• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الدين أم الأمة .... أم هما معاً؟ حوار س - ج (ألجزء الثاني) .

الدين أم الأمة .... أم هما معاً؟ حوار س - ج (ألجزء الثاني)


                الدين أم الأمة .... أم هما معاً؟
                          حوار س - ج

                                          (ألجزء الثاني)


لمطالعة "الدين أم الأمة .... أم هما معاً؟ حوار س - ج (ألجزء الأوّل)" على هذا اللرابط «««

س: لفت نظري نقلكم للآية عن بني إسرائيل (وأني فضلتكم على العالمين)؛ لماذا لم يفتخروا كما نفخر؟
ج: قد افتخروا بأكثر من هذا؛ فقالوا (نحن أبناء الله وأحباؤه): (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)؛ وأمتنا الإسلامية المتكبرة المتفاخرة سارت على نهج القوم؛ فتعنصروا بالإسلام وتفاخروا به؛ وكأن الدين لهم لا لله؛ والدين كله لله، ليس لنا منه شيء.

س: لكن سؤال ، الله قد فضل بني إسرائيل على العالمين، أليس في هذا تفضيل لهم على الصحابة والمسلمين؟
ج: هذا منطق مفضلي القرون الأولى والصحابة؛ أي يلتفتون لآيات الثناء والتفضيل ويتركون آيات الذم والعقوبة والوعيد .. إضافة إلى أن التفضيل يكون نسبياً لكثرة الرسل والآيات ونحو ذلك. مثلما توفر لابن من أبنائك وسائل النجاح من تعليم ونحوه؛ بينما أخوانه الآخرون يكدون معك، فتقول له: أنا فضلتك على إخوانك؛ فاعمل بموجب هذا؛ وليس التفضيل لصالح أعمالهم؛ أي فضلهم بما اختصهم به من الرسل والآيات؛ فالتفضل هنا من الله، وليس لفضل فيهم؛ فهم لم يقوموا بواجب هذا التفضيل بعد؛ ولذلك؛ الله ذم بني إسرائيل كثيراً؛ وهذا دليل على أن الأمر تفضيل لا فضل؛ أي فضلهم بأمور ولكنهم لم يكونوا فضلاء؛ كمثال الابن الذي ضربته سابقاً.
س: فهل نفهم من هذا أن قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس ) مثل (وأني فضلتكم على العالمين)؟
ج: قريب منه؛ بمعنى؛ أن (كنتم خير أمة) إخبار عن خير مشروط بثلاثة أمور لم يقم المسلمون بها؛ وتفضيل بني إسرائيل تفضيل مسبق ليعملوا الخير؛ فلم يعلموا ولم نعمل؛ (لتسكن سنن من كان قبلكم).
س: تعني أن أمتنا كأمة بني إسرائيل؟
ج: تماماً تماماً. والنص المتواتر يشهد (لتسكن سنن من كان قبلكم ... حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
س: يعني أن هذه الأمة لا تختلف عن الأمم السابقة؟ هل يعقل هذا؟
ج: نعم؛ لا تختلف؛ هم ليسوا سواء؛ ونحن لسنا سواء؛ لكن القليل هو الشكور؛ فيهم وفينا.
س: لكنك استدللت بحديث ( لتسكن سنن من كان قبلكم)، وأنت تقول : لا أستدل بحديث إلأ وله حاضنة قرآنية، فأين حاضنته القرآنية؟
ج: في سورة فاطر: { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)} [فاطر]
فنحن كبني إسرائيل كما ترى؛ مكراً واستكباراً وكذباً وفساداً؛ لكن الشيطان يطمّنا دائماً؛ فقد قام بتعميم (كنتم خير أمة)؛ وأشغلنا عن شروطها؛ ودعمها بأحاديث كثيرة؛ بأننا نصف أكثر الجنة؛ وأننا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود! ما قصّر!
