• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : ما الفائدة من معرفة أن أهل بدر كانوا مع الإمام علي؟ - الجزء الرابع - .

ما الفائدة من معرفة أن أهل بدر كانوا مع الإمام علي؟ - الجزء الرابع -


    ما الفائدة من معرفة أن أهل بدر كانوا مع الإمام علي؟           
                      -  الجزء الرابع -



فنريد إبطال احتجاجهم في ترك النصوص، فهم يقولون: نعم نؤمن بحيث الفئة الباغية ونحوه، لكن الصحابة اعتزلوا !!.. فهم يتركون النصوص لوهم توهموه من كون الصحابة اعتزلوا.. فنريد إراحتهم في هذا الأمر بأن الصحابة لم يعتزلوا وأنهم مع النصوص ومع الإمام علي وأنهم عرفوا البغاة وقاتلوهم!



"للاطلاع على موضوع (علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، مرة أخرى! - إجمال -)" على هذا اللرابط «««


"للاطلاع على موضوع (ما مواقف الصحابة في حروب علي؟! - الجزء الأول-)" على هذا اللرابط «««


"للاطلاع على موضوع ( ما مواقف الصحابة في حروب علي؟! - الجزء الثاني -)" على هذا اللرابط «««


"للاطلاع على موضوع ( ما مواقف الصحابة في حروب علي؟! - الجزء الثالث -)" على هذا اللرابط «««



