• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الثالث - .

آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الثالث -


آية الجزية... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً!


                                              - ألجزء الثالث -


لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الأوّل -" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الثاني -" على هذا اللرابط «««

لن تدرك حقيقة الجزئيات والتفاصيل مالم تدرك الحقائق الكبرى الحاضنة المهيمنة، منها ستفهم الجزئيات؛ فمثلاً؛ أقوى رد على داعش اليوم، لن يكون قوياً إذا أنت رددت عليها هي بعيداً عن التراث القريب، ولن يكون ردك على التراث القريب قوياً إلا بالرد على التراث الأوسط  (تراث ابن تيمية مثلاً)؛ ولن تكون قوياً في الرد عليه إلا بالرد على التراث القديم (القرن الثالث)؛ ولن تكون قوياً في الرد على تراث القرن الثالث إلا بمراقبة بناته ومروجوه في القرن الثاني والأول؛ ولن تكون قوياً بالرد على أخطاء الرواة هنا إلا بمراقبة الأثر السياسي والنفاقي ..الخ؛ ولن تستطيع معرفة الثقافة النفاقية وخطورة المنافقين إلا من أصح مصدر عند المسلمين؛ وهو القرآن الكريم؛ وهكذا؛ أبدأ باليقين.
لا أقلل من أهمية الرد على داعش ولا على مصادر الغلو، الحديث منه أو الأوسط أو القديم؛ وإنما أقصر طريق وأعلمه وأيقنه هو طريق القرآن؛ فهو يكشف ما لا تكشفه الأحاديث ومصادره؛ ولا التواريخ ورواياته؛ نعم؛ نستفيد من هذا وهذا في المرتبة الثانية لا الأولى؛ الإلمام بما ذكره القرآن هو ألأول. الآن؛ لو تأتِ داعش وتقول لها: لماذا تفرضين الجزية على المسيحيين؛ سيقولون لك هذا فلان وفلان من العلماء يقولون كذا وكذا؛ ولو تأتيهم لقالوا سبقنا المسلمون إلى ذلك في فتوحاتهم؛ وهذا عملهم؛ فيصبح الرد على داعش يعني الرد على المسلمين.
الحل أن تبدأ من القرآن نازلاً وتهدم كل ما يخالفه؛ هذه الطريقة - البداية من القرآن - أسهل وأسرع وأعلم وأصدق، بشرط أن تتدبر بعيداً عن الأفكار المسبقة، وعن عبادة السلف والتاريخ وواقع المسلمين؛ بهذا تستطيع أن تهدم داعش وغيرها؛ جاهدهم بالقرآن (وجاهدهم به جهاداً كبيراً)؛ الإسلام على مفترق طرق، ولا داعي للانتظار والتدرج ومراعاة المشاعر؛ مثلما راكم المسلمون أوهامهم ونقلوا من بعضهم؛ يستحقون هدم ما بنوه من زخارف الأقوال والأعمال؛ كل تأخر في تبرئة الإسلام نرتكب فيه الإثم العظيم؛ لا يجوز أن نتأخر دقيقة واحدة من أجل تاريخ نعظمه أو أشخاص نغلو فيهم؛ تعظيم الإسلام الأول أولى من تعظيم هذا التاريخ لهؤلاء الأشخاص؛ عبادة الله لا تحتمل التأجيل؛ لا يجوز أن نؤجل عبادة الله ليشبع الشيطان وأولياؤه والمغترون بهم من عبادتنا لهم؛ الشيطان لن يشبع من عبادة الناس؛ لو نعبد الشيطان مئة قرن من اليوم، لن يشبع أيضاً؛ حتى لو طلبناه أن نعبد الله سنة واحدة، شهراً واحداً، لن يرضى أبداً..
لذلك؛ لنترك عبادته من الآن؛ لنسمع قبل فوات الآوان: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)}! هل تظنون أن عبادة الشيطان تعني الصلاة له والصوم له الخ؟ هكذا يريد أن يقول لنا؛ لا تصدقوه؛ عبادته طاعته في مشروعه الخماسي ويفعلها كل بني آدم؛ من أطاعه في مشروعه  فقد عبده؛ والمشروع هو:
1- العداوة.
2- البغضاء.
3- السوء.
4- الفحشاء.
5- أن تقولوا على الله ما لا تعلمون.