بمعنى؛ كان الشيطان للأمة كعمرو بن كلثوم لبني تغلب؛ ألهى بني تغلبٍ عن كل مكرمة ... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم! كان يعرف حبنا للمدح فأشبعنا منه.
س: أراك تقسو على الأمة؟
ج: هل كان النبي قاسياً عليها عندما قال (لتسلكن سنن من كان قبلكم... حتى لو أنهم دخلوا جحر ضب لدخلتموه)؟
الصدق منجاة.
س: وهل أهل البيت داخلون في هذا؟
ج: قلت لك أن الله قال عن أهل الكتاب (ليسوا سواء)؛ ونحن لسنا سواء؛ ولكن الضلال والجهل والكبر غالب عليهم علينا؛ وأهل البيت مجموعة أفراد قليلون؛ لا أحصر الصلاح فيهم؛ بل شاركهم قليل من الأمة ممن رفضتهم وكفرتهم أو أهملتهم على الأقل. لكن الغالب هو الضلال.
س: تجعل أغلب الأمة ضلال؟
ج: كما أكثر بني إسرائيل ضلال؛ نفس الشيء؛ حذو النعل بالنعل؛ كما في النص وكما في حواضنها القرآنية من سورة فاطر وغيرها. ثم أنا لا أحكم على العامة الطيبين منا ومن بني إسرائيل؛ أنما أعني  الفئات المتنفذة الذين أفسدوا بني إسرائيل وأفسدونا.
س: ماذا أفسدوا؟
ج: كل شيء.
س: كل شيء؟
ج: أفسدوا الدين والدنيا؛ فلا ديننا بقي بالهدى ولا دنيانا قامت بالمعيشة؛ واهتدى الشرق والغرب للدنيا؛ فعزوا وعدلوا  وتعلموا وأنتجوا..
س: فما معنى المعروف في الآية (تأمرون بالمعروف)؟
ج: أولاً: سبق أن قلنا أن الآية لا تشمل كل الأمة؛ وتشبه أن تكون في جزء من المهاجرين فقط؛ وقد ذكرنا القرائن؛ بل وتفسير بعض السلف؛ كعمر بن الخطاب من فئة السقيفة وابن عباس من فئة الغدير.
ثانياً: لو كانت عامة فهي مشروطة بثلاث خصال.
ثالثاً: تبين أن الأمة – بالعموم - لم تقم بواحدة من الخصال الثلاث؛  حتى الذين آمنوا مع النبي؛ لم يقوموا بواجب الإيمان المطلوب قرآنياً - كما سبق.
رابعاً: إذا لم يقم المؤمنون في عهد النبي بواجب الإيمان - باستثناء القليل المغمور - فلن تقوم الأمم اللاحقة بهذه الخصال ما دام أن قدوتهم الأمة التي لم تطبق؛ ولم يُفسد آخر هذه الأمة إلا بما فسد به أولها؛ من الكبر والغرور وحب المدح والتعنصر بالدين وعسكرته والظلم به والاستعباد به ..الخ
س: يعني نحن كبني إسرائيل تماماً؟
ج: تماماً؛ كما في الحديث المتواتر؛ وقد كررته؛ ولا بد أن يرسخ في سمعك ووجدانك حتى تخرج من هذه الخدعة التي خُدعنا بها.
س: اي خدعة؟
ج: خدعة أن الله فضلنا لكثرة إفسادنا وتنازعنا وكذبنا وهجرنا للكتاب وتشويهنا للنبوة وغلونا في حب الظالمين ونهينا عن حب الصالحين الخ.
س: يا رجل؟
ج: هو الواقع؛  ألا ترى؟ تلفت حواليك، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً؛ ألا ترى هذا الفساد كله؟ هل نحن بهذا  خير أمة  أم شر أمة؟
س: والفرس أليسوا مثلنا؟
ج: الفرس والترك هم اتبعونا وخاصة الفرس؛ خرج أكثر تراثنا من الفرس، نحن من علمناهم واتبعونا؛ العرب أصل الفساد في سورة فاطر.
س: العرب أصل الفساد؟
ج: الفساد الأخير يعنى إفساد دين الإسلام وتشويه النبوة وهجر الكتاب؛ والتعنصر بالدين أتى أولاً من العرب؛ لا الفرس ولا الترك.
س: وأين الدليل؟
ج: كررته لك، سورة فاطر وحديث (لتسلكن سنن من كان قبلكم)؛ المخاطبون في الأمرين هم العرب لا الفرس ولا الترك ولا البربر؛ هم تبعونا.