فوائد معرفة أن أكثر الصحابة من أهل بدر والرضوان كانوا مع علي:
آمل ألا يستعجل أحد ويقول: وما الفائدة من هذا الموضوع؟ فكل معرفة بالتاريخ تزيد من الوعي، وتفتح لنا آفاقاً نفهم منها كيف ضاع الإسلام الإلهي وانتشر الإسلام التاريخي الذي مازال يذيق المسلمين مرارة الظلم والانتهاكات لكل حقوق الإنسان، وهذه أبرز الفوائد:
الفائدة الأولى:
مشاركة أهل بدر في القتال مع علي أكثر من الفتوحات، كأن فيه إشارة إلى عدم رضاهم عن الفاتحين أو شرعية الفتوحات تمكساً منهم بالآية الكريمة ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) فهذه الآية دستورية تفسر كل آيات القتال في فسبيل الله، وهذا المعنى دقيق ويحتاج لبحوث ودراسة لسر قلة الصحابة في الفتوح وكثرتهم مع علي، وهل هذا سبب القول الشائع بأن عمر حبس الصحابة في المدينة ليستشيرهم ويستعين بهم؟ أعني هل هذا القول هو تستر من الرواة على معارضة أكثر أهل بدر المشاركة في الفتوح؟ وهل وجدنا عمر استشار هؤلاء البدريين الذين وجدناهم شهدوا صفين مع علي؟ كعمار وقيس بن سعد وذي الشهادتين ورفاعة بن رافع ونحوهم؟
الأمر يحتاج لبحث وجمع أدلة وقرائن وشواهد، وقد ذكر الشوكاني أن قتال أهل البغي أولى من قتال الكفار، لأن البغي كالفاحشة في المسجد، وأما الكفر الفاحشة خارج المسجد – بمعناه- وهذا الفقه القديم الذي أصرت دول المظالم على استبعاده لتلهي الشعوب بالفتوح عن الإصلاح الداخلي وتطبيق الشورى ..الخ، فلذلك نجد أنصارهم اليوم لا يهمهم قرآن ولا عدل وإنما يبقون عند التفاخر بفتح الأندلس وسمرقند، فأضاعوا الإسلام وأهله بفتوح كانت تخدم المستبدين فقط.. مع توقفنا في الفتوحات الأولى فقد كان العرب في العراق والشام مضطهدين من الفرس والروم، إلا أن ما سواها لا شرعية له وكان ضرره على الفكر والإصلاح الداخلي أكثر من فوائده المادية.
الفائدة الثانية:
إثبات أن استدلال ابن تيمية ومدرسته خاصة بأن أكثر الصحابة اعتزلوا كذب صريح، فقد أحصلنا المعتزلين من أهل بدر ولم نجد سوى أفراد وبعضهم غلب عليه كبر السن وبعضهم كان أعمى، أما الكوكبة من عشرات البدريين – نحو السبعين- فقد شهودا مع علي وكانوا مستبصرين في قتال أهل الشام، وشهد من أهل الرضوان ثمانمائة، وهذا ما لم نجده في الفتوح، فلم يجتمع في اليرموك ولا القادسية هذا العدد من أهل بدر والرضوان ولا قريب منهم، فالحجة معكوسة على ابن تيمية وأصحابه، فالتأكيد على هذه المسالة مع التيار السلفي فيها فائدة، من حيث دلالتهم على الصحابة الأخيار بحق وبإجماع الذين ينبغي أن يعرفوهم وينصروهم ضد من قتلهم ولعنهم، فالسلفية تدعي أنها من مناصري الصحابة ثم لا يتلتفتون لأول من قتلهم ولعنهم واستباح حرمهم وهدم كعبتهم .. فهذا تناقض سلفي كبير، ونسأل الله لنا ولهم الهداية ، ولن تأتي هذه الهداية إلا بعلم ومراجعة ما ضللهم به ابن تيمية ومحب الدين الخطيب وأمثالهم فقد نشروا فيهم النصب باسم الدفاع عن الصحابة مع أن سلف هؤلاء - معاوية وأصحابه- هم أول من قتل ولعن وعذب واستباح ...الخ
والفائدة الثالثة:
أن فقد هؤلاء كان خسارة كبيرة على العلم والشهادة بالحق ، تخيلوا كم فقدنا من العلم والحديث الأول بقتل أهل بدر في صفين وأهل الرضوان في الحرة؟! - هذا موضوع توسعت فيه في مقالة المقدمة السياسية الشاملة-
إذاً فأهل بدر وحدهم كان قتلهم في صفين خسارة كبيرة على العلم وأهله، وقد استعرضنا أسماءهم سابقاً، مع أننا لم نذكر في أهل بدر فضلاء من الصحابة ممن لم يشهد بدراً لصغر سن ولبعد دار ونحوه، ولكنههم شهدوا مع علي صفين وغيرها من مشاهده، ، كجابر بن عبد الله
وزيد بن أرقم
و البراء بن عازب
وابن عباس
والحسن
والحسين
ورافع بن خديج
وهاشم المرقال
وعبد الله بن بديل
وحجر بن عدي
وأبو الطفيل
والجندبان الأزديان الفاضلان العالمان /جندب بن زهير وجندب بن كعب/
وسليمان بن صرد الخزاعي،
وسهل بن سعد،
وأبو سعيد الخدري، ...
وغيرهم كثير جداً ،
ويكفي أنه شهد مع الإمام علي (800) من أصحاب بيعة الرضوان، كلهم في مرتبة ابن عمر وبعضهم أفضل منه صحبة وسبقاً، فكيف يقاس بهؤلاء مجموعة من الطلقاء والأعراب كانوا مع معاوية، أوندرة اعتزلوا، ثم تدعي السلفية أن الصحابة كانوا سواء هنا وهناك، أوأن أكثرهم اعتزل ..الخ
هذه الدعاوى كلها من آثار النصب التي تسللت إلى التراث السلفي خاصة، وتبعهم كثير من مقلدي المذاهب
كما أنني لم أذكر أفاضل التابعين المسفوكة دماؤهم مع علي، كأويس القرني وهو خير التابعين (الذي لم يذكر في الفتوح، لكنه حرص على القتال مع علي)
وكذا الزاهد المشهور عامر بن عبد قيس؛ وعلقمة بن قيس كبير التابعين بالكوفة، وكميل بن زياد النخعي التابعي الزاهد، والأشتر النخعي البطل المشهور، والحضين بن المنذر، وأبو الأسود الدؤلي ؛ وآل صوحان،.. وغيرهم كثير... ممن لا يعرفهم أكثر الغلاة والنواصب.. أو لا يريدون أن يعرفوهم، فقد اكتفوا بمعرفة معاوية وابن العاص وابن حديج وأبي الغادية والضحاك ومروان والوليدَين واليزيدَين..