تفرجوا اليوم! كل من وجدتموه اليوم يطبق خصلة واحدة من هذه الخصال الخمس، فهو يطبق الخصال الخمس كلها، ومن تعبد بها فقد عبد الشيطان؛ العبادة = طاعة/ خضوع/ الخ؛ القليل من المسلمين من يحاول أن يزحزح هذا المشروع الشيطاني الخماسي عن كاهل الإسلام والمسلمين والناس أجمعين؛ قليل جداً من يفعل هذا؛ والشيطان لا يتحرك بمفرده، أنتج أولياء متنوعين في العلوم والقدرات والطياف، فهو من ينسق فيما بينهم وهم لا يشعرون ولا يعلمون ولا يفقهون؛ أولياء الشيطان كثير؛ ومنهم المنافقون والمتكبرون والظالمون والمفسدون والكافرون والمشركون والكاذبون الخ؛ كل هؤلاء من أولياء الشيطان في القرآن؛ ولكن المشكلة الكبرى والعويصة والمعقدة والمستعصية عن الحل؛ أن تعريفات هذه الفئات نأخذها من الشيطان لا من القرآن؛ وهذه أكبر عوائق فهمنا للشيطان؛ فمثلاً؛ الكافرون في القرآن غير الكافرين عند الشيطان وعندنا؛ المشركون في القرآن غير المشركين عند الشيطان وعندنا؛ المنافقون في القرآن غير المنافقين عند الشيطان وعندنا.. وهكذا.. بل وصل إلى تفسير كامل لألفاظ القرآن وحرف غايات الدين وأفسد المسلمين بالإسلام نفسه عن طريق أوليائه؛ فالمشكلة معقدة جداً، وسبب تعقيدها أننا لم نطع الله؛ قال (اتخذوه عدواً) فلم نتخذه عدواً؛ قال عن أخطر أوليائه (هم العدو فاحذرهم) لم نحذرهم.. الخ.
مشكلتنا أكثرنا كمشكلة أكثر أهل الكتاب تماماً؛ قال لنا ولهم (خذوا ما آتيناكم بقوة)؛ فلم نأخذ ما آتانا بقوة؛ بل باستخفاف؛ فكانت العقوبة ما ترون؛ لذلك؛ نحن نحاول في (موضوع الجزية) أن نأخذ ما آتانا الله بقوة؛ من دراسة هذا الموضوع قرآنياً؛ وكشف التحالفات العريضة التي غيرت دين الإسلام؛ والمغيرون دين الإسلام هم المبطلون لغاياته؛ هم الذين حولوه من دين صدق وعدل ورحمة..الخ  إلى دين كذب وظلم وقتل وعذاب؛ والنتيجة واضحة أمامنا؛ ليست داعش وحدها؛ إنما أخذت إجرامها ممن سبقها؛ ومن سبقها ممن سبقهم؛ وهكذا حتى تصل الخيوط كلها في أيدي الشيطان؛ والمغيرون للدين لا يعلمون أصلاً؛ نعم؛ لا يعلمون أنهم يغيرونه، هذا في الغالب الأعم؛ فالمنافقون - وهم أوضح أولياء الشيطان - قد ذكر الله عنهم أنهم: لا يعلمون؛ لا يشعرون؛ لا يفقهون؛ فلا تقل لي إن داعش مخلصون وصادقون مع أنفسهم؛ نحن لا نشكك في صدق معظم الدواعش والغلاة؛ قديماً وحديثاً؛ لا نشكك في هذا أبداً، لكن هناك سر شيطاني؛ السر الشيطاني هنا؛ أن الشيطان تجاوز بهم الإشارة الأولى فقطعوها، ثم عظمهم بالأدب وعلمهم الإخلاص عند الإشارة الثانية!
هل فهمتم ما أريد؟
بمعنى؛ أن الشيطان ساق المنافقين بعصاه عن أول الواجبات - وهي واجبات الملكات/ السمع والبصر والعقل والفؤاد - وهي أمانات عظيمة، لكنه أسرع بهم هنا؛ قطع بهم هذه الإشارة، فلما تجاوزوها، وأصبحوا (لا يعقلون/لا يعلمون/لا يشعرون/لا يفقهون)؛ أوقفهم  بعد ذلك على الإخلاص في العمل والصدق!
مكر كبار.
ولذلك قال عن (الأخسرين أعمالاً) أنهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؛ أي يتقربون إلى الله بأبلغ معاصيه وبضمير!
نفسية داعش هي نفسية عامة أصابت أكثر الأولين تقريباً؛ شعور بالصدق والإخلاص وارتكاب التضحيات والمشقة ...الخ؛ ولكن بعد أن قطعوا الإشارة الأولى.
أمانات السمع والبصر والعقل والفؤاد لها مادة ضخمة في كتاب الله؛ لم نأخذها بقوة؛ أخذناها باستخفاف وعجلة وكبر، فأملى الله لنا وهو خير الماكرين؛ نحن من نتحمل المسؤولية لا الله؛ ولا كتابه؛ ولا رسوله {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}؛ لا سمعنا ولا أبصرنا ولا عقلنا ولا تدبرنا ولا تحركت ضمائرنا مع شدة التحذير والبيان {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22)} [الأنفال: 21، 22]؛ ونتيجة ذلك؛ أننا لم نحذر مما حذر الله منه؛ لا الشيطان اتخذناه عدواً؛ ولا المنافقين حذِرْنا منهم؛ ولا نهينا النفس عن الهوى؛ ولا كنا مع الصادقين.. الخ؛ وهذه سنة عامة في الأمم السابقة؛ قص الله علينا من قصصهم، ولم نعتبر؛ بل سلكنا سبيلهم، حذو النعل بالنعل؛ ومن عهد النبي نفسه (وخضتم كالذي خاضوا)؛ فمثلاً؛ هذه الآية (وخضتم كالذي خاضوا) من يؤمن بها منا؟ وهي دليل على أننا لم نأخذ ما آتانا الله بقوة؛ وإنما باستخفاف..
