• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : لفهم الشيعة .

لفهم الشيعة

مجموعة تغريدات تخاطب وعينا الانساني والمذهبي..

تخاطبنا جميعا..سنه وشيعه

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي"

التغريدات من شهر مارس 2012

قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"


 

 

نظرا للضخ المذهبي في التفريق بين السنة والشيعة وحثهم على العنف - حتى في المجتمع الواحد - فمن واجبي أن أدعو الفريقين لفهم بعضهما، وبما أنني سني حر - شاء من شاء وأبى من أبى - فمن واجبي ألا أصب الزيت على النار، وإنما أسهم في تفهيم أهل مذهبي : من هم الشيعة؟


ولابد أن نتفق أولا على أن الجميع يريد الجنة والنجاة من النار؛ وأن كل مذهب إنما تمسك في الجملة بادلة يراها الطريق للهدى، وأن المهم ليس التحلي بالأسماء والألقاب، وإنما ما وقع في القلب من الإيمان وصدقه العمل، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا..
الكل مسلم..
وأن ذم بعض الصحابة أو تكفيرهم ليس فيه حد شرعي - وإن كان ظلما عظيما - فالحدود الشرعية مقتصرة على جنائيات محدودة جدا.. من قتل وغيره، فلا نص شرعي في عقوبة ساب الصحابي، أما النصوص الوضعية - من الفقهاء الزائدين على شرع الله ما ليس منه - فكثيرة، لكنها أحكام وضعية.
كذلك لم يعاقب أبو بكر من سبه (كما في حديث أبي برزة في مسند أحمد) ولم يعاقب علي من سبه وكفّره من الخوارج؛ وهما أعلم بالحدود وأحرص.
ولا يجوز للمسلم أن يستجيب لعاطفته فيشرع لها عقوبات ترضي غضبها وحقدها على الآخر، فهذا شرك في التشريع بإجماع السنة والشيعة، وكل مسلم يرى أن تشريعه أكمل مما جاء به الله ورسوله فقد كفر، وهي من نواقض [لا إله إلا الله]، لذلك فالغضب شئ والتشريع شئ آخر.
ولأن الحقد على الشيعة - وهم أقلية في بلادنا - ولحقهم بعض الظلم، فلابد من فهمهم ونشر ثقافة صحيحة عن أصل التشيع بدلا من المزيفة..
الشيعة يدورون حول محبة أهل البيت الخمسة أصحاب الكساء، وهم النبي وعلي وفاطمة وابناهما، ثم تفترق الشيعة فرقا شتى.. غلوا واعتدالا.
وهم يعتقدون عصمة أهل البيت.. هؤلاء ويرون فيهم العصمة - وأنا لا أؤمن بالعصمة لكني أتفهم لماذا قالوا بالعصمة - ولا عقوبة إلا بنص..
وهم يرون أن الخليفة الشرعي بعد النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة هو الإمام علي بن أبي طالب.. ويرون أن أصحاب السقيفة ارتدوا على أعقابهم وضلوا.. ثم هم يتفاوتون في تفسير هذه الردة، بين من يقول ردة لغوية صغرى ومن يقول ردة كبرى، وفيهم من يقول إن الثلاثة كانوا منافقين. ويزعمون أنه لم ينجو من تلك الردة - صغرى أو كبرى - إلا عدد محدود لا يتجاوزون العشرة أو العشرين على أكبر حد (فيما أعلم).