س: بيّن لي استنتاجك من سورة فاطر على أن العرب هم أصل الفساد.
ج: ليست فاطر وحدها؛ كثير من السور - أهمها فاطر - تؤكد على أن الفساد القادم عربي أصيل.
س: دعنا نتدبر الآيات معاً، فهذا الموضوع أول مرة أسمعه!
ج: لا بأس: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ}؛ والسؤال: من هم هؤلاء المقسمون؟ أليسوا العرب الذين ما جاءهم من نذير لا هم لا آباؤهم؟
س: بلى.
ج: فماذا كانت النتيجة؟ {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42)}؛ والسؤال: أليسوا - إلى اليوم - مازالوا أكثر نفوراً ؟
س: نفور من ماذا؟
ج: من كل شيء.. المعرفة.. الآخر.. العلم.. التواضع.. الفضيلة.. السلم.. الصدق.. العقل.. الصالحين.. الخ.
س: ولماذا؟
ج: القرآن يجيبك؛ فاسمع: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ}؛ خصلتان عظيمتان في السوء والنتائج؛ وهذا ما قام به العرب، والنتيجة كانت واحدة ومؤلمة.
س: وما هي النتيجة؟
ج: الجواب في القرآن (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)؛ كل ما مكر به العرب ليرتفعوا عاد على أحفاهم بالذل والهوان والجهل والتخلف؛ بل أصاب سابقيهم أيضاً بالشرور والفتن والعداوة والبغضاء؛ حتى هدموا كعبتهم واستباح آخرهم أولهم وأبطلوا بركة الكتاب.
س: ولم ينتبه أحد لهذه الآية؟
ج: حتى لو انتبه القليل؛ فالبحر بحر، مع الغالبية، والناس الى اليوم كذلك، مع القوة والغالب لا مع الحق والصدق .. ولذلك؛ كانوا فقط ينتطرون قانون الله الذي يسري على الجميع، وقد أخبرهم الله  أن سنة الله قادمة لا محالة؛ مادام أنهم مع الاستكبار والمكر؛ فقال : {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ}؟ ينظر هنا أي ينتظر؛ كقول بلقيس (فناظرة بم يرجع المرسلون)؛ اي منتظرة. فالله أخبرهم ولم يخدعهم؛ لأن سنة الله واحدة؛ لا يحابي أمة علة أمة مادام أنهم اشتركوا في ثلاث خصال:
1-النفور.
2-الاستكبار.
3-والمكر السيء.
وهذه الثلاث فينا بلا ريب؛ وأخبرهم الله - في الآيات نفسها - بأن سنة الله لن تستثنيهم: {فلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}؛ وسنة الله هي قوانينه الطبيعية فيما يتعلق بالإسنان، أو قوانينه الإجتماعية؛ مثلما لله قوانين في الطبيعة فله قوانينه في الإنسان.
ويبقى سر عجيب !
س: ما هو؟
ج: ألا تلحظ أن العرب هم من أخفوا (سنن الله)؟! الناس لا يعلمون هذه السنن ولا يسمعون بها، وربما أنت الآن أول مرة تراها بهذا الوضوح.
س: ولماذا؟
ج: هذا من المكر السيء، بأننا خير الأمم، وأنه ليس فيه مثلنا أبداً، وأننا أمة الله ومحمد والقرآن ... الخ؛ مكر سيء؛ وقد حاق بهم وبنا.
س: لم يخفوا سنن الله؛ فهم يصححون حديث (لتسلكن سنن من كان قبلكم).
ج: لكنهم لا يعتقدون بأن النبي هنا كان صادقاً.
س: أعوذ بالله!
ج: وحوارنا في ماذا؟
س: ما أدري ..
ج: بلى تدري؛ حوارنا هذا على أساس اعتقاد سائد بأننا خير أمة وأننا لن نسلك سنن من كان قبلنا؛ فهل يتفق هذا مع تصديق النبي فيما قال؟
س: اعتقادنا نتيجة نصوص أخرى في فضل الأمة؟