اسمعوا الآية كاملة {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(69)} [التوبة]؛ هذا هو التاريخ الذي ينقله القرآن!
القرآن كشف لنا الماضي والمستقبل مروراً بساعات النزول، لنصحو ونعتبر؛ لكن روايات التاريخ المعدّل عندنا أقوى من إخبار الله لظاهر التاريخ وباطنه؛ لذلك تراكمت الأوهام وتزايدت الروايات تحت الروايات واستظهروا بالإمهال؛ وقالوا لولا أنه حق لما كان كذا؛ ثم حاق المكر السيء وانعطفت أضرار العجلة؛ فانهدم المبنى بأهله، ونجع المعنى عن أصله، وقست القلوب عن التضرع، والدهماء جمع، والبصير فرد، والحيرة في المخرج، والحمل ثقيل، والحريص أقل القليل.
التجديد لا يكون نافعاً إلا إذا أزاح أكبر قدر ممكن من أسباب التخلف والجهل والظلم؛ الأمم التي تقدمت جددت من لا شيء، لم يكن لها سند يدعمها، أما المسلمون؛ فعندهم كتاب الله؛ لكنهم لا يأخذونه بقوة؛ يأخذون ما ضاده بقوة!
ومن هنا؛ لا تنتظر (احتراقاً) يدفع المركبة للإمام؛ لابد من احتراق مفيد؛ ليس المطلوب - لا علمياً ولا واقعياً - إدانة كل ما مضى؛ كلا؛ لا يخلي الله أرضه من قائل بحق ولا حجة ناطقة؛ لكن المطلوب إحياء (القليل الطيب)؛ وهو موجود.
القليل الطيب - من المعلومات ومن الناس - غمرهم كثرة الخبيث؛ فلنمط (كثرة الخبيث) ولو أعجبتنا؛ ولنبحث عن (قلة الطيب) ولو أتعبتنا؛ الارتفاع شاق.
القرآن الكريم فيه من دافعية الأخلاق والمراقبة وموازين القسط مالا يوجد في أي ثقافة أخرى؛ لو لم يكن في القرآن إلا (مراقبة الله وخشيته) لكفت؛ لكن اشيروا لي على الذين يراقبون الله ويخشونه من المسلمين؟ قليل جداً؛ المسلمون فقراء من مراقبة الله في السر والعلن، متشبعون من مراقبة الناس؛ ولا أزكي نفسي أبداً، فكل ما أذم به المسلمين مما أراهم فيه، فأنا منهم؛ فلا يغتر بي أحد، خذوا ما نقوله ولا تنتظروا تصديق الأفعال..
والله المعين.
كانت هذه مقدمات للاستعداد لما سننقله من دلائل (الحلف العريض) وآثاره على الإسلام وأهله، وحتى لا تتفاجأ بالمعلومات القادمة؛ فقد تكون صادمة. في الجزء الرابع سنبدأ بذكر دلائل الحلف العريض من سورة التوبة فقط - التي فيها آية الجزية -
والقليل جداً قد نذكره من غيرها.


يتبع..
لمطالعة "آية الجزية ... والمعنى الذي غاب عن التنويريين والمقلدين معاً! - ألجزء الرابع -" على هذا اللرابط «««

مواضيع أخرى:

لمطالعة "ما كتبه الرومان عن تاريخ العرب والمسلمين... هل هم أصدق أم نحن؟!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {ألجزء الأوّل}" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "في ذكرى المولد النبوي: - معلومات مجهولة -" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "عالمية القرآن - الجزء الاول" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "المسلمون يضيعون غايات الإسلام!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "مأساة الباحث الصادق مع أعداء النبي!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {ألجزء الأوّل}"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "سر حذيفة بن اليمان - الجزء الأوّل" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الزيف كان كبيراً في المسلسل الأخير( الحسن والحسين )" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "لن يصلح هذه الأُمة ما أفسد أولها !"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "معنى الروافض." على هذا اللرابط «««
لمطالعة "سن عائشة بين المحققين والمقلدين!"على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1691
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28