• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : لماذا لم يذكر النبي أسماء المنافقين؟ .

لماذا لم يذكر النبي أسماء المنافقين؟

لماذا لم يذكر النبي أسماء المنافقين؟



انتبه! أنت مخلوق ومشروع مختلف؛ لا مكان فيه للدلال ولا التشرط على الله؛ بأن يقدم لك كل شيء؛ بلا بحث منك ولا تفعيل لعقل ولا ضمير ولا حس الخ؛ كلا؛ انتبه!



هل كان من الأولى أن يسرد النبي أسماء المنافقين في صحيفة ويقرأها على المنبر ليحذر الناس منهم ويهجروهم؟
الجواب:
لا؛ ليس هذا هو الأولى؛ بل الأولى ما فعله النبي من الوصف العام لا الخاص ؛ إلا في استثناءات قليلة؛ لها أسباب؛ قد نذكرها.
فلماذا هذا أولى؟
الوصف للمنافقين وعلاماتهم؛ دون تصريح بأسماء المنافقين؛ هو الأولى لعدة أمور:
الأول: أن النبي لا يعلم جميع المنافقين؛ فكيف يُكلف بما لا يعلم؟
ثانياً: بعض المنافقين قد يتوب؛ فلماذا العجلة في فضحه قبل التوبة؛ ومعرفة الخاتمة (ومعرفة الخاتمة من أسباب التصريح بالاسم؛ ولكن هؤلاء قليل).
ثالثاً: ذكر علامات المنافقين؛ دون أسمائهم - إلا في استثناءات قليلة - يعلمك العلم بالحذر من العلامات دون الاكتفاء بالأسماء؛ فالنفاق مستمر بعدهم.
رابعاً: عدم سرد أسماء المنافقين؛ مع بيان علاماتهم وصفاتهم؛ فيه اختبار للناس؛ هل يفعّلون البيان النبوي ويهتدون به؛ أم يتغافلون عنه بدعوى الورع!
خامساً: لو تم سرد الأسماء فيحتمل أحد أمرين:
إما أن يحذرهم المؤمنون وتنقطع فتنتهم؛ وهذا خلاف سنة الله في ابتلاء المسلمين بهم وبالشيطان من قبل؛ وإما أن يكون لهم قوة وكثرة؛ فينقلبون على النبوة؛ ويعلنون أنهم اكتشفوا أن النبي مسحور أو كاذب أو طالب ملك؛ ويفتكون بالبقية الباقية من الصالحين؛ ففي هذه الحالة الأخيرة - وإن كانت بعيدة الاحتمال؛ إلا أنها ممكنة - فالله قادر على اهلاكهم؛ ولكن الحكمة في وجود كل ألوان الطيف؛ لا طيفين فقط.
سادساً: لا إكراه في الدين؛ فلا يريد الله إكراهك على الاعتراف بأن هؤلاء منافقون؛ وإنما ترك لك حرية الحذر منهم أو الاقتداء بهم؛ ليمحصك أنت.
سابعاً: لا يريد الله أن تبقى كسولاً وتشترط على الله ورسوله تزويدك بقوائم اسماء المنافقين والكفار والمشركين ..حتى تؤمن! هذا الدلع يبغضه الله. لو أراد لك الله للإنسان الدلع والدلال والنعيم المجاني لأبقاه في الجنة؛ وغفر لآدم زلته؛ الله يريدك منك مشروعاً آخر؛ تكبو وتقوم وتتمحص وتتخلص.
خلقك الله لتعبر إليه من بين هذه الأشواك والمداحض؛ من شياطين ومنافقين وهوى ودنيا؛ وزودك؛ في الجانب الآخر؛ بعقل وحس ونبوة وقرآن؛ وأنت اختر وانطلق. أنت مشروع مختلف عن الملائكة والحيوان والنبات والجماد؛ نفخ فيك الروح لتختار وتبني وتتعلم تجنب مواطن الهلكة؛ ولتستثمر طاقاتك في عمارة الأرض.
