• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : مقالات وكتابات .
                    • الموضوع : الرد المفصل على بيان الضحايا من بني مالك (6) .

الرد المفصل على بيان الضحايا من بني مالك (6)

= في الدولة!


نفاقهم الدولة واستعداؤهم لها!

ثم قالوا:

(( ولقد ابتلينا في هذه البلاد المباركة، بأعداء من بني جلدتنا، يبثون الشبهات بين أبنائنا ويلبّسُون عليهم دينهم ويشككونهم في ثوابتهم، ليوقعوا بينهم الفتنة وليصرِفُوهم عن المنهج الحق الذي قامت عليه هذه الدولة المباركة، والمستمَّد من الكتاب والسنة وفق منهج السلف الصالح- رضوان الله عليهم)) اهـ المراد.

ولا أدري كيف أعلق على هذا الكلام، فهي لغة بائسة استعدائية وأسلوب قديم لم يعد صالحاً اليوم، وقد انتهى من الوطن كله إلا عند هؤلاء الحثالة من بني مالك.

وأنا أجزم أنهم لا يعرفون معنى واحد من معاني الكلمات التي أوردوها هنا مثل:

( الابتلاء، البركة، العدو، الشبهات، التلبيس، الدين، الثوابت، الفتنة، المنهج الحق، الدولة، الكتاب، السنة، السلف الصالح)

كل لفظة من هذه الألفاظ لن تستطيعوا معرفة دلالتها المعرفية ولو كان بعضكم لبعض ظهيراً. ولو أذهب لأشرح لكم كل لفظة وماذا تعنيه لطال المقال.

ولكنني هنا أنصح الجيل الصاعد في أهمية إدراك المعنى اللغوي العميق للمفردة، وأن يتعلم الصعود من المعنى الشائع ( العامي/ الشعبي) إلى معرفة المعنى الأصلي، وأنه ليس كل معنى في أدمغة الحمقى يكون مطابقاً للمعنى الأصلي في معاجم اللغة  أو المعنى الشرعي في الخطاب القرآني والنبوي.

ومعظم اختلافات الناس تعود إلى اللغة، فكل له معنى ذهني لا يتفق مع المعنى الصحيح في أغلب الأحيان، فلذلك تكون الصراعات المذهبية والفكرية بين الكبار فكيف بهؤلاء الصغار، فهم أطفال بلحى طويلة.

ليس من شرط المواطنة النفاق:

الدولة كأي دولة تحترم نفسها، لا تحب النفاق، ولا أن يقال لها أنت كاملة، أو معصومة، الدولة كأي دولة لها ما لها وعليها ما عليها، وليست معصومة أيضاً، ولا محلاً للتشريع، وإنما يصاحب أعمالها وسياساتها الداخلية والخارجية الصواب والخطأ، وهذا تعرفه الدولة نفسها ويعرفه كل عاقل، فكفى نفاقاًَ، فليس من شرط المواطنة النفاق، ولا نمائم الطفال، ولا شكايات الضرائر، ولا من شروط المواطنة اتباع مذهب بحذافيره ولا التوقف عن النقد الموضوعي لبعض التراث المحلي، كل هذه أوهام الغلاة وإيهاماتهم التي يريدون أن تسير الدولة وفقها، بناء على عقولهم الصغيرة وأحقادهم وعصبياتهم.

ليس بالضرورة أن ينطق الشعب كله على لسان رجل واحد، وحرية الرأي والتعبير من الأمور التي تمدح بها الدول ولا تمدح بكتم الآراء، فأنتم تذمون من حيث تريدون أن تمدحون.



وعلى كل حال فهذا كلام عام مرسل، ونفاق ونحن نعرف مواقفهم الحزبية لكن لن نوغل في هذا الأمر، لأنه باختصار ( عيب)! وسبق أن قلنا أن هذه الأقوال المأخوذة من حديث حذيفة إنما تنطبق على سلفهم من بني أمية وعلمائهم، الذين أضلوا الأمة، بهذه الأحاديث المضادة للقرآن والعقل والعدل وخطوط الإسلام العامة.

ثم الدولة تحتاج لعقلاء، ولا تحتاج لأغبياء،

تحتاج لصادقين وليس كاذبين،

لأحرار وليس لعبيد الأحزاب والمذاهب والتيارات،

الدولة لا تحتاج مخادعين، تحتاج لأصحاب الوجه الواحد وليس لأصحاب الوجوه الملونة المتعددة.