لكن الشيعة أنفسهم يثبتون بأن أغلب هؤلاء الصحابة قد تاب وناصر الإمام علي في حروبه، وسردوا أسماءهم وأثنوا عليهم في كتب الرجال. وعلى هذا فليس صحيحا أن الشيعة يحكمون على كل الصحابة بالردة والنار، بل لعلهم يحكمون لأغلب أهل بدر والرضوان بالتوبة والصلاح. فإنهم يترضون على كل الصحابة الذين ناصروا عليا.. سواء يوم السقيفة أو في خلافته، ومجموع هؤلاء وهؤلاء هم أكثر أهل بدر والرضوان. وهذه المسألة يفشل الشيعة في بيانها، رغم وجودها في كتبهم المتقدمة، ككتاب (تسمية من شهد حروب علي من الصحابة) لابن أبي رافع. كما أن أهل السنة يبالغون في استغلال حكمهم الأول على من خذل عليا أيام السقيفة، وكأن الشيعة استمروا على تكفير هؤلاء وردتهم! وهذه المسألة - مسألة الصحابة - يجب أن تتم مقاربتها بالإنصاف والعدل، فهناك نحو 100 بدري و800 من أصحاب الشجرة يواليهم الشيعة. ويوالون كذلك كل من مات في عهد النبي ص من الصحابة، وهم نحو 200، نصفهم من أهل بدر تقريبا، فأصبحوا يتولون أكثر أهل بدر والرضوان. بينما النواصب من فئة معاوية قتلوا ولعنوا من أهل بدر والرضوان أكثر مما لعن الشيعة دون قتل، فلا بد هنا من توحيد المعيار. وأنا مع المطرد الذي يحكم على النواصب والشيعة حكما واحدا في هذه المسألة، مع أن ذنب النواصب أعظم، لأنهم لم يسبوا فقط، بل قتلوا. 
أما الذين يبدعون من لعن هؤلاء ولا يبدعون من قتلهم - بل يحبون القتلة ويترضون عليهم - فهذه قسمة ضيزى! وهي نقطة ضعف سنية واضحة جدا. وإن اعتذر جماعتنا أهل السنة بأن من قتلهم كان مجتهدا متأولا فلا ريب أن عذر اللاعن أولى وأولى.. وإن كان اللعن جريمة فالقتل أولى.
وأنا أستغرب من حماقة كثير من الشيعة انهم لا يدفعون عن أنفسهم بمثل هذا العذر الذي يجعل السلفية في حرج شديد! وكأن الشيعة لم يقرءوا كتاب ابن أبي رافع ولا كتب أهل السنة في تراجم الصحابة، بل وروى أهل السنة كثيرا من ذلك بأسانيد كثيرة قوية. كما أن أهل السنة لديهم نقاط دفاع ضعيفة، وخاصة في مسألة العصمة، قد نشير إليها لاحقا.. لكن موضوعنا هنا عنوانه ( لفهم الشيعة).
وقد يقول البعض: لكن تكفير الشيعة لأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم جميعا، ألا يكفي لتكفيرهم وتبديعهم وبغضهم والبراءة منهم؟
نقول: 
أولا: ليس كل الشيعة يكفرون، وإنما هم طوائف، فمنهم من يقول بالردة الصغرى غيرالمخرجة من الملة، والتعميم على الشيعة خطأ. 
وثانيا: أننا لن نفهم الشيعة أبدا حتى نعرف أكبر أدلتهم في خلافة علي وإمامته، ووصية النبي له، فإن صحت فلهم جواب وإن بطلت لهم آخر.
ولا يجوز الحكم على فرقة حتى يتم فهم أدلتهم فهما منصفا حتى يكون حكمك عليهم مما تدين الله به، فحديث الغدير هو دليلهم الأكبر. ولهم أدلة أخرى، إلا أن أبلغ أدلتهم على الوصية لعلي هو حديث الغدير، ولا أخفيكم أنني قد بحثته زمانا، وقلبت النظر في طرقه ومتونه. والحديث للأمانة من أصح الأحاديث، بل جزم الذهبي والالباني وغيرهم بتواتره، فاختلاف السنة والشيعة ليس في صحته، وإنما في دلالته.. فما هو؟
يقول الحديث - وأصله في صحيح مسلم - أن النبي ص بعد عودته من حجة الوداع إلى المدينة وقف بالناس عند غدير يسمى (خم) قرب الجحفة، فأمر النبي بإرجاع من سبق وانتظار من تخلف، وكنس الدوحات فوق كثيب هناك، وبناء منبر، وصعد المنبر وخطب في الصحابة قائلا:

