• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : المغرور يحتاج للنقد الذاتي! - الجزء ألثاني .

المغرور يحتاج للنقد الذاتي! - الجزء ألثاني

عندما نتحدث عن ( الطفولة) بسلبية نعني تلك الطفولة الشقية، أي الشق السلبي من الطفولة لا الايجابي منها..

وهذا واضح.

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي".

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"


عبادة الذات ... وكيف حاربها القرآن؟

كان العرب قبل ظهور النبوة - كما أسلفنا - يدور اهتمامهم على المدح والفخر والكبرياء.. الخ، ويعملون لأجلها..

فرجل مثل حاتم الطائي قد لا يتحلى بالكرم إلا للمدح - ويحتاج إلى تحقيق - وكل فارس يقول (لن تتحدث بنات قومي أنني فررت ..الخ) فالهم هو هنا.

بمعنى: لا تغتروا بكثير مما يذكر من مكارم الأخلاق، فهي ليست أصيلة عند أكثر العرب،  أي لا يراد بها ذاتها، وإنما السمعة والذكر = يعني المدح.

صحيح أن النبي صلوات الله عليه إنما أتى  (ليتمم مكارم الأخلاق)، لكن المكارم عند أصحابها فقط، وليس عند من يعملها طلباً للذكر والسمعة والمدح، وهناك فرق بين من يطعم الفقير لأن فيه جانباً إنسانياً، ومن يطعم الفقير حتى يقال (هذا كريم) هناك فرق كبير بين الأمرين، النبوة تريد الأولى، ولذلك حارب القرآن الكريم هذه (الدواخل النفسية التي تعود للكبر وحب المدح والغرور)، وحث على الإخلاص وأبتغاء مرضاة الله  وذم الرياء، وسماه شركاً، وحتى ذكر النبي أن أول من تسعر بهم جهنم / عالم ومجاهد ومتصدق، لأنهم كلهم فعلوا هذه الخصال الحميدة (ليقال كذا وكذا)، وقد قيل، فهذا جزاؤهم .

أشد آية كريمة حاربت هذه الطفولة (العربية الجاهلية) في الجيل النبوي..

هو قوله تعالى

(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران/188]

لا إله إلا الله، لنفتش عن أنفسنا، هل منا من لا يفرح بما أتى من مكارم؟

هل منا من لا يحب أن يُمدح بما لم يفعل؟

اللهم غفراً  ما أجهلنا بأنفسنا.

هذه الثقافة القرآنية (المؤلمة) لم يعلمونا إياها، لا في المدارس ولا في المنابر ولا في العقائد، وأصبحت هذه الخطايا ثقافة عامة للمسلمين..

هذه هي الآية الوحيدة التي كرر الله فيها (لا تحسب)، لكننا نحسب أنه لا بأس أن نفرح بما نعمل، وأن يُنسب إلينا ما لم نعمل! يعني لا فائدة من تكرار!! لو كرر الله (لا تحسبن/ لا تحسبوا ) عشرات المرات فسنهملها (ونحسب) غصباً عنها ونخترع أحاديث مضادة تقول: ( وجبت وجبت وجبت)  وأننا شهداء الله!

هذه الطفولة التي فينا دفعتنا لهجر الآيات ولوضع الأحاديث في مدح سلفنا وخلفنا، ولوضع عقائد في السير على نهج من سبقنا من أشخاص، أهملوا القرآن.. الخ

إذاً.. فطفولة تدفعنا لكل هذه الجرائم طفولة خطيرة جداً، وقد جرّت العرب الجاهليين من قبلنا إلى التقاتل وقطيعة الرحموالظلم واضطهاد الضعيف.

 يبقى السؤال:

لماذا يتوعد الله (الذين يفرحون بما أتوا) بالعذاب؟

أليس من حقهم؟

ولماذا يتوعد الذين (يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا) بالعذاب؟

الجواب:

صاحب الوعيد الذي يفرح بما أتى، لا يفرح به للخلق نفسه أو للآخر، يفرح به لنفسه يعني (حتى يقال)! ومن هنا جاء الوعيد، فالدين كله لله.

الذي يتبرع بالأموال ويريد أن يتم الإعلان عن ذلك في الصحف لإظهاره بأنه رجل خير ..  هذا يعبد نفسه ولا يهمه أستفاد الفقراء أم لم يستفيدوا.. الله يعطي هذه النفس وليس هذا الفعل، يريد هذه النفس كيف هي.. ما هدفها من هذا الإنفاق؟

هل هي تشعر بآلام الفقراء مثلاً، أم تريد الإعلان والسمعة؟

النعيم والعذاب ليس للأفعال،  إنما لنفوس،  فما هي النفس التي تستحق الجزاء الحسن؟

هي النفس الحسنة من الداخل الصادقة.. أما المرائية فنفس خبيثة.

 


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=817
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29