• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : النفاق والمنافقون والسماعون لهم؛ ثقافه مستشريه! .

النفاق والمنافقون والسماعون لهم؛ ثقافه مستشريه!



إذا كانت ثقافة النفاق قد شقت اللمؤمنين نصفين؛ في عهد النبي نفسه؛ ووجدت لها منهم سماعين؛ فمن المتوقع أن يصبحوا قادة الثقافة الإسلامية فيما بعد؛ ولذلك هذه الثقافة أنتجت هجران القرآن والالتفاف عليه بالحديث والأثر؛ وتسببت في هشاشة الخطاب كما نراه اليوم؛ وعسكرة الإسلام؛ وزيادة العقوبات؛ الخ.



ما كثف الله التحذير من المنافقين عبثاً! ولم يكن يكن لأفراد معزولين؛ بل كان النفاق ثقافة كبيرة؛ وفئات متضامنة شقّت المؤمنين فئتين والنبي حي؛ فقوله (فما لكم في المنافقين فئتين)؛ وقوله (وفيكم سماعون لهم)؛ وقوله (ها أنتم أؤلاء تحبونهم ولا يحبونكم)؛ أدلة ناصعة على أن تصورنا عنهم باطل؛ القرآن ينقل تاريخاً غير التاريخ الذي ينقله أهل الحديث والسيرة.
المنافقون في القرآن كثرة؛ لها ثقافة مؤثرة؛ والمنافقون في كتب السيرة أفراد مساكين؛ القرآن يثبت أن النفاق تزايد في آخر العهد النبوي أكثر مما كانوا في أوله؛ تلحظ ذلك في السور المتأخرة (كالتوبة والمائدة)؛ وهذا عكس التصور العام؛ وكان المنافقون - وفق القرآن -  في وضع مريح جداً؛ تحالفات عريضة؛ وأموال وتجارة  ونفاذ للثقافة الماكرة داخل الفئة المؤمنة؛
عكس التصور العام أيضا؛ وإذا كانت الثقافة النفاقية قد شقت المؤمنين نصفين (فمالكم في المنافقين فئتين) مع وجود النبي والوحي؛ فماذا ستفعل مع توقف النزول وموت النبي؟
جرأة المنافقين في عهد النبي وصلت لحد أنهم (يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) علناً؛ (وإذا قيل لهم لا تفسدرا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)؛فإذا كانت هذه جرأتهم في عهد النبي - وفق القرآن - فكيف ستكون جرأتهم بعد وفاة النبي؟
ولذلك فالنفاق قصة كبيرة؛ وليست فئة معزولة - كما نتصور بسذاجة - الثقافة النفاقية خادعة؛ وليست دعوة مباشرة لتكذيب النبوة؛ مثلا؛ ولو كانت كذلك لما قال الله (وفيكم سماعون لهم)! فضمير المخاطب  يعود على مؤمنين.
ثقافة المنافقين كانت تلبس لبوساً دينياً رقيقاً خداعاً هشاً؛ كحال أكثر الإسلاميين اليوم؛ وإلا لما كان لهم سماعون مخدوعون بهم وبثقافتهم؛ إذا كانت ثقافة النفاق قد شقت اللمؤمنين نصفين؛ في عهد النبي نفسه؛ ووجدت لها منهم سماعين؛ فمن المتوقع أن يصبحوا قادة الثقافة الإسلامية فيما بعد؛ ولذلك هذه الثقافة أنتجت هجران القرآن والالتفاف عليه بالحديث والأثر؛ وتسببت في هشاشة الخطاب كما نراه اليوم؛ وعسكرة الإسلام؛ وزيادة العقوبات؛ الخ.
التجديد للإسلام لا يكون بإهمال ما كثف الله التحذير منه؛ كالنفاق؛ هذا التراخي مع النفاق وأثره هو الذي أتاح للنفاق البقاء بخطابه الهش المزّين؛ يستحيل أن نجدد الإسلام ونحن لا نصدق؛ أو لا نهتم؛ بما ذكره الله عن مواطن الخلل الأولى؛ يستحيل أن تحذر من ثقافة المنافقين وأنت من السماعين لهم؛ المنافق قد يعلم أنه منافق وقد لا يعلم.

