• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : نموذج من الطغيان في القرن الأول: نموذج البيعة على العبودية ليزيد بن معاوية! .

نموذج من الطغيان في القرن الأول: نموذج البيعة على العبودية ليزيد بن معاوية!


            نموذج من الطغيان في القرن الأول:

          نموذج البيعة على العبودية ليزيد بن معاوية!



قال شيخ البخاري خليفة بن خياط: تاريخ خليفة بن خياط (ص: 239) (ودعا سلم بن عقبة النَّاس إِلَى الْبيعَة عَلَى أَنهم خول ليزِيد بْن مُعَاوِيَة يحكم فِي أَهْليهمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ ماشاء حَتَّى أُتِي بِعَبْد اللَّه بْن زَمعَة وَكَانَ صديقا ليزِيد بْن مُعَاوِيَة وصفيا لَهُ فَقَالَ بَايع عَلَى أَنَّك خول لأمير الْمُؤمنِينَ يحكم فِي دمك وَأهْلك وَمَالك!
قَالَ أُبَايِعك عَلَى أَنِّي (ابْن عَم) أَمِير الْمُؤمنِينَ يحكم فِي دمي وَأَهلي وَمَالِي؛ فَقَالَ اضربوا عَنقه؛ فَوَثَبَ مَرْوَان فضمه إِلَيْهِ وَقَالَ يُبَايِعك عَلَى مَا أَحْبَبْت قَالَ وَالله لَا أقيلها إِيَّاه أبداً وَقَالَ إِن تنحى وَإِلَّا فاقتلوهما جَمِيعًا فَتَركه مَرْوَان فَضربت عَنق ابْن زَمعَة).
أي حتى الرجوع إلى الموافقة لم يقبل منه!
وقال خليفة: (قَالَ أَبُو الْحسن (المدائني) وَقَالَ عوَانَة (بن الحكم): ((أُتِي مُسلم بِيَزِيد بْن عَبْد اللَّهِ بْن زَمعَة  فقال بايع ، قال أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه فأمر به فقتل)!! اهـ
هكذا إذاً.
من طلب البيعة على الكتاب والسنة يقتل! ومن بايع عبداً ينجو!
اعطوني حاكماً من الطغاة عند أنصار بني أمية؛ ويطلب البيعة من الناس على أنهم (عبيد له = يفعل في أموالهم وأهليهم وأنفسهم ماشاء)!
لا يوجد.
والخبر عند الطبري أيضاً؛ وفيه تفصيل زيادة؛ ففي تاريخ الطبري (5/ 493) (قَالَ عوانة: وأُتِى (مسلم) بيزيد بن وهب بن زمعة، فَقَالَ: بايع؛ قَالَ: أبايعك عَلَى سنة عمر، قَالَ: اقتلوه؛ قَالَ: أنا أبايع (يعني على ما تريد)، قَالَ: لا وَاللَّهِ لا أقيلك عثرتك  فكلمه مروان بن الحكم - لصهر كان بينهما - فأمر بمروان فوجئت عنقه، ثم قال: بايعوا عَلَى أنكم خول ليزيد بن مُعَاوِيَة! ثُمَّ أمر بِهِ فقتل!)
هذا هو الحكم الرشيد عند أنصار بني أمية؛ هذا هو المجد عند الذين يريدون إعادة (المجد الأموي)؛ كما يريد الغلاة كالقرضاوي وزهران علوش وأمثالهم؛ تذكروا أن الذين أُجبروا على البيعة على أنهم (خول أي عبيد) ليزيد بن معاوية كانوا من صحابة من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان!
لا تصدقوا أنصار بني أمية عندما يقولون (نحن نحب الصحابة)؛ كذبوا؛ ما أنكروا لعن علي على المنابر؛ ولا استعباد بقية المهاجرين والأنصار؛ ولا ولا..
أذكرهم بالنص مشكولاً؛ (فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، فَدَعَا النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، يَحْكُمْ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مَا شَاءَ).
اجعلوها أمام الغلاة والنواصب وأنصار بني أمية اليوم. وهذا مجمع عليه بين أهل التواريخ؛ حتى الذين لهم هوى في بني أمية وفيهم نصب يقرون بهذا؛ كالذهبي مثلاً، الذي قال في تاريخ الإسلام  (5/ 29) ( دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ، يَحْكُمُ فِي أَهْلِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ، حَتَّى أُتِيَ بِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ وَصَفِيًّا لَهُ، فَقَالَ: بَلْ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَحْكُمُ فِي دَمِي وَأَهْلِي، فَقَالَ: اضْرِبَا عُنُقَهُ! فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، .. وَقَالَ: إِنْ تَنَحَّى مَرْوَانَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُمَا مَعًا، فَتَرَكَهُ مَرْوَانُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ).
