

فلذلك تم إنتاج كتب العقائد عند كل مذهب، وكل مذهب يزعم أنه الفرقة الناجية والآخرون في النار، وهذا الحكم بالجنة والنار هنا مذهبي لا قرآني. (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) [البقرة] والآيات في هذا المعنى ( في تحريم احتكار الجنة) كثيرة ومعروفة. أنا أعرف أن الشبهات على ( عدالة الله) قد كثفها الشيطان على مدار اربعة عشر قرناً، وأنه صادف هوىً في النفوس وأشبع كبرها فعنصر فيها الإسلام.

أي جعل المسلمين (يتعنصرون) بالإسلام كأنه لهم ليس لله ووضعوا أحاديث في تعريفه ونسوا التحديدات القرآنية له التي تجتمع في ثلاث محاور وهي:
1- الإقبال على المعلومة بصدق = ضد التولي
2- التسليم بالمعلومة الصحيحة = ضد الكفر
3- عمل الصالحات هذه هي أركان الإسلام القرآنية المهجورة.

ولعل المسلمين هم أكثر الأمم إدباراً عن المعلومة وأشدهم كفراً بالمعلومات الصحيحة كهذه الآيات التي أسردها ولا يصدقون بها وهم الأكثر معصيةلكن الشيطان قد عنصرهم، ثم مذهبهم وأفسدهم بالمعاصي الكبرى، من ظلم وكذب وكبر وفخر وغرور وتفرق واتباع خطوات الشيطان وكراهية للسلم الخ. تلفتوا في هذا العالم الفسيح من أكثر الأمم تقاتلاً وتنازعاً؟ المسلمون من أكثر الأمم تكذيباً بالحق؟ المسلمون من أكثر الأمم ظلماً؟

المسلمونإذاً فقد فاز المسلمون بالاسم والتحلي بالألقاب وفاز الآخرون بأركان الإسلام القرآني الحقيقية، وبلا وحي وإنما توصلوا إليها بالعقل والنظر. لذلك ربما يحق لنا أن نقول: المسلمون مسلمون بالاسم ،كفار بالحقائق في الجملة وغيرهم مسلمون بالحقائق في الجملة، ولا يعرفون الاسمربما نتفاجأ يوم القيامة بنتيجة مخيفة خلاصتها (أن المسلمين كفاراًوالكفار مسلمون)! ثم نقول (ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً)!

التقوى هو المعيار بثنائية (العدل والظلم)ا فإن حققته فأنت ناجٍ وأن تركته فستأتيك المفاجأة يوم القيامة! اسمع المفاجأة في هذه الآية: (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةوَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) [الزمر ] انظر المفاجأة هنا! (بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)! وتذكر أن الخطاب في (حق الذين ظلموا) ولا يجوز حصرها في (الذين كفروا) فالكافرون (هم الظالمون) هذا تعريف الله للكافرين فانتبه، لا تغتر! في القرآن (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة، 254] وليس فيه (والظالمون هم الكافرون) مع أن اللفظين متحققان في أكثر المسلمينفالله يقول (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) والمسلمون يتعدون حدود الله، وللحدود معنى قرآني قد نذكره.

وقال تعالى (فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [آل عمران] والمسلمون يفترون.. وقال (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة] والمسلمون لا يحكمون بما أنزل الله. وهذا يشترك فيه الفقهاء والسلاطين فأحكامهم مذهبية، فلا تطمئن أنك لن تكون من الظالمين الذين (بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)!

وهذه الآيات في المسلمين أكثر من غيرهم وهي (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْمُعْرِضُونَ  وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)! وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْنِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُبَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) [الحجرات : 11] فالمسلمون متصدرون في هذه الأمور بلا منازع!

إذن أعيدوا قراءة الآية (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِالْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر : 47] انتبه لا تتفاجأ يوم القيامة!
من كثرت مفاجأته في الدنيا قلّت مفاجآته في الآخرة! ومن أصم أذنيه وعينيه عن سماع بيان الله سيقول يومئذ (ربنا أبصرنا وسمعنا)! وأنتم أحرار.

بل حتى آيتان ورد فيهما لفظ (هم الكافرون) هي أقرب للمسلمين من غير المسلمين، كل هذا على وجه الجملة، لا نعمم، ولكن قد يكون الناجون هناك أكثرفاسمعوا من هم الكافرون عند الله، بل ( الكافرون حقاً)! اسمع: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَأَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍوَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ... [النساء ] هذه أقرب لمن؟ لنا أم لهم؟
هل البوذيون يقولون: نؤمن ببعض ونكفر ببعض؟ هل الهندوس يقولون: نريد أن نتخذ بين ذلك سبيلاً؟ أم أن المسلمين أقرب لهذا؟ انتهبوا لمعنى القول!

فالقول لا يشترط أن يكون ملفوظاً قد يكون واقعاً قد يكون قلبياً بدلالة قوله تعالى (وأسروا قولكم أو اجهروا به) ليس كل قول ملفوظ! فانتبهوا!
يعني قد يكون واقع حالك هكذا تأخذ بعض الكتاب وتترك بعض مثلما يترك أكثر المسلمين هذه الآيات ولا يعتدون بها... فعندهم غقائد وأحاديث أقوى!

إذن فلا تتكبر على البوذي والهندوسي والوثني فهو على الأقل ليس من (الكافرين حقاً) ولكن في المسلمين كثير من (الكافرين حقاً)! وفق القرآن! الكافر حقاً - وفق القرآن- هو من يجعل القرآن خادماً لكبره وغروره .. فيأخذ بعض الكتاب ويترك بعضاً ليتخذ بين ذلك سبيلاً.. أما غير المسلم فلاغير المسلم لا يتخذ بعض الكتاب لخدمة مظالمه وإفساده في الأرض وانتهاكه حقوق الناس، هذا مرض خاص بالمسلمين فقط ولذلك قد يتفاجؤون يوم القيامة! الشقي حقاً من يتمنى يوم القيامة أنه كان بوذياً أو نصرانياً في صومعة لم يقتل بريئاً ولم يحرض عليه ولم يشرعن مظلمة.. هذا هو الشقي حقاً..
فاحمدوا الله على هذا القرآن وتدبروه واتبعوه ... وعضوا عليه بالنواجذ.. فهو من يأتي محاجاً عن أصحابه، ولن يأتي غيره لا هذا الشيخ ولا ذاك. واعرفوا أن عدل الله مطلق,.. لن يظلم الناس مثقال ذرة ولا يكلف نفساً إلا وسعها.. ومن وسعك أيها المسلم أن تصدق الله فيما ذكره في كتابه.

من وسعك أن تقول : (ومن أصدق من الله قيلاً) حتى تكون من المتقين الذي يصدّقون بالصدق إذا جاءهم وإذا لم يأتِك من القرآن فمن أين سيأتيك؟

قلت هذا كله، لأنني أجد بعض المسلمين متكبرين جداً باسم الإسلام ومتعنصرين به وكأن الله رب المسلمين اسماً وليس رب العالمين واقعاً.
سيندم هؤلاء المتكبرون بالإسلام الذين يجعلونه من أملاكهم الخاصة بل يجعلون الله ورسوله من الآمرين لهم بالمنكر والظلم والكذب.. ما أكفرهم.

وكما قلت في توقيعي (لا يعرف عدل الله من لا يعرف الله) فأول الدين معرفة الله - كما قال الإمام علي فاعرفوه، ولا تجعلوه مثل شيوخكم في الظلم.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=432
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28