1- "أيها الناس أوشك أن أُدعى فأجيب (يعني قرب موته).
2- وإني قد تركت فيكم الثقلين لن تضلوا ما تمسكتم بهما أبدا. 
3- أكبرهما كتاب الله؛ حبل ممدود من السماء إلى الأرض فأوصى بكتاب الله وحث عليه.
4- وأصغرهما عترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي (ثلاثا).
5- أيها الناس ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟
قالوا: بلى يارسول الله..
فرفع يد علي وقال: ألا من كنت مولاه فهذا مولاه؛ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه!".
هذا هو القدر المتيقن من تلك الخطبة الطويلة، وبقيت ألفاط وزيادات صححها بعض أهل السنة، وبقيت زيادات عند الشيعة لم أذكرها، والمتفق عليه كاف. فهنا قالت الشيعة بأسرها - من أبي ذر والمقداد إلى كمال الحيدري - (هذه وصية واضحة صريحة)، فالنبي أخبر أنه سيغادر الدنيا، ونقل ولايته لعلي. وأن بعض الصحابة كعمر بن الخطاب فهم هذا المعنى فقام إلى علي قائلا: (هنيئا لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة) وصححها الالباني.

ماذا قال أهل السنة في الحديث (حديث الغدير)؟ 


حقيقة هناك فرق في الحكم بين إخراج الصحابة من أصحاب علي من أهل السنة وإدخالهم فيهم.. وهذا محور مهم. 
ولنترك الآن مسألة إدخالهم من عدمه ونذكر خلاصة قول أهل السنّة، فقولهم يدور حول (أن النبي أشاد بفضل علي، وليس النص صريحا في الخلافة). وبقي هذا العذر هو الغالب طوال ثمانية قرون، حتى أتى ابن تيمية فأضاف تفسيرا بأن الإمام علي تخاصم مع أهل اليمن، فأراد النبي نشر فضله! ولكن الجوابين ضعيفان - إذا أردنا الشهادة لله - فإما أن نضعف الحديث المتواتر أو نبحث عن أسباب أخرى للحديث. فأما الأول فيمكن بالعصبية لا العلم. وإما البحث عن أسباب أخرى فدعونا ننظر في السببين أو التعليلين لهذا الحديث، أما التعليل الأول بأنه ليس فيه نص بالخلافة فهذا صحيح، ولكن في سياق الحديث ما يدل على ما هو أقوى من لفظ الخلافة؛ ومن تأول هذا الحديث يستطيع أن يتأول الخلافة بان المراد بها خلافة صغرى على أهل بيته.
وإذا فتحنا باب التأويل هكذا بلا ضوابط ولا استحضار للشهادة لله، فقد نرد كثيرا من الآيات والأحاديث بسهولة بهذا السبب، فابحثوا عن تفسير آخر. وأضرب مثلا: فلو حج بنا الشيخ الفارس ثم أوقفنا في الطريق وأرسل لمن فات ومن تأخر بالحضور، ثم أخبرنا أنه يحب ابنه لقلنا: هذا مجنون! فإذا كان إبراهيم الفارس لا يرضى لنفسه هذا العبث بالحجاج الذين اتخذوه إماما، فهل يرضى بهذا العبث لرسول الله؟ لا سيما وأن القرائن أكثر. إذاً فالصادق لا يرضى من مذهبه بأي جواب كيفما اتفق، فالعبادة لله وحده وليست للمذهب، وهذه لا تظنونها سهلة فقد كفر كفار قريش بالعصبية فقط. ولايستعجل البعض ليرد الحديث الصحيح لكبت الشيعة، فهناك مسائل يستطيع أن يذم فيها الشيعة، والكلام الآن في حديث صحيح وليس في الشيعة فلتنتبه. 
وكما قلت.. فعنوان هذا الموضوع (لفهم الشيعة) لا نهدف لولاية فقيه ولا إعادة الأمور جذعة، فقد انتهت تلك المرحلة كلها، لكن من الضروري أن نفهم، وربما أيضا ستجدون أعذارا عن الصحابة تعجبكم، وستجدون حلقات في نقد مفهوم العصمة، لكن ليس بالضرورة أن نرد كل ما يقوله الشيعة.. فالشهادة لله. 
إذاً فالجواب الأول لأهل السنة بأن حديث الغدير مجرد إشادة بفضل علي جواب ضعيف جدا، بل باطل، فالعاقل العادي لا يفعل هذا، وكذلك جواب ابن تيمية باطل أيضا، لأن أهل اليمن رجعوا من مكة إلى بلادهم، وقد تمت الإشادة بعلي في مكة لرد عتب بعض اليمانيين، وهي قضية انتهت في حينها. 
إذاً فليبحث أهل السنة عن جواب آخر غير هذين الجوابين، فإنهما ضعيفان جدا أو باطلان، ويكفي أن تتصور نفسك في المشهد لتدرك الحدث. 
وبقي جواب للزيدية، وهو قولهم بأن هذا النص خفي وليس جلياً! وهذا ضعيف أيضا، فلم يكن النبي عيياً حتى يتفرق الناس وهم يقولون: ماذا قال آنفا؟ 