و قد سرد المؤرخون أسماء المشهورين من الصحابة وأبنائهم الذين قتلوا. وهذا ابن كثير؛ وهو أشد أموية من الذهبي؛ يقول في البداية والنهاية (8/ 243) (فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ فَدَعَا النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ بن معاوية، ويحكم فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مَا شَاءَ).
هذا هو المجد!
وقد اهتم المؤرخون للمدينة النبوية بهذا الحادثة؛ وزادوا أخباراً لم يستوفها غيرهم، بسبب اهتمامهم بتاريخ المدينة؛ ومنهم السمهودي الذي قال  في كتابه المشهور خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى (1/ 290): (... وسبوا الذرية واستباحوا الفروج وإنه كان يقال لأولئك الأولاد من النساء اللاتي حملن أولاد الحرة).
وقال ..هشام بن حسان: ولدت بعد الحرة (ألف امرأة) من غير زوج!! وممن قتل من الصحابة يومئذ صبراً:  عبد الله بن حنظلة الغسيل مع ثمانية من بنيه؛ وعبد الله بن زيد حاكى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ومعقل بن سنان الأشجعي وكان شهد فتح مكة؛ وكان معه راية قومه يوم فتح مكة. وذكر الإخباريون أنها خلت من أهلها وبقيت ثمارها للعوافي؛ وفي حال خلائها بالت الكلاب على سواري المسجد ( النبوي) اهـ
جزء من المجد الموعود!
كل هذا وغلاة الإخوان والسلفية مشغولون بسقوط بغداد والأندلس؛ ولكنهم يسكتون تماماً عما ارتكبهم أصحاب مجدهم في المدينة المنورة ومكة المكرمة.
المنصف يقول: أبرأ إلى الله مما فعله المغول والصليبيون ببغداد والأندلس مرة؛ وأبرأ إلى الله مما فعله بنو أمية بالحرمين ألف مرة؛ وكذا القرامطة؛ فهؤلاء الغلاة من أنصار (بني أمية) هم بين أمرين لا ثالث لهما: إما أنهم يجهلون هذه الجرائم؛ أو أنهم يتسترون عليها. ولا يؤتمن خائن ولا جاهل؛ فإن قالوا: هذه أمة قد خلت! يقال: وما خلدتموه من ذكرى بغداد الأندلس أليسوا من  (أمة قد خلت)؟! أليس الحرمان والصحابة أولى بالذكرى الدائمة؟
نحن مع إحياء كل المآسي وذم مرتكبيها؛ مأساة بغداد؛ ومأساة الأندلس؛ وقبلها بألف مرة مأساة الحسين ومأساة المدينة وأهلها ومأساة مكة وهدم الكعبة.
لم يحدث في بغداد والأندلس - من حيث الجريمة النوعية - ما حدث في مكة والمدينة وكربلاء؛ مآسي مكة والمدينة وكربلاء أقدم وأعظم وأشنع. وأقصد بنوعية الجريمة، الأشخاص والمكان - مع أننا ننكر كل جريمة – لكن؛ هدم الكعبة أعظم من تدمير بغداد؛ واستباحة الأندلس أعطم من استباحة المدينة؛ فإذا تم اغتصاب ألف من نساء وبنات المهاجرين والأنصار، على قداسة المكان والناس، فهذا أبلغ من مثله في بغداد والأندلس؛ فلماذا يتناساها الغلاة؟
طبعاً أنا قلت (اغتصاب ألف) كحد أدنى؛ وإلا فالعدد أكثر بكثير، لأن النواصب - فضلاً عن غيرهم - يقرون بأن ( الف بكر حملن من غير زوج)!
ألف بكر!
وهذه أقر بها عقلاء النواصب، بينما بعض من يظنون أنهم (سنة خلص) يذهبون للدفاع عن المجرمين، ويتركون المظلومين، مع أنهم من الصحابة وأهليهم؛ وأقصد بعقلاء النواصب أمثال عوانة بن الحكم وابن كثير والذهبي؛ بل والتابعي مغيرة بن مقسم، وكان أموي الهوى، ت 136 هـ، إلا أنه صرح بذلك؛ فاسمع:
ففي دلائل النبوة للبيهقي - (ج 7 / 383) ذكر لإقرار التابعي مغيرة بن مقسم: قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : «أنهب مسرف بن عقبة المدينة ثلاثة أيام ، فزعم المغيرة أنه افتض فيها ألف عذراء » .اهـ
المغيرة هذا هو المغيرة بن مقسم الضبي؛ وكان فيه نصب وهوى أموي. لكنه صادق ومنصف وليس كهؤلاء.
