• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الإلحاد الصغير! .

الإلحاد الصغير!


                          الإلحاد الصغير!



إلحاد من ألحد من الخليجيين إلحاد صغير جداً؛ على مقدار ما كانوا عليه من تعظيم حرمة الغناء أو التصوير أو الاختلاط بالمرأة! قد تجد أحدهم يهدم النبوة كلها ويذم النبي صلوات الله عليه وآله لأنه يتصور أنه كان يحرم الموسيقى والجمال؛ لا يجرؤ على نقد ما كان عليه، يذهب هناك؛ وعندما يلحد ملحدنا ينتقل بكرتونه معه؛ كان المذهب قد خلّقه بأخلاق معينة؛ فلا يبحث؛ وإنما يسولف؛ فينتقل للسوالف في ذم النبي بلا بحث ولا منهج؛ لا يجرؤ على نقد مذهبه ولا يستطيع فصله عن الدين؛ قناعته في الإلحاد هي قناعة مذهبه سابقاً بأن الإسلام صغير إلى هذا الحد؛ محصور إلى هذا الحد! أما الملحدون في العالم فإلحادهم كبير، لا يتوقف عند اغنية ولا صورة؛ لهم أسئلة واستشكالات كبرى تصلح مادة للبحث والنظر وتسهم في رفع مستوى العقل.
ملحدونا صغار جداً في الغالب - أحترم الجادين القلائل. كان أحدهم يرى أن ما عليه من مذهب ضيق أو تيار أعمى هو الإسلام؛ ثم إذا ألحد ارتاح وتنفس! هو نفس الكرتون السابق؛ سوالف وكبر وتعالِ وانفتاح مفاجيء على الموسيقى والجمال؛ فيرى أن الإلحاد بهذا أحسن من الإسلام؛ يقصد المذهب الذي كان عليه.
المذاهب عندما تعطل حركة البحث؛ وقمع السؤال؛ وتعطل العقل؛ وتمنع الجمال؛ فالإسلام ليس كذلك - لو بحثتم. تخلوا عن السوالف وتعلموا البحث ثم لكم الخيار؛ أما أن يبقى ملحدنا صغيراً لا شغل له إلا ذم النبي صباح مساء؛ فهذا يعني أنه لم يستفد من الإلحاد؛ كن حراً وابحث واكتشف الاكتشافات الكبيرة؛ ليس الاكتشاف أن تكتشف أن الموسيقى جميلة؛ وأن وجه المرأة ليس بعورة؛ وأن الاختلاط مباح؛ هذه اكتشافات صغيرة تضر المذهب ولا تضر الإسلام.
كن حراً..
كن حراً وابحث من أين أتى هذا الخلل؛ من أين أتى هذا الدمج (بين المذهب والإسلام)؛ هل كل ما تسمعه عن النبي حق حتى تردده؟ اكتشف المنهج في البحث؛ الملحدون في العالم يسهمون بإلحادهم في طرح أسئلة واستشكالات كبرى تسهم في تصحيح النظرة للدين واكتشاف كوامنه التي طمستها ثقافة النفاق في كل أمة؛ الملحدون في العالم متواضعون؛ عندهم استشكالات حقيقية، ومع ذلك يطرحونها بمنهج علمي متواضع؛ أما ملحدونا فأغلبهم صغار جداً! يلحدون لصورة أو اغنية؛ مادام أنك ألحدت فلماذا تتجرأ على النبي فقط؟ وتحمله وزر ثقافة النفاق والمنافقين؟! لماذا لا تتجرأ عليهم وتنقدهم على الأقل فيما أضافوه على الدين؟ لماذا تبقى كسولاً مسولفاً كمذهبك القديم؟ لماذا تبقى في تصديقه بأن الإسلام هو هذا؟
هم من كتموك التلذذ بالجمال والموسيقى؛ لا محمد ولا القرآن؛ نعم؛ من حقك أن تسأل وتستشكل؛ ثم أن تختار بعد ذلك بحرية؛ ولكن كن صادقاً؛ ابحث بجدية؛ وحمل المسؤولية أصحابها الحقيقيين؛ اترك الكسل والسوالف؛ الثقافة النفاقية تفضل أن تحمل أنت  المسؤولية محمداً لا رموزها؛ هي تفضل التستر على رموزها وأثرهم في حرف الإسلام؛ الثقافة النفاقية تريدك هكذا..
إن كنت ولابد ملحداً فألحد بصدق؛ ابحث بصدق؛ افتح الاحتمالات؛ حقق إنسانيتك وانعش عقلك؛ لا تترك المنافقين يستعبدونك في الحالتين - مسلماً وملحداً - أحترم الملحد الذي يستشكل بعلم وأدب على الأديان عامة أو خاصة من مصادرها؛ ولا أحترم الملحد الذي ليس معه إلا ما استقر في عقله من تراثه السابق؛ نعم؛ ما جعل الله كل شيء واضحاً؛ هناك محكمات وهناك مشتبهات؛ هناك آيات وهناك محارات؛ ليبق هذا العقل متفاعلاً متسائلاً مستشكلاً  ينمو دائماً.
الملحدون الصغار لا يلاحظون الأثر السياسي في حرف الدين؛ ولا من يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً من منافقين وحمقى وفاتحين؛ هم الدين عنده تماماً.
