• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : تعليق على بحث ( تبرئة نبي الله إبراهيم من الكذب) - ألجزء ألثاني .

تعليق على بحث ( تبرئة نبي الله إبراهيم من الكذب) - ألجزء ألثاني

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"


مواضيع اخرى:

هل قصر رسول الله في بيان موضوعات القرآن؟!

علم الحديث - معايير دينيه لا مذهبيه (الجزء الثاني ).

علم الحديث - أبو هريرة نموذجاً (الجزء الثالث )






علم الحديث - أبو هريرة وألأثر السياسي (الجزء الرابع)





علم الحديث - أمانة أهل الحديث ... في الميزان!(ألجزء السادس)

 

ذكرنا في الجزء الأول أن الآية (بل فعله كبيرهم هذا) مشروط بـ (إن كانوا ينطقون)، وللأمانة فهذا المعنى قد ذكره بعض السنة وبعض الشيعة، وأظن هؤلاء وهؤلاء قد أخذوه من الإمام جعفر الصادق، فهو أول من وجدت نص التبرئة عنه.

ورواية الشيعة - في عدة مصادر - تقول:

(سئل الصادق عن قول الله عز وجل في قصة إبراهيم (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون) ؟

فقال :

ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم!

قيل: وكيف؟

فقال : إنما قال :إن كانوا ينطقون، أي إن نطقوا فكبيرهم فعل، وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئاً، فما نطقوا وما كذب إبراهيم)  انتهى قول جعفر الصادق، وهو جواب جليل جداً، فالفضل يعود إليه في أصل الجواب الذي نقله محققون سنة وشيعة. وهذا من بركات علوم أهل البيت التي هجرناها واستغنينا عنها بالروايات الإسرائيلية التي تشين الأنبياء، ليس في حق إبراهيم فقط بل القصص كثيرة.

فإن من يحقق فيما يخص قصص الأنبياء واليوم الآخر.. بل وصفات الله .. سيجد معظم مادة أهل الحديث من ثقافة اليهود والنصارى. وهذا موضوع طويل جداً!

لمراعة: [علم الحديث - تأثير أهل الكتاب عند أهل الحديث (ألجزء الخامس)] هنا.

لكن نصيحتي لطلبة العلم أن يتوقفوا  - على الأقل - في الأحاديث المسيئة لله، وهي كل أحاديث التشبيه أو المسيئة للأنبياء..  كهذا الحديث! حتى يتبينوا.

بقي قوله تعالى عن إبراهيم (إني سقيم)، وعدها أبو هريرة - تبعاً لأستاذه كعب الأحبار اليهودي الأصل - من كذبات إبراهيم!

والسؤال: ما أدراهم؟

لماذا لا يكون إبراهيم صادقاً بأنه سقيم؟

أين الدليل على أنه كذب في هذا؟

أليس يمرض الأنبياء ؟

وهذا لا يمنع كونه كسر أصنامهم..  فالسقيم يتحرك!

الجواب الثاني: ذكر بعض أهل السنة والشيعة أن إبراهيم يعرف مرضه من النجوم، وأن السحرة كذبة، لأنهم يقلدون الأنبياء بلا علم.. بعكس الأنبياء، فالنجوم - على رأي هؤلاء - هي علامات ودلالات، وليس لها من الأثر شيء، مثلما يستدل المزارعون بالنجوم على مواقيت الزراعة والأمطار.. فهو علم صحيح!

وإنما كان ذم المنجمين لأنهم لا يقتصرون على العلم الصحيح من النجوم، بل يخبطون فيها خبط عشواء، وينسبون إليها التأثير المستقل في المخلوقات..

وعلى هذا فخروج قوم إبراهيم لموعد عيد لهم كان في وقت عرف فيه إبراهيم - من نظرته في النجوم - أنه سيكون سقيماً في وقت خروجهم، ودليل هؤلاء

(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)) [الصافات]

فهم ربطوا بين نظرته في النجوم وعلمه بحلول سقمه.

أما الجواب الثالث: فالسقم أنواع، سقم الجسد وسقم التعب، ومنها أنه سقم من عبادتهم الأصنام ومجادلتهم، مثلما نقول اليوم : الغلاة يُمِرضون!.. فقد تتجادل مع من لا يفهم حتى تقول : تراك أمرضتني! فأنا مريض.. وتقوم بحظره وأخذ راحة لنفسك، فإبراهيم تعب من هؤلاء، ولا يريد صحبتهم، فهذا سقم!

جواب رابع: قيل أن مراد إبراهيم الإخبار عن المستقبل، أنه سيموت موتاً، ويسبق ذلك سقم، فقوله إني سقيم كقول الله للنبي (إنك ميت)، أي بحسب المآل، فقول الله للنبي وهو حي (إنك ميت وإنهم ميتون) أي إنك ستموت وهم سيموتون، فما الفرق بين (إني سقيم) و (إنك ميت)؟ ولكن الجواب الأول أقوى عندي.

فالخلاصة في هذه الكذبة المزعومة أنه لا دليل عليها أنها كذبة، سواء كان الإخبار عن الحال أو المآل.. عن سقم القلب من هؤلاء الكفار أو سقم البدن.

وأما ما زعمه أبو هريرة من أن إبراهيم قال عن زوجته إنها أختي:

فلو صح فليست كذبة، فالجميع أخوة في الدين، والتورية مباحة للضرورة. فأنت إذا خفت من ظلم ظالم جاز لك التورية، بل بعض العلماء يجيزون -  بأدلة - الكذب عند الاضطرار وخشية وقوع الظلم، ولكن الناس توسعوا في هذا.

وعلى كل حال فدلائل براءة إبراهيم من الكذب أقوى من احتمالاتهم كذبه، ولو قيل لأحد هؤلاء:كذب أبو هريرة أو معاوية ثلاث كذبات لاستنكر ذلك بشدة!

وهذه المعاريض تشبه أمر يوسف : (أيتها العير إنكم لسارقون)، هو يقصد سرقتم يوسف من أبيه! وليس صواع الملك. ولهذا التأويل قرائن من السياق نفسه، ومن ذلك قول أصحاب يوسف (نفقد صواع الملك)، ولم يقولوا (سرقتم صواع الملك) فوصفهم بالسرقة لأمر سابق ثابت فيهم، ولم يتوبوا منه، وهو سرقة يوسف.

والخلاصة أن الله قد أباح الكفر اللساني في حالات - كحالة عمار بن ياسر - (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) فالمعاريض والتوريات من باب أولى. نقول هذا تنزلاً،  وإلا فلم يثبت على إبراهيم ولا غيره من الأنبياء كذبة.. علماً بأنني لا أقول بالعصمة التي يراها الأخوة الشيعة ولا الأشاعرة.

يعني لا أقول بالعصمة من السهو ولا النسيان وخلاف الأولى وما أشبه ذلك، ولكن نعم.. لا أقول بكذب الأنبياء، ولو لمرات يسيرة (كما يزعم أبو هريرة).

وعلى كل حال.. فموضوع الأحاديث وكثرتها والتهامها من قبل الروائيين قد أفسدت علينا تدبر القرآن، وتم حشو عقولنا بالمعلومات الروائية دون القرآنية.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=885
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19