وكذا الإمام مالك قال: (قتل يَوْم الْحرَّة سَبْعمِائة رجل من حَملَة الْقُرْآن مِنْهُم ثَلَاثمِائَة من الصَّحَابَة).
عند السيوطي في الخصائص: وهذا المقتلة لــ (أهل الرضوان) يوم الحرة لم يحدث مثلها من كفار قريش ولا أصحاب مسيلمة؛ وسبقهم قتل (أهل بدر) يوم صفين على أيدي بني أمية أيضاً؛ فالذين أفنوا  أهل بدر يوم صفين هم بنو أمية؛ والذين أفنوا أهل الرضوان يوم الحرة هم بنو أمية.
ثم يهاجمنا المنافحون عنهم تحت شعار (الصحابة)!
نحن ما هاجمنا بني أمية وذممناهم إلا نصرة للمظلومين من أهل بدر والرضوان؛ ونصرة لأهل البيت؛ وللمدينة النبوية؛ وللكعبة المشرفة..
ليس لشيء آخر.
وهذا كله تحت نصرة الحق. ونصرة الشهادة لله، التي تحولت عند الغلاة إلى شهادة للنصب والسخف والظلم..
الشهادة لله أولى من الشهادة للظالمين.
هؤلاء اللاهثون عن مجد الظالمين، المتغنون بالتاريخ من الدعاة والحزبيين والنواصب؛ هؤلاء  سياسيون يريدون سلطة بلا علم ولا أخلاق ولا عدالة.
ونختم بما ذكره صاحب السيرة الحلبية - وهو من أوسع الكتب في السيرة النبوية - فقد تحدث عن المدينة وتاريخها، وذكر قصة الحرة فقال: السيرة الحلبية (1/ 239) (وقع من ذلك الجيش الذي وجهه يزيد للمدينة، من القتل، والفساد العظيم، والسبي، وإباحة المدينة، وقتل من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن التابعين خلق كثيرون؛ وكانت عدة المقتولين من قريش والأنصار ثلاثمائة وستة رجال، ومن قراء القرآن نحو سبعمائة نفس).
وفي التنوير لابن دحية: وقتل من وجوه المهاجرين والأنصار ألف وسبعمائة، ومن حملة القرآن سبعمائة، وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت بين القبر الشريف والمنبر، واختفت أهل المدينة حتى دخلت الكلاب المسجد وبالت على منبره صلى الله عليه وسلم، ولم يرض أمير ذلك الجيش من أهل المدينة إلا بأن يبايعوه ليزيد على أنهم خول: أي عبيد له إن شاء باع وإن شاء أعتق، حتى قال له بعض أهل المدينة: البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه) اهـ النص.
كل هذا يتستر عليه أنصار بني أمية. فكيف نثق بالقرضاوي وهؤلاء المتحزبين وهم يريدون أن يعيدوننا (للمجد الأموي)؟!
هل تقصدون مجداً بلا دين ولا أخلاق ولا ضمير؟
كفى خداعاً !
هذا غيض من فيض مما وصل إلينا؛ رغم التكتم الأموي الذي ساعدهم فيه وعاظ السلاطين من أنصار بني أمية عبر العصور..
وقد تركت بعضها لشناعتها. ومن أراد التأكد فليكمل هذا النص في سمط النجوم العوالي (3/ 204): (افتض فِيهَا ألف عذراء وَإِن مفتضَّها فعل ذَلِك أَمَام ...) اكملوه وانظروا.

لمطالعة وتحميل "سمط النجوم العوالي - الجزء 3"على هذا اللرابط «««

هذه الأخبار لم يروها شيعة ولا خوارج؛ رواها أهل سنة أو نواصب؛ ولم نذكر ما رواه الشيعة والخوارج والزيدية؛ وفي هذا كفاية لمن كان له قلب.
مواضيع أخرى:
لمطالعة "سيرة الإمام علي (ع)-- قصة رفع المصاحف في حرب صفين"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "سيرة الإمام علي (ع)- ما بعد التحكيم" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "سيرة الإمام علي (ع) ما بعد الشهادة!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "خلاصات أموية" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "حجر بن عدي الكندي!"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "معيار أعلى في الصدق ... وأكاذيب بالجملة... كيف نفرق بينهما؟!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "أعداء النبي هل يشبهوننا أم يشبهون خصومنا؟ -الجزء ألثاني!"على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1589
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 12 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18