الحالة الثانية هي الغالبة على الأتباع؛ فأغلبهم يحسبون أنهم مهتدون؛ لأن ثقافة النفاق كما قلنا خادعة؛ خوف الأتباع على رموز معينين هو الذي يمنعهم من فهم النفاق والمنافقين؛ فهم يشترطون مسبقاً؛ ألا تصيب ثقافة النفاق فلاناً وفلاناً؛ وهذا من النفاق؛ كل من يشترط على الله أن يحصر المنافقين في بعض الأنصار فقط؛ فهو متأثر بالمنافقين؛ كل من يظن أنهم أفراد لا يسمعهم أحد فهو متأثر بثقافة النفاق؛ المحب للمعرفة والحقيقة لا يشترط عليها مسبقا؛ وإنما يترك القرآن يقوده حيث يريد القرآن نفسه؛ أما إذا اشترط على القرآن فهذا أول النفاق؛ وصريحه.
النفاق نتيجة عوامل نفسية وعقلية؛ وقد تكون في أي فئة؛ بل لأن الله خلق البشر بالملكات نفسها فمن الطبيعي ألا يكون مختصاً بالأنصار دون قريش؛ النفاق موجود في كل الفئات التي عاصرت النبي؛ فكان في الأنصاريين والقرشيين والأعراب؛ مثلما الإخلاص موجوداً في هذه الفئات أيضاً؛ التخصيص عنصرية؛ نعم أثنى القرآن على المهاجرين والأنصار؛ ولكنه وضع ضوابط قرآنية للهجرة والنصرة؛ ولو كان الخطاب لكل أنصاري؛ مثلا؛ لشمل عبد الله بن أبي بن سلول؛ اعني أن الثناء على الأنصار لا يشمل كل أنصاري؛ وإنما للنصرة مقيدات قرآنية؛ والثناء على المهاجرين لا يشمل كل مهاجر؛ لوجود من هاجر لدنيا يصيبها؛ فالإيمان في كل الفئات والقبائل؛ والنفاق في كل الفئات والقبائل؛ فمن بادر باشتراط براءة قبيلة فهذا لا يهمه القرآن؛ إنما تهمه القبيلة؛ وهذا نفاق.
الذي يستعجل ويقول: "النفاق في الأنصار فقط"؛ إما أنه لا يفهم النفاق أويكون قد اشترط على القرآن مسبقاً ألا يمس قريشاً بسوء! وهذا تحكم وعصبية؛ عندما تبحث الموضوع قرآنياً افتح جميع الاحتمالات واستعد لقبول أي احتمال يترجح بالدليل؛ هذا هو البحث الصادق؛ ولا تخشوا أن يحيف الله عليكم ورسوله؛ من خشي أن يحيف الله عليه ورسوله يكون قد سرت فيه ثقافة النفاق قطعاً.
ابحث بهدوء ويقين أن القرآن لن يضلك؛  افتح للقرآن الأبواب المغلقة يفتح عليك؛ النفاق ليس نتيجة الضعف والخوف فقط؛ النفاق له عوامل كثيرة؛ الخوف؛ الطمع؛ الشك؛ التأثر بالثقافة اليهودية؛ المصالح؛ العصبية؛ الرياء الخ؛ الثقافة الناتجة عن الثقافة النفاقية القديمة تحاصر عقلك بحصر أسباب النفاق في سبب واحد فقط؛ وهو الخوف! القرآن يذكر عوامل كثيرة؛ منها ما سبق؛ لا تبحث في القرآن وفي بالك اتهام أحد ولا تبرئته؛ لا اتهام قبيلة ولا تبرئتها؛ اترك للقرآن فرصة أن يعلمك هو؛ اذهب إلى القرآن تلميذاً لا أستاذاً.
من علامات الثقافة المتأثرة بالنفاق القديم أن يسابقك أحدهم بسؤالك: من تقصد؟
فيحرم نفسه من التعلم بسبب توهمه بأنك تقصد شخصنة النفاق؛ وهذا نفاق؛ لأن من صفات المنافقين أنهم (يحسبون كل صيحة عليهم)؛ ويخافون (أن يحيف عليهم الله ورسوله)؛ فيدفعهم الخوف للمسارعة بسؤالك عما يخاف من نتائج؛ والأولى بالباحث الجاد أن يدرس ظاهرة النفاق وخطوطها العريضة وعواملها وظروفها وتشتتها في القبائل وأثرها في الناس؛ أما الشخصنة فأغلبها ظني.
لا تطمع في تجديد جاد وأنت تهمل ما عظمه الله وتعظم ما هونه الله؛ يا ترى من الذي صبغنا بهذه الصبغة المفارقة للقرآن؟
أليس ثقافة النفاق نفسها؟؟
الذين يزهدوننا في معرفة المنافقين والمجرمين ينسون أن هذه أيضاً من آثار الثقافة النفاقية المفارقة للقرآن الذي يقول :

{وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)}
[ألأنعام]
من أهداف تفصيل الكتاب أن تستبين سبيل المجرمين؛ ولم يقل (ولتستبين سبيل الصالحين)؛ فالصلاح بيّن واضح؛ وإنما الحذر من تشويش المجرمين ومكرهم؛ لولا سبيل المجرمين لما اختلف اثنان في وجوب الصدق والعدل والأمانة وترك تزكية النفس وحرمة بخس الناس أشياءهم والعدل في القول واجتناب الزور الخ؛ الذي شوش علينا الواجبات والفضائل والعدل والإحسان وهوّن من الجرائم والمظالم والسوء والفحشاء حتى أصبحت ديناً هم المجرمون وسبيلهم (مذهبهم)؛ فالثقافة الشيطانية الكبرى- التي نسيناها أيضاً - أنتجت ثقافات متنوعة ( نفاقية/ إجرامية..الخ)؛  وبتلبيس وتزيين وزخرفة القول غرورا؛ فكنا كما ترون.
الخروج من هذا المأزق الأخلاقي والحضاري عند المسلمين يكون بعودة صادقة للقرآن؛ وبلا شروط مسبقة؛ فالعودة للنور الكاشف أسهل من التمادي في العمى؛حتى هذا الحصر في تعريف المنافق - بأنه من يبطن الكفر ويظهر الإسلام - هو من نتائج ثقافة النفاق؛ النفاق في القرآن أوسع من هذا الحصر؛ فمن الذي حصره؟
بل أميز صفة وصف الله بها المنافقين هي قوله (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا)؛ فمن الذي يعتقدها اليوم؟!
أعني من الذي يظن أن للمنافقين إيمان سابق؟!
اذاً فأكثر المسلمين يتبعون الثقافة النفاقية حتى في تعريف المنافق؛ إذ عملوا على حصر تعريف النفاق لينطبق على حالة عبد الله بن أبي فقط!
مكر كبار.
انظر صفات المنافقين في السورة التي سميت باسمهم؛ ستجد الثقافة العامة للمسلمين لا تبالي بها؛ وخاصة كفرهم بعد إيمان!

{(ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)}
(المنافقون)
إضافة إلى وجود أصناف كثيرة؛ تتقاطع مع المنافقين في أمور وتفترق عنهم في أخرى؛ كالمتربصين والمرجفين والذين في قلوبهم مرض؛ وأكثر الأعراب؛ الخ؛ هذه المجموعات والتكتلات المتحالفة لابد أن يكون تحذير الله منها في محله؛ وفي كل وقت؛ ولا يستهين بها ويغفلها إلا الثقافة النفاقية والمتأثرون بها؛ وكم من ذامٍ للنفاق وهو داخل الثقافة النفاقية التي لا ترفع رأساً للقرآن ولا تعرف من صفات النفاق إلا تلك الصفة التي انطبقت على بعضهم دون بعض؛ فالنفاق شبكة معقدة من الأشخاص والفئات والخصال؛ قد تفترق في المصالح ولكنها تتحد ضد الهدى؛ فالهدى عدوها الأول الذي سيفقدها كل المصالح والأمراض.
هناك علاقة عاطفية قوية بين المنافق ونفاقه وتتفرع إلى إخلاص المستكبر لكبره؛ والكاذب لكذبه؛ والظالم لظلمه؛ والجاهل لجهله؛ والحاسد لحسده الخ؛ هذه العاطفة لم يكونها الشيطان من فراغ؛ وإنما بعد عمليات ثقافية شاقة؛ تتقاطع مع مصالح وعصبيات واستكثار وأمن من مكر الله وعجلة في النظر للمآلات؛ لذلك؛ لا تظنوا أن كل منافق يعرف أنه منافق؛ قد يرى نفسه مهتدياً خالصاً- وهذا ما يريده الشيطان بالضبط - ليؤدي دوره بمصداقية كبيرة تؤثر في الناس؛ هل يعجز الشيطان؛ بخبرته الطويله وتزيينه ومكره؛ أن يكون كأحد أجهزة الاستخبارات في العالم؟؟
أليس الأفضل لكل جهاز استخباري أن يشغل الناس بالمجان؟
المشتغل بالمجان؛ الذي لا يدري أنه تابع للشيطان؛ يكون أكثر حماساً ومصداقية؛ ويستطيع تجييش الناس معه؛ وخاصة إذا اهتم بالصغائر وغفل عن الموبقات..
لماذا الكاميرا الخفية تكون أكثر إمتاعاً من التمثيل؟!
لأن من لا يعلم أنه جزء من المشهد يكون أكثر إضحاكاً!
كم كاميرات خفية يضحك منها إبليس؟؟

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1111
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28