• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : قراءة في أقسام الجهل عند الغزالي! .

قراءة في أقسام الجهل عند الغزالي!


عدَّ أبو حامد الغزالي الجهل من الأمراض، وقسمه إلى أربعة أقسام،  واحد فقط يقبل العلاج، وبقية الثلاثة غير قابلة للعلاج.
القسم الأول : مرض الجهل العضال: وهو من كان سؤاله واعتراضه ناتج عن حسده وبغضه، فهذا الجاهل لا يفيد معه الجواب الواضح الفصيح الحسن أبداً.
أما القسم الثاني: فهو جهل الأحمق جبلةً، وهذا الرجل يشتغل بطلب العلم زمناً قليلاً ويتعلم شيئاً من العلم الشرعي والعقلي ثم ينصب نفسه إلهاً.
أما القسم الثالث: فهو جهل ذلك المسترشد، الذي يحمل الكلام على محمل فهمه القاصر؛ وذلك لبلادته.
وهؤلاء الثلاثة ينصح الغزالي بعدم الإلتفات إليهم.
أما الرابع؛ المريض بالجهل القابل للعلاج: فهو المسترشد العاقل، لا يغلبه الحسد والغضب وحب الشهوات، ((ولايكون سؤاله عن تعنت وامتحان)).
هذه الوصية التي نقلها، بتصرف، الأخ الصديق الباحث عبد الله الغانم من رسالة الغزالي" أيها الولد" وأرسلها لي، فاستأذنته بتغريدها لنفاستها، وحتى تكتشف نفسك من أي الأقسام أنت - والجهل نسبي فلا يبرأ منه أحد - فحاول أن تنظر: هل تستطيع البراءة بالحلف من الأقسام الثلاثة الأولى أم لا؟
والذي أراه - من ملاحظة عامة وليس نتيجة بحث ما - أن أغلب طلبة علوم الدين من الفئة الأولى (نوع العضال)، وطلبة العلوم الطبيعية من القسم الرابع، وإن صحت هذه الملاحظة العامة؛ فهذا يفسر صدور كل بلاء من غلو وعنف وعداوة بغضاء وأحقاد وفحش.. الخ من القسم الأول، وجمهورهم من الثاني والثالث! وهذا يفسر النتيجة النهائية لوضع العرب والمسلمين؛ من تخلف وجهل وعداوات ومظالم وكتم حريات وانتهاك حقوق؛ لأن الله يأبى أن نتطور بالكذب عليه. والله ينتظر وهم ينتظرون.
الله ينتظر منهم الضراعة والتوبة والخضوع بالاعتراف بالذنوب.. الخ، وهم ينتظرون من الله أن يتبعهم في تشريع دائهم العضال، المرضى يرون أنهم سيشفون-سيتطورون ويتقدمون - بلا اعتراف بالداء؛ والطبيب ينتظر من المريض أن يعترف أولاً أنه مريض، ثم يراجعه ليدله على العلاج.
كثير من المسلمين هم في هذه الأزمة الدائمة؛ بسبب رفضهم للاعتراف، لكن ماذا يفعلون بالكبر؟
وكيف يتفشلون أمام أتباعهم؟

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)) [ألأعراف]

هناك شرطان في الآية:
١-الإيمان الصادق – استشعاراً - بكل ما أمر الله بالإيمان به؛ ومن ذلك هذه الآية.
٢- التقوى : وهو كف الأذى بالدرجة الأولى.
الناس لا يستطيعون الإيمان بكل ما أمر الله بالإيمان به؛ نتيجة ثقافة أجداد خالطت القلوب بقوة وحب؛ فمن الصعب عليهم نفسياً التفريط بهذا كله! لذلك رأوا أنه من الأنسب أن يؤمنوا ببعض ما أمرهم الله أن يومنوا به؛ ويكفروا (جحداً او تغطية) بالبعض الآخر الذي يشكل خطورة على تلك الثقافة.
لكن الله لا يقبل الإيمان بالبعض والكفر بالبعض؛ لأنه هذا يجعل الخيار في يد العبد؛ وينم عن كبر دفين وكذب في دعوى الإيمان المطلق الصادق. الله يريدك ألا تخادعه، يريد أن يثبت لك بأنه لا يُخدع، وأنت تظن أنك بالدعوى تستطيع مخادعته، لذلك انت تنتظر الفرج وهو ينتظر منك الاعتراف.
الله لا يقبل منك دعوى الإيمان، وإنما يمحصك بأحب تلك الثقافة الموروثة؛ لينظر أتعبده صادقاً أم أنك تدعي عبادته كاذباً وتذم الجاهلية كاذباً. الله لا يقبل منك المخادعة ولا الكبر؛ وإلا لقبله من إبليس  قبلك؛ فقد عبد الله أكثر منك؛ ولكنه أراد كما تريد؛ أن يؤمن ببعض ويكفر ببعض!
ما كان الله ظالماً ليدخلك الجنة مع ذنب قد أخرج به منها مٓلٓكاً من الملائكة! ألا وهو الكبر!
أتريد أن تجعل لإبليس حجة على الله؟
الخلاصة:
ليحاول المسلمون أن يكونوا صادقين في الإيمان بكل ما أمر الله بالإيمان به؛ وأن يكفوا الأذى والعدوان؛ وستتنزل عندئذ البركات الموعودة.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1022
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28