بعضهم قد يلحد لحادثة دون أن يحققوها؛ كقصة بني قريظة؛ أو قصة مكذوبة كسبي صفية؛ أو لأحاديث موضوعة في الغناء.. الخ.. اعرف الثقافة النفاقية أولاً؛ اعرف أعداء محمد من؟ اعرف الذين قال عنهم القرآن (هم العدو فاحذرهم)؛ اعرف (السماعين للكذب)؛ اعرف (الذين يؤذون النبي)؛ اعرف هؤلاء وراقب رواياتهم؛ اعرف ما ذكره الله عن سنته في الناس بعد الأنبياء؛ سنة التمحيص والانقلاب الثقافي؛ اعرف أن النبي ليس بدعاً من الرسل؛ وأن أمته ليست بدعاً من الأمم؛ ابدأ البحث من هنا؛ فلعل ما في عقلك وعقول تيارك هو ما زيفه المنافقون أو ضخموه؛ فهم العدو للأنبياء (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً)؛ انطلق من هنا.
لا تظن أنه يكيفك تحميل الله ورسوله وزر ما كذب به المنافقون والسماعون لهم؛ لن يغنوا عنك؛ لا تكفر نتيجة ثقافتهم وما شوهوا به صورة النبي وسيرته؛ ابدأ من الآية 253 مثلاً من سورة البقرة { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)}؛ افهم سنة الله في الأنبياء وأقوامهم؛ حاول أن تفهم أن الخدعة قديمة؛ خدعة إلصاق كل شر بالنبوة؛ إبدأ من غايات القرآن؛  ثم اعلم أن الحساب على الصدق وسلامة القلب (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم)؛ فاصدق؛ (إلا من أتى الله بقلب سليم)؛ فاترك الكبر.
هل تدبرت يوماً آية من الآيات التي تخبرك بما سيقع بعد الأنبياء؟ اعرف هذه أولاً؛ ثم يبقى لك حق الاستشكال والترجيح والقناعة ..الخ؛ لكن ابدأ صح؛ لا تبدأ من حدث تاريخي ضخمه المنافقون ليكون لهم حجة؛ ولا من كذبة كسبي صفية؛ ولا من أمر ظني لا تتحققه؛ ولا من تحريمهم الغناء ووحشتهم من الجمال؛ ذكرت قبل قليل الآية 253 من سورة البقرة؛ فيها سنة الله في الرسل ومن بعدهم؛ هل يستطيع أحد أن يقول بمنطوقها؟
الجواب: كلا؟
السؤال: لماذا؟
خذوها معكم وتدبروها
{ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) } [البقرة: 253]؛ حاول تتدبرها بصدق؛ وتتعرف على الانحرافات الأولى؛ فهي سبب الإلحاد اليوم.
اقرأ الآيات في غايات رسالات الأنبياء؛ ثم مصير تلك الرسالات إلى الضد من تلك الغايات؛ ابحث عن الفاعل؛ وستجده سبب هذا كله .
أيضاً؛ فرّق بين الغايات العظمى للأديان والتشريعات المرتبطة بتفاعل الواقع؛ لا تشغلك التشريعات وتفاصيلها عن الغايات؛ غايات الأديان واحدة لا تتغير؛ لك الحق أن ترى أن بعض التشريعات ربما لها ظروفها؛ كالعبيد وملك اليمين ..الخ؛ لكن لا يحق لك أن تجهل الغايات الثابتة وتحصر الدين في المتغير؛ إن كان ولابد؛ فكن ملحداً صادقاً باحثاً متسائلاً متواضعاً؛ ولا تكن ملحداً بالغباء السابق نفسه؛ أي فائدة ستجنيه من إلحادك إن لم يغير فيك شيئاً؟
لا يمنعك الله من شك صادق ومن تساؤل صادق، ولا تخف، قد يكون إيمانك الجميل بعد فسحة من إلحاد؛ إذا علم الله فيك صدقاً لن يضيعك؛ ولكن كن صادقاً.


مواضيع اخرى:

لمطالعة "الغلاة يدشنون الإلحاد والتطرف، ويمنعون من نقدهما بعلم." على هذا اللرابط «««
لمطالعة "قصة شاب سعودي.... من الإلحاد إلى التكفير!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "هل المنهج أهم أم النتيجة ؟؟" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الملحد والإلحاد (1) " على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الملحد الغوغائي والمتمذهب الغوغائي" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "مقدمات قبل مناقشة الالحاد -" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الغلاة يدشنون الإلحاد والتطرف، ويمنعون من نقدهما بعلم." على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الإلحاد والغلو ... يجتاحان الشباب! - الجزء ألثالث" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "كن إنساناً تكن مسلماً!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "ما هو الإلحاد؟؟" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الغلاة يدشنون الالحاد! – ألجزء ألأوّل" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الملحد الغوغائي والمتمذهب الغوغائي" على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1708
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 05 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18