• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : مغالطات - الصلاة على آل محمد .

مغالطات - الصلاة على آل محمد


                مغالطات - الصلاة على آل محمد


يغالط بعض الناس ويقول : كيف نصلي على آل محمد وفيهم السكارى والظالمون؟
يقال: ومن قال لك أن الصلاة تشمل هؤلاء؟ الصلاة على محمد وعلى آل محمد، كالصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ ليس المراد الذرية، فمن ذرية إبراهيم أبو جهل وأبو لهب؛ فهل هم من آل إبراهيم؟
حتى الشيعة الإمامية والزيدية والإسماعيلية - وهم فرق الشيعة الكبرى - لا يقولون أبداً بأن (آل محمد) هم ذريته (من ابنته فاطمه)؛ فمن أين قلتم هذا؟

آل إبرهيم هم الصالحون بالنص؛ كإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى عليهم السلام؛ وآل محمد هم الصالحون بالنص؛ كعلي والزهراء والحسنين.
من أراد إبطال الصلاة على آل إبراهيم سيعممها في ذريته؛ ومن أراد إبطال الصلاة على آل محمد سيعممها في ذريته؛ النسب شيء، والصلاة والفضل شيء آخر؛ الاختلاف في من هم (آل إبراهيم) أو ( آل محمد) متاح؛  فقد توسِّع (الآل) أو تضيقها؛ ولكنها تقتصر على (الصالحين) فقط؛ وهم قليل في هذا وهذا.
الخيارات الجائزة في تحديد (الآل):
1- آل إبراهيم هم من ذكرهم الله من ذريته من الأنبياء، وآل محمد أصحاب الكساء الأربعة.
2- الآل أوسع قليلاً؛ فتشمل الصالحين من ذرياتهم أزواجهم ...
هذا فقط.
أما أن تدخل في (آل إبراهيم) كفار قريش لأنهم من ذريته؛ فهذه مغالطة وعصبية وحسد لآل إبراهيم. الحاسد لآل إبراهيم سيوسعهم في كل ذريته مدخلاً فيهم الكفار والظالمين؛ والحاسد لآل محمد سيوسعهم في كل بني هاشم أو كل الذرية؛ مكر شيطاني مكشوف.
الله يبتلي عباده بالتمحيص لهذا القلب المتكبر، فمن تواضع نجا؛ ابتلى إبليس بآدم فحسد وتكبر فسقط؛ وابتلى الناس بالأنبياء والذريات الصالحة أيضاً؛ الموضوع يدور حول (هذا القلب)؛ فانتبه لقلبك؛ لا تتكبر؛ لا تحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله؛ لا تتشبه إبليس؛ آمن وسلم لله وثق به وبما يأمرك؛ لماذا كفر الناس أصلاً؟؟ لأنهم رأوا أن المرسلين من البشر؛ فتكبروا؛ قالوا: لماذا؟ هم بشر ونحن بشر؟ لماذا ما أرسل الله ملائكة مثلاً؟
اسمع الدليل:
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [ألإسراء : 94]
هذا هو السبب؛ كبر؛ حسد! كانت اعتراضات الناس على هذا: ليش بشر؟ بشر مثلنا؟! لماذا؟ ونحن أين؟ لماذا لم يخترنا؟.. يريدون مشاركة الله في القرار! (قتل الإنسان ما أكفره)! ولأن الله يعلم أنه قد يسلم الناس بنبوة نبي؛ فهل ينتهي بهذا الابتلاء والتمحيص؟ كلا؛ هنا لابد من ابتلاء جديد؛ بذريات صالحة أو نحو ذلك..
ما الدليل؟
{ ۞ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)} [آل عمران]
هنا ابتلاء جديد، فالله يعلم كبر هذا الإنسان وحسده؛ يبتليه (بذريات صالحة) آل وآل وذرية.الخ؛ فيأتي يقول: ليس إلا هؤلاء؟ طيب؛ ونحن أين؟
كبر وحسد!
وهكذا يتكرر ابتلاء الله وتمحيصه لكل مكلف؛ كابتلائه الملائكة و الشيطان بالسجود لآدم؛ أو الأمم برسل من بشر؛ أو بذريات صالحة (انتبه: صالحة).