انتبه! أنت مخلوق ومشروع مختلف؛ لا مكان فيه للدلال ولا التشرط على الله؛ بأن يقدم لك كل شيء؛ بلا بحث منك ولا تفعيل لعقل ولا ضمير ولا حس الخ؛ كلا؛ انتبه!
الله أسجد لك ملائكته أجمعين؛ هل تعرف لماذا؟!
لأنه أودع فيك ما لا يودعه فيهم؛ فأنت أمام مسؤولية كبيرة جداً؛ إمام هذه الأمانات المودعة فيك؛ وما الذي أدراك بأن الملائكة ومراتبهم إنما وصلوا إليها بعد تمحصيات وابتلاءات في زمن سحيق؛ وما أدراك ما معنى الملأ الأعلى؛ وكيف اختارهم الله؟!
القصة كبيرة جداً؛ والزمن  عند الله قصة كبيرة؛  فأمامك زمن لا نهائي؛ فمن الخسارة أن تبيعه بسبعين سنة عجفاء.
دنياك حصة اختبار؛ تحدد مصيرك الأبدي؛ إذا شعرت بأن ثمن حصتك الاختبارية هذه هو النعيم الأبدي؛ فمن الدلال أن تطالب الوضوح في كل شيء؛ وإلا فستهدد الله بالكفر!
الكبر سقوط في الاختبار؛ لا تخسر الاختبار بكثرة الدلع؛ ولا تتشرط سرد أسماء المنافقين
ثم قتلهم؛ ثم إهلاك الشيطان؛ ثم إزالة الهوى.
لا تكثر الاقتراحات على الله؛ وتعلم حكمته!
اذاً؛ فهناك حِكٓمٌ كثيرة من إخفاء أسماء المنافقين؛ من تمحيص؛ وتركيز على العلامات الدائمة؛ لا الشخصيات المؤقتة؛ ولعدم العلم بآخرين؛ ولاحتمال توبة..
سؤال:
ولماذا كشف النبي بعض أسماء المنافقين؛ وإن كان هؤلاء قلة؟
الجواب:
لعدة أمور:
١- لعلمه بنفاقهم.
٢- لعلمه بخاتمتهم.
٣- لاستنفاذهم سبل الهداية.
فمثلاً؛ في التصريح ببعض أسماء المنافقين؛ ممن ماتوا؛ تعليم للمسلمين للبحث عن صفاتهم والقياس عليهم؛ والحذر من أصحابهم؛ وعدم الاغترار بمظهرهم الخ؛ والتصريح لبعض المسلمين فقط - كما أسر لحذيفة - إنما أسر إليه ١٥ فقط؛ ورجا لثلاثة منهم التوبة؛ وعلم بنهاية ١٢ منهم؛ أنهم منافقون الى يوم القيامة؛ وإسراره لحذيفة لمكانة وصل إليها حذيفة؛ من كثرة سؤاله عن الشر مخافة أن يقع فيه؛ وجزاء له على حرصه على العلم؛ ولمحاولة هؤلاء اغتيال النبي الخ؛ وقد حذر النبي من أشخاص علناً؛ وأخبر بسوء عاقبتهم؛ وجعل هذا التحذير وهذا الإخبار ابتلاء للأمة؛ ولكن هؤلاء المذمومين وصلوا للسلطة؛ وكُتمت مثالبهم؛ وواصل أهل الحديث والمغازي والتواريخ التكتم عليهم من باب التقية؛ فكانوا يقولون: هرب فلان من المعركة؛ ولا يسمونه من باب الخوف على أنفسهم؛ فبعض من حذر منهم النبي وصلوا لمراكز قيادية؛ وقهروا الناس؛ فحذروهم؛ ورووا مثالبهم بطريقة يعرفها العاقل وتخفى على البليد غير المكلف بمعرفتهم؛ وقد استمر التكتم والإخفاء خشية السلطة والعامة؛ وصرح بعض الصحابة بذلك؛ فهذا يخشى أن يقطعون بلعومه؛ وهذا يخشى التكذيب؛ وذاك يُختم على عنقه بالنار؛ واستمر التكتم في معظم الأمصار؛ ولكن مع ذلك روى أهل الحديث كثيراً من تلك الأخبار؛ ولكن بعد طمس الأسماء وقولهم ( فلان أو رجل ...الخ)

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1115
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28