وعاقل خير من مئة طفل ملتحي!

فشرفوا أنفسكم ولا تهينوها بهذا التزلف البارد والنفاق الممجوج.

حوار مع وزير سعودي:

وهذا الكلام يذكرني بحوار حصل لي مع بعض الوزراء ( لوزارة دينية) عندما التقيت معه في مكتبه ( بدعوة منه) وأنكر عليّ نقد الغلو والتطرف في تراثنا بحجة أن ( الدولة قائمة على المذهب الحنبلي وعلى منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب)، وأن نقدي للغلو الحنبلي والوهابي يعني إسقاط شرعية الدولة!

فقلت له : هذا خداع، فالنظام الأساسي للحكم يقول أن الدولة قائمة على الكتاب والسنة، ولم يذكر المذهب الحنبلي ولا غيره، فمن أين تأتون أنتم بالقوانين المفتراة على الدولة؟

ثم لم أهاجم مذهباً وإنما أهاجم التطرف والغلو والعقائد الوضعية داخل كل المذاهب.

ولذلك فما نقدته في كتب العقائد الحنبلية ليس إيمانها بالله واليوم الآخر والنوبات، وإنما نقدت ما وجدت فيها من تكفير لأبي حنيفة وذلك الزعم أن الله على هيئة شاب أمرد جعد قطط وتكفير الصوفية مع تشريعهم التبرك بقبر أحمد وتكفيرهم المذاهب الإسلامية؟ ...الخ،  ونحو ذلك فهل الدولة تحتاج لهذه الأمور لتبقى قائمة على قدميها؟؟

إذن فهذا القول الذي يردده البعض لا أدري هل القائل يعني ما يقول أم يخادعنا، فالوزير المذكور قد أقر بأن هذه الأمور محل نقد ونظر، فهل نقدت غيرها في كتابي ( قراءة في كتب العقائد، أو كتابي الآخر : داعية وليس نبياً؟!)

نعم ربما أقسو أحياناً نتيجة خصومة طويلة ومظالم  متراكمة وقعت عليّ، لكنني أكرر في كل مرة بأنني لا أعمم، وأن في كل مذهب غلاة ومعتدلين، وهذا القول أؤمن به ولا أقوله مجاملة، وقد تفاجأ الأخوة الذين التقي بهم من التيارات الأخرى أن كلامي في كتبي هو نفس كلامي معهم، بل ربما دافعت إن وجدت ظلماً من الطرف الآخر، فنحن نريد أن نكون شهداء لله، لا شهداء لمذهب ولا خصومة.

إذن فإشعاركم مخالفيكم بأن النقد الذاتي للتراث المحلي ( سلفياً كان أو وهابياً أو حركياً) هو نقد للدولة وأنه سيؤدي إلى سقوط شرعيتها، ها كله كلام استعدائي لا حقيقة له، وهو إما من جهلكم أو من خداعكم لله ولرسوله وللمؤمنين وللدولة.

وإذا كنتم جهلة بالنظام الأساسي للحكم فلا بأس من تذكيركم بالمواد المهمة التي تتكرر فيها ( الكتاب والسنة) ولا وجود في النظام الأساسي للحكم لا للمذهب الحنبلي ولا المنهج الوهابي – مع أنني إنما أهاجم الغلو داخل المذهبين ولا أعمم-

ثم لو ألتزمت الدولة بهذين المذهبين وألزمت بهما مواطنيها لأخطأت قطعاً، فالشعب السعودي أطياف لا يجمعها مذهب، وإنما يجمعها الإسلام، والإسلام لا يعرف صافياً نقياً إلا من الكتاب والسنة الصحيحة، وليس من المذاهب، فكفاكم دجلاً ونفاقاً وجهلاً.

للتذكير ببعض مواد النظام الأساسي للحكم:

المادة الأولى:

(المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة ؛ دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولغتها هي اللغة العربية. وعاصمتها مدينة الرياض) اهـ

المادة السادسة:

يبايع المواطنون الملك على كتاب الله وسنة رسوله وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره.

المادة السابعة:

ستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة.


إذن  فأين المذهب الحنبلي والمنهج الوهابي؟ في هذه المواد الأساسية؟

بل النظام الأساسي للحكم كله ليس فيه كلمة ( حنبلي ولا وهابي ولا المدرسة التيمية ولا النجدية ...الخ)

هذا كله من خيالاتكم.

صحيح أن أتباع المذهب الحنبلي والوهابي لهم الحقوق نفسها التي لغيرهم، وأنهم يزاحمون غيرهم وقد يضطهدونهم في كثير من المؤسسات ولكن هذا سيتغير مع الوقت، وهذا القصور وغيره نحن ننقده ولا نخفيه، ولنا كتابات طويلة عريضة في نقد سلبيات المؤسسات، سواء على مستوى التعليم أو الدعوة أو وزارة الإعلام، وهذا كله يؤدي لإحكام النظام الأساسي ليكون علمياً ومعرفياً، وهذا أفضل من الثناء نفاقاً، أو الكلام خارج النظام أصلاً كما فعل أصحاب البيان.

نعم المذهب الحنبلي والمنهج السلفي الوهابي يؤخذ منهما ما وافق الكتاب والسنة، مثلهما مثل بقية المذاهب والمناهج، لا مذهب فوق القرآن والسنة، وليس الكتاب والسنة مع هذه السلبيات التي صاحبت بعض كتب التراث من التكفير للمسلمين  والغلو والدعوة للعنف والقطيعة مع العالم والأحاديث الضعيفة والعقائد المذهبية، و أيضاً هذه النظرة الخاطئة للقرن الأول والجيل الأول الذي كان خليطاً من الخير والشر كما في حديث حذيفة، وللخير رجاله والشر رجاله، والفرز غاية إلهية والخلط خطة شيطانية، فلا تتعبوا أنفسكم في وجود منفذ خبيث، فلن تجدوا، ستتعبون أنفسكم، ولا فائدة.

إذن تعلموا أن القرآن والسنة هي التي في النظام الأساسي للحكم، فإذا خاطبتم الدولة فخاطبوها عبر النظام الأساسي للحكم، وليس عبر الاستجابة للقيادي القادم من نجد أو تهامة.

الكتاب والسنة فوق المذهب أياً كان، وهما المهيمنان على المذاهب والتيارات، وليس ذلك العكس الذي تريدونه، فتعلموا النظام الأساسي لبلدكم حتى تحسنون الدفاع عنه، وربما لو استشرتموني في لغة البيان لدللتكم على لغة أفضل تكون الشبهة فيها أقوى مما كتبتموه، فبيانكم بيان مذهبي كسيح، لا لغة ولا مروءة ولا علم بدين ولا دولة، هذا البيان يصلح في مسجد من مساجدكم أو صالة من صالات اجتماعاتكم، ولا يصلح للرأي العام.

ولا أريد أن أذكركم بالمواد الأخرى في النظام الأساسي للحكم التي خالفتموها ، مثل تشجيع البحث العلمي، ورعاية حقوق الإنسان، وأن العقوبة شخصية ولا جريمة إلا بنص شرعي أو نظامي، وتجريم الفرقة الوطنية .. الخ، بينما أتحداكم ومن خلفكم أن تجدوني قد خالفت مادة واحدة من مواد النظام الأساسي للحكم، نعم قد نختلف في التفسير نتيجة اتباعي للنص واتباعكم للمذهب، هذا صحيح.

فمثلاً المادة التي تحظر ما يؤدي (للفرقة والانقسام) فأنتم ستفسرونها ضدي وأن كتاباتي تؤدي للفرقة والانقسام!!

وهذا جهل منكم بمعنى الفرقة والانقسام، لأن كتاباتكم ضد الشيعة والإسماعيلية والصوفية وغيرها من المذاهب التي ينتمي إليها مواطنون هي التي ستؤدي للفرقة والانقسام، وكذلك الكتابة ضد القبائل والمناطق  ونحوها، بينما النقد الذاتي للفرد داخل أي مذهب لا يؤدي لفرقة والانقسام، بل هو  مطلوب، فلو قام شيعي بنقد الغلو في المذهب الشيعي فلا تنطبق عليه المادة حتى لو اشتكاه مجموعة من مقلدي الشيعة وغلاتهم، كما أن يقوم سني بالنقد الذاتي لبعض الأخطاء والغلو في التراث السني لا تنطبق عليه المادة.

حاولوا تفهموا هذه الأمور... وهي صعبة عليكم...

لكن جربوا الفهم... جربوا..

أو كما قال عادل إمام :

( خللوه  !!!)

يتبع.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=124
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29