إذاً فالظاهر حتى الآن، أن حديث الغدير نص صريح، وسيأتي الاعتذار عن الصحابة، فلا يشغلنا الاعتذار عنهم عن الإيمان بالنص، فالنص أولى. وليس نص الغدير وحده، وإنما اشتهر لأنه كان في هذا الجمع العظيم وبهذه اللغة الصارمة وفي آخر حياة النبي، ولأنها خطبة مودع حقاً.
وله شواهد، منها حديث الصحيحين: (علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)..
أسألكم بالله، لو كان هذا الحديث في أبي بكر ماذا سنقول؟؟
ومنها حديث بريدة (علي وليكم بعدي)، صححه الألباني في الجزء الخامس من الصحيحة! 
لو كان هذا الحديث في أبي بكر ماذا سنقول؟ 
إذاً فافهموا الشيعة.
نعم ورد في أبي بكر أحاديث مضادة، لكن ليست في هذه القوة ولا الدلالة. وسيأتي الكلام عليها عندما نطالب الشيعة بفهم أهل السنة.

إذا كان الغدير صحيحا وواضحا، فكيف خالفه قسم كبير من الصحابة الكبار الذين لهم هجرة وجهاد وسبق للإسلام؟ 
وهل لهم تأويل؟
أم هل اضطروا؟ الخ
هذا يجعلنا نذكر ثلاث حالات حدثت بعد الغدير، وكان أولها بعث جيش أسامة، فهنا حصل عصيان مدني شامل تقريبا .. بعذر أو بدون عدر هذه مسألة أخرى.
ففي الصحيحين قصة أمر النبي ص لأسامة (أن يغدو صباحا)، فلم يمهله للظهر، ولكنهم بقوا سبعة عشر يوما تقريبا! وكان أسامة كلما جمعهم تفرقوا!.. وكانوا مرة يتعذرون بصغر سن أسامة بن زيد ومرة بأنهم لا يريدون أن يذهبوا وقد اشتد المرض برسول الله! 
هذه غريبة.. ولا يستطيع أحد تبريره!!ا
وكان في الجيش أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وكبار المهاجرين وبعض الأنصار..
هذا في التاريخ، أما في الحديث فلا.
ثم حدثت حادثة الرزية، وهي في الصحيحين، وخلاصتها أن النبي طلب منهم ان يعطونه بكتب لهم كتابا(لا يضلون بعده ابدا)، فانقسم من كان في البيت، فمنهم من يقول رسول الله ما طلب، وفريق بزعامة عمر كان يمانع ويقول (حسبنا كناب الله)، ثم أكمل ما له أهجر؟ يعني النبي.. أي هل أصبح يهذي؟..
فطردهم وسول الله من البيت وقال: لا ينبغي عند نبي التنازع! ثم عرض عليه الفريق الإخر فقال (أبعد ان قلتم ما قلتم)؟ يعني من القول بأنه يهذي، فكانت هذه حادثة تحتاج للتأمل أيضا، ويظهر في القصة عصيان ثان بعد عصيان جيش أسامة، وبعض العلماء – كالنووي - انتصر لعمر وترك رسول الله بلا حجة، فما عذرهم هنا؟ 
مهما أحببنا عمر لا يجوز أن نقدمه على رسول الله، وكان الواجب أن يعطوا النبي ما طلب.
نعود الآن ونقول: 