والخلاصة أن في قتل هؤلاء البدريين أو الفضلاء من غيرهم أو إذلالهم أو تهميشهم كانت له آثاره على الناتج الثقافي.. وعلى الثقافة العامة للمسلمين... وأدى هذا الفراغ الهائل بفقدهم إلى ملء هذا الفراغ بمن هو أقل منهم فضلاً وعلماً وشهادة بالحق كابن عمر مثلاً هذا على أقل تقدير.. فكيف إذا علمنا بأن فراغهم تم ملؤه بأشرار أيضاً، أي بمن يسوغ للظالم ظلمه ويضع له الأحاديث ويغض من أهل العدل، .. ويشارك في تحسين استعباد الشعوب باسم الفتوحات رغم ظلمهم للشعوب وفرضهم الجزية على من أسلم ولم يسلم..الخ، ويشارك هؤلاء في إنتاج ثقافة سلطانية بديلة ليس فيها إلا التوهين في العظائم والتعظيم للصغائر.. الخ ، فالأمر عند التدقيق له فوائد كثيرة، وهذا معنى الوعي التاريخي.
إذ لا شك أن هذا – قتل أهل بدر والرضوان وصالحي التابعين- مما يميت العلم أو يقبضه ويرفع الجهل .. وهنا تكون الفتنة .. من شك وخوف وأغراء وإحباط وقلة فهم للدين وسماع نشرات أهل الباطل عبر المنابر.. ثم السير في ركب الظلمة أو الركون إليهم.. ولذلك نجد من كان في الصحابة أفقه وأتقى كان أحرص على قتال أهل الشام خاصة، مثل عمار بن ياسر، كان من أحرص الناس على قمع فتنتهم، ومن كان أكثر دنيوية تقاعس كالأشعث بن قيس ونحوه، وفيهم من ندم عندما رأى أثر التقاعس كسعد وابن عمر.
شواهد من علم أهل بدر المهجور:
ففي تاريخ الطبري [ جزء 3 - صفحة 99 ] (وعمار يقول تقدم يا هاشم الجنة تحت ظلال السيوف والموت في أطراف الأسل وقد فتحت أبواب السماء وتزينت الحور العين ... اليوم ألقى الأحبه ... محمدا وحزبه ... فلم يرجعا حتى قتلا..)،  ولما رأى عمار بن ياسر راية عمرو بن العاص وهو مع معاوية ذكر أن تلك الراية قد قاتلها مع رسول الله أربع مرات، وأن موقف راية عمرو مع معاوية ليست بأبر ولا أتقى.. ففي تاريخ الطبري [ جزء 3 - صفحة 99 ] بسند قوي عن عمار بن ياسر بصفين وهو يقول لعمرو بن العاص (لقد قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الرابعة ما هي بأبر ولا أتقى..).
فواضح أن عمار بن ياسر كان ممن فقه أهمية حرب البغاة مع علي، ولذلك ورد فيه الحديث المشهور في صحيح البخاري: ( تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) اهـ
فهذا العلم الذين ترونه في كلام عمار كان من الدعوة إلى الجنة، ولم يعد له اليوم أثر، لقد طمسه أهل الباطل لما ظهروا، وأظهروا أن العلم والفقه في ترك البغاة ودعاة النار يصلون إلى السلطة ومراكز التأثير فيغيرون الدين كله حتى لم يبق منه إلا لفظ لا إله إلا الله كما قال أنس بن مالك في صحيح البخاري.
شواهد من العلم المهجور عند التابعين :
ومن التابعين نجد من فقه هذا الفقه مثل عبد الله بن سلمة
ففي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 73) حدثنا إسحاق بن منصور عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن عبد الله بن سلمة قال - وقد كان شهد مع علي الجمل وصفين وقال : ما يسرني (بهما) كل ما على وجه الارض ..اهـ
ومن اللطائف ما ذكره ابن بطال: - شرح ابن بطال للبخاري - (ج 19 / ص 28)- وروى سفيان عن يحيى بن هانئ أنه قال لعبد الله بن عمرو: « على كان أولى أو معاوية؟ قال: علي. قال: فما أخرجك؟ قال: إنى لم أضرب بسيفٍ ولم أطعن برمح، ولكن رسول الله قال: أطع أباك فأطعته » . وقال إبراهيم بن سعد: قتل أويس القرنى مع على فى الرجالة. وقيل لإبراهيم النخعى: من كان أفضل علقمة أو الأسود؟ فقال: علقمة؛ لأنه شهد صفّين وخضب بسيفه فيها(...
فهذا إبراهيم النخعي كبير فقهاء التابعين بالعراق، يفضل من شهد مع علي على من اعتزل، ولو سألنا أحد العلماء اليوم – باستثناء الشيخ ابن باز- لقال : الاعتزال أفضل، ثم ذهب يجلب لنا - بثقافة أهل الشام- الخلط بين أحاديث اعتزال الفتن وتنزيلها على عهد علي، ناسياً الأمر القرآني بقتال البغاة، وأن من أظهر تطبيقاته عبر التاريخ هو هذه الحرب تحت راية علي بن أبي طالب، بل لن يسلم تطبيق قتال البغاة في هذه الدنيا كلها إن لم نصوب قتاله للبغاة ونعده واجباً، وعلى هذا كل فقهاء المذاهب الأربعة، لم يخالف في هذا إلا ابن تيمية لمذهبه المعروف، وادعى كاذباً أن الإجماع على هذا كعادته!
مع أن كل كتب الفقه تقرر وجوب قتال البغاة والمحاربين، وأنه لو تُرك أهل البغي والمفسدون في الأرض لذهبت المصلحة من وجود الدولة العادلة
ولا أعلم أحداً من مدرسة ابن تيمية يخالفه في هذا الرأي الشاذ، إلا الشيخ ابن باز رحمه الله، فهو الوحيد من هذه المدرسة من يرى وجوب القتال مع علي، وأن الصواب ليس الاعتزال كما يشيع هؤلاء.. وهذا الفقه الذي لمسناه عند علي وعمار وإبراهيم النخعي أدركه ابن عمر ولكن متأخراً للأسف..! وذلك بعد أن رأى كوارث بني أمية فقد ندم على تركه قتال الفئة الباغية كما أمر الله .. وذكره عنه ابن عبد البر في ترجمته من عدة وجوه صحيحة.. وإنما أطلت في هذه الفقرة لأن الغلاة يلبّسون فيها على العامة، تماهياً مع مطلب معاوية، بخلاف استبشاعهم نسبياً! لجرائم بني أمية في المواقع الأخرى، كالحرة وكربلاء وهدم الكعبة ..فهم يتظاهرون إلى حد ما بإنكار ذلك..وبعضهم قد يفرح بذبح الشهداء وحكم السفهاء.. وهذا شأنهم .. لست عليهم بمسيطر..
انتهى

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1351
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 04 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29