ج: وهذا كذب نتيجة المكر السيء؛ الماكر يكذب في الحديث ويبتر شروط الآيات ويلعب بالناس بثقافة الغرور.
س: يعني أن النصوص في فضل الأمة وخيريتها غير صحيحة؟
ج: هل ترى أن الله يتناقض ورسوله؟ سورة فاطر ويس ماذا قالتا؟ وحديث سنن من كان قبلنا من قاله؟ هل يعقل بأن الله يثني على الأمة ويذمها؟ وهل يعقل أن النبي يفضل الأمة وثم قول أنتم ستكونون كبني إسرائيل؟ هل الله ورسوله يتناقضان؟ أجبني.
س: لا ...لا يتناقضان؛لكن؛ ألا يمكن الجمع بين النصوص؟
ج: وهل حاولنا الجمع؟ نحن نتفاخر ونتعنصر بالدين من القرون الأولى؛ مع ما فينا من جهل وظلم.
س: ولماذا لا تجمع أنت بين هذه النصوص؟
ج: ليس بالضرورة أن نجمع؛ فالنصوص متضادة تماماً؛ مما يعني أن أحدها مكذوب من أجل التخلص من الأخبار التي تحرمنا من المدح.. نحن كعرب نحب المدح؛ نعبد المدح عبادة؛ وإذا وجدنا نصوصاً تتنباً بمستقلنا؛ فمن السهل وضع ما يعارضها والالتفاف عليها.
س: ولماذا لا تكون نصوصك أنت هي الموضوعة؟
ج: سورة فاطر ويس ليستا موضوعتين؛ وشروط آية الخيرية ليست موضوعة.
س: أقصد حديث (سنن من كان قبلكم).
ج: له حواضنه القرآنية؛ وهو أصح من تلم المدائح الموضوعة كلها؛ والواقع يشهد بأن هذه الأمة مكرت واستكبرت وحاق بها المكر السيء حتى صارت كما ترى.
س: يعني كل ما تعلمناه - من أننا أمة مختلفة - لا أصل له؟
ج: نعم؛ هو من المكر السيء؛ والواقع واضح جداً؛ بأن مكرنا انقلب علينا وحاق بنا سنة الله.

يتبع..
لمطالعة "الدين أم الأمة .... أم هما معاً؟ حوار س - ج (ألجزء الثالث)- مناقشة الشروط الثلاثة!" على هذا اللرابط «««

مواضيع أخرى:
لمطالعة "(ما غزي قوم في عقر قرآنهم إلا ذلوا)!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "حرص إبليس وأتباعه على الصد عن سبيل الله" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "هل فكرتَ يوماً أنك قد تكون مجنوناً ؟؟" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "تلك الفئة المثالية.. لتدمير التواصل الإنساني (3)" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "أسرار لا يفهمها الدعاة (3) المعرفة لا الجمهور هي هدف الأنبياء.. فافهم أيها الداعية" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "لماذا المسلمون أكذب أتباع الأديان!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "حب دعاة النار!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "خدعة السلف!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "معرفة الله ..لو عرف الناس الله!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "لن يصلح هذه الأُمة ما أفسد أولها !"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "هل نؤمن بالبعث والنشور؟!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "هل سينصر الله أكذب أمة على وجه الأرض؟؟!"على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1673
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 04 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29