يرى الشيعة أن سبب رفض عمر لكتاب النبي أنه علم منه أنه سيؤكد وصية الغدير بعد أن رأى تذبذب جيش أسامة.. لماذا؟
وحجتهم في ذلك الشفرة الموجودة في الحديث (كتابا لا تضلون بعده أبدا) وهي نفسها موجودة في الغدير (لن تضلوا ما تمسكتم بهما أبدا) فقالوا: لن تختلف القضيتان، فما كان عصمة من ضلالة الأمة في آخر ذي الحجة عام 10هجرية سيكون نفسه العصمة من الضلالة أول سنة 11؟.. فلذلك فهم عمر هذه الشفرة العلمية! فسارع إلى رفض الكتاب قائلا (حسبنا كتاب الله)، ولما اشتد النزاع بين الفريقين بدأ يتهم النبي بالهذيان، فقال عمر (ماله أهجر؟) يعني ماذا أصاب النبي؟
هل بدأ يهذي من المرض؟
واتبع بقوله ( استفهموه؟) وهنا تحول أمر النبي إلى تحقيق في عقل النبي، وهنا رأى النبي أن لا فائدة في كتابة الكتاب، فمن لم يهتدي بيوم الغدير فلن يهتدي بالكتاب، ومن عصى النبي حيا سيعصيه ميتا، فترك الكتابة..
هذا تحليل الشيعة لحادثة يوم الرزية، وهي قبل وفاة النبي بأيام أربعة، وبعد تخاذل جيش أسامة الذي بقي يدور في مكانه بضعة عشر يوما!
وقصة يوم الرزية في الصحيحين، وكان ابن عباس يبكي إذا ذكر هذه الحادثة (إن الرزية كل الرزية ما حال الرزية ما حال بين النبي وبين كتابة الكتاب) ثم يتبع ابن عباس بكلمة بليغة قائلا (رسول الله يقول لهم : أكتب لكم كنابا لا تضلون بعده؛ وهم يقولون رسول الله يهجر ويهذي)!
نعم هي حسرة، وكان ابن عباس يبكي على حال هذه الأمة، كيف دخلت في الحروب والفتن والأحقاد عقوبة لهم على منعهم نبي الرحمة من هذه النصيحة، وكلام ابن عباس في صحيح مسلم، فراجعوه وعيشوا الحادثة، واتركوا شراح الحديث، فهم مثل إبراهيم الفارس تماما!!
فالحديث وحده واضح لا يحتاج إلى حذلقة، وأظن أن ابن عباس من أهل السنة والجماعة!
إذن فمن يأتي بشرح للنووي أو غيره ويترك حسرة ابن عباس فليس أولى بالسنة، فكيف بمن يأتي بشرح للنووي أو ابن حجر ويترك رسول الله؟!.. 
وهنا الفرق بين السنة المذهبية والسنة النبوية! هذا المعنى كنا نحاول من خمسة وعشرين سنة إن نوضحه للحمقى فلا يفهمون.. لماذا؟
لأن السنة المذهبية لا تفهم آلا نفسها، وآن تغلبت علينا بالقوة وليس بالبرهان فقد تغلبت على رسول الله داخل بيته، فمنعته من كتابة الكتاب!.. 
والله قد جعل لنا محطات يمحصنا بها ويختبر إيماننا..
وهل سنقف مع النص أم الرجال؟