البعض قد يقول: ولماذا لم يرسل الله للناس ملائكة؟ حتى يؤمنوا  مباشرة، ويعم الإيمان ويسعد الناس ويخرجوا من هذا الاختلاف والشك والكفر..الخ؟
الغريب أن هذا السؤال - رغم بساطة الجواب (كما سيأتي) -  إلا أن البعض قد يراه وجيهاً جداً؛ والسؤال له عدة أجوبه قرآنية وليس جواباً واحداً:
أولاً: لو شاء الله لهدى الناس جميعاً بلا أنبياء ولا ملائكة أيضاً. فالسؤال يغفل عن حقيقة (أن الله يريد أن تأتيه بتفعيل النعم وليس بالإجبار)؛ اي أنك أنت أيها الإنسان مشروع إلهي مختلف، وله قوانينه فيك، من سع وبصر وعقل وقلب.. ويريد منك تفعيلها؛ ولن تتفعل بإرسال ملائكة؛ ستتعطل بالذهول.  لكن حكمة الله هو إرسال بشر مثلنا؛ ليكون لنا حرية تفعيل تلك النعم، ولنا حرية تعطيها بالكبر والحسد والإعراض؛ أي؛ (إما شاكراً وإما كفوراً)؛  فلو أرسل لك الملائكة بتلك الهيئات المذهلة لاستلبوا منك عقلك وسمعك وبصرك؛ وعلى هذا ستكون مذهولاً منقاداً بالإجبار؛ لا مختاراً ولا مفعلاً للنعم.
ثانياً: لو شاء الله لهدى الناس جميعاً؛ فوجود الشر والخير؛ الحق والباطل؛ يترك لك مساحة للاختيار .. ومشروعه فيك لا يقف عند هذا الحد.
الطريق طويل؛ هل تظن أن الله أسجد لك ملائكته لتعيش خمسين ألف سنة أو 100 ألف سنة أو حتى مليون سنة ثم جنة أو نار ...وخلاص!!؟ كل هذا المشروع ينتهي هنا؟؟ هل تظن أن الله خلقك وأسجد لك ملائكته (لتفسد في الأرض وتسفك الدماء ويسود الظلم) ثم خلاص؟ هذا قول الملائكة قبل؛ فهل هم أعلم من الله؟
ظنك يوافق ظن الملائكة:
{قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} هذا ظنك وظن الملائكة؛ فهل أقرهم الله على هذا؟ أم رد عليهم؟ اسمعوا جواب الله للملائكة: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}! ما معناه؟ ما قال أنتم كذبتم؛ ولا قال أنتم صدقتم؛ كأنه يقول (نعم هذه مرحلة، ولكن لا تعلمون سر هذا الإنسان، وكيف أنه سيغلب على مرحلة الطفولة الإنسانية ..لم يكذب الله الملائكة في وجود هذه المرحلة من الظلم والإفساد في الأرض؛ ولكن هذا أولاً ضروري لتحقق الابتلاء والتمحيص؛ وثانياً - وهو الأهم -  أن تخرج خلاصة هذا الإنسان - بعد تجاربه - لتكون كما يحب الله..
لم يظهر من أسرار الله في هذا الإنسان إلا القليل (قال إني أعلم ما لا تعلمون)! هذا الإنسان لن ينتهي بجنة أو نار حسب التصور العامي؛ الجنة والنار أعمق وأشمل من المحسوس؛ مسيرة هذا الإنسان وترقيه موضوع أكبر مما ظنت الملائكة؛ لذلك؛ فالله قدر كونياً بقاء الخير والشر/ والحق والباطل/ الآيات والشبهات، وترك الإنسان ليسعى إليه بما أعطاه من القوى الكامنة فيه إذا فعّلها؛  وإذا لم يفعّل الإنسان ما أعطاه الله من نعم السمع والبصر والعقل والفؤاد؛ فسيتعب ويشقى ويعم الإفساد في الأرض؛ بسبب هذا التدمير الذاتي لنعم الله. والفساد سيجبر هذا الإنسان على إعادة إحياء ما دمره؛ فيستعيد ما مات من ضمير؛ وما تعطل من عقل؛ وينهض مرة أخرى ليرتقي بما أودعه الله فيه؛  بعد أن يرى آثار تدميره لهذه الأمانات والودائع الإلهية؛ وفي نهاية الأمر؛ سيتفق الناس على ألا مخرج إلا بهذه الأمانات والودائع الإلهية ويرتقي بها؛ فإذا ارتقى بها وجد الله أمامه في كل شيء؛ تم تلتقي آيات الله الكتابية مع آياته الكونية وتتم معرفة الله أكثر؛ وستكون المعرفة هي الخلاص الأخير؛ وهذه من أسرار تكرار كلمة (العلم) في جواب الله للملائكة..
اسمع: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)} [البقرة]
(أعلم/ تعلمون/ علّم/علم/ علمتنا/ العليم/أعلم/ وأعلم/ ..الخ)؛ العلم سر الله  في هذا الإنسان. ثم بهذا العلم سيترقى الإنسان؛ وبه سيقيم تجاربه في الأرض؛ وبه سيتجنب التجارب السابقة؛ وبه سيكتب سفر الخروج إلى الإنسانية التي يريدها الله.
لا يمكن أن يحصل هذا إلا عبر ابتلاءات كبيرة، تخلص بها النوعية (الطيبة)؛ من خبث الأكثرية المفسدة؛ ليخرج من عبادة الذاتية إلى التعبد بالموضوعية.. الخلاص بيد الإنسان نفسه؛ على المستوى المعنوي أولاً؛ ثم المادي؛ ما دمر الإنسان بالمادة ودمر المادة إلا المعنوي؛ وهذا المعنوي لابد من اختباره؛ هذا المعنوي إذا صلح صلح المادي؛ لابد من اختبار هذا المعنوي(كبر/غرور/حسد/ بغضاء/ حقد /طمع/ ...الخ)؛ وهذه لم يتم التخلص منها بعد! مازالت غالبة..
على قدر تصفية المعنوي يقترب الإنسان من إصلاح المادي والإصلاح به؛ وابتلاءات الله للمكلفين من أيام السجود لآدم إلى اليوم ما زالت في المعنوي. مشروع الله  في هذا الإنسان طويل جداً؛ لذلك؛ الشيطان يفتري الروايات والأحاديث بأن يوم القيامة بكرة وإلا بعده؛ فجهز نفسك بسرعة ولا تفكر كثيراً؛ انظر إلى الإنسان كنوع واحد؛ تموت منه أجزاء وتحيا فيه أخرى..
المشوار طويل جداً؛ ما زلنا في اختبارات المعنوي؛ لم نخلص منها بعد؛ ولو خلصنا لتخلصتنا.


مواضيع أخرى:

لمطالعة "(ما غزي قوم في عقر قرآنهم إلا ذلوا)!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "حرص إبليس وأتباعه على الصد عن سبيل الله" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "هل فكرتَ يوماً أنك قد تكون مجنوناً ؟؟" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "تلك الفئة المثالية.. لتدمير التواصل الإنساني (3)" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "أسرار لا يفهمها الدعاة (3) المعرفة لا الجمهور هي هدف الأنبياء.. فافهم أيها الداعية" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "لماذا المسلمون أكذب أتباع الأديان!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "حب دعاة النار!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "خدعة السلف!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "معرفة الله ..لو عرف الناس الله!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "لن يصلح هذه الأُمة ما أفسد أولها !"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "هل نؤمن بالبعث والنشور؟!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "هل سينصر الله أكذب أمة على وجه الأرض؟؟!"على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1670
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 03 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29