والقليل جدا من ينتصر لرسول الله، ولكم فيه أسوة حسنة.. وعندما يوافق ابن عباس الشيعة هنا فليس شيعيا بالمعنى المعاصر، وعندما نوافق ابن عباس في الحسرة فلسنا شيعة بالمعنى المعاصر، الحقيقة التاريخية هي قبل هذا كله، والباحث يستطيع أن يقول: أنا مع الغدير وضد العصمة، أنا مع كتابة الكتاب وضد الولاية التكوينية، أنا مع زيارة القبور الزيارة الشرعية ولست مع التطبير وضرب الرؤوس واحتفالات الموت..
يستطيع الباحث أن يشق طريقه.
إذن فالباحث يعبد الحقيقة فقط - بالمعنى المجازي - إذا وجد عمر أو عليآ أو أبا بكر أو الحسن قد خالف أحدهم نصا فليكن مع رسول الله بلا تردد، هذه السنة بالمعنى الشرعي، ولذلك قد يجد الشيعي الحر مواطن سنية كثيرة تتفق مع قلبه وعقله وبحثه، وقد يجد السني الحر مواطن شيعية كذلك، فلا بأس.. وكلما استطاع أحرار السنة والشيعة من زعزعة هذه المذاهب المتكلسة استطاع جيل الغد أن يتحدث بحرية ويخرج من قمقم المذهبية المتخلف.
نعود إذا.. لا أتردد أن أوافق ابن عباس والشيعة في يوم الرزية، والمعصية لا توجب براءة من الشخص، فليس منا إلا ويعصي، فهل نتبرأ من بعضنا؟..
هذه الآراء الخاصة يتهامس بها السنة والشيعة سرا، أعني:
ربما لأنني منفتح على الجميع فأنا أعرف الكثير من الفريقين ممن له خطه الخاص..
الشيخ السني المعتدل يقول: نحن شيعة علي والحسن والحسين والباقر والصادق ولسنا شيعة القتل والخرافات والعصبيات، وهناك نواصب نحن بريئون منهم..
اقصد بالشيخ السني المعتدل أحمد الكبيسي.
فلا يضير السني حين يتهم بالتشيع طالما تبع النبي فيما صح عنه، كما انه لن يضير الشيعي اتهامه بالنصب حين تنكشف له عدالة صحابي يتهمه مذهبه.. لابد للجيل الجديد - جيل الثورات العربية - أن يستكمل الثورة بالثورة على المذاهب المستبدة، فهي أولى بالثورة من الأنظمة المستبدة!
أضطر من وقت لآخر لزرع هذه المساحة من سعة الأفق، لأن الناس يحاصرونك إذا لم تذكرهم بأن في الأمر سعة، لا يخشون الخروج من الدين بغضب المذهب.
إذن فمن يدرس الشهور الثلاثة الأخيرة من عمر النبي ص يجد الغدير وبعث أسامة والرزية، وهي مجموعة أحداث مترابطة، يفسر بعضها بعضا في زمن قصير، وهنا لا يصحح الشيعة ذلك الحديث السني (مروا أبا بكر فليصل بالناس)، ويقولون أن أصل الحديث هكذا ( مروا أحدهم فليصل بالناس)!
ويقولون أنا المؤرخين يذكرون أبا بكر وعمر في جيش أسامة، وأنهم كانوا من المتخاذلين مع مجموعة من المهاجرين، فما أن يجمعهم أسامة حتى يتفرقوا، وأنهم آخر الأمر تركوا المعسكر بالجرف ودخلوا المدينة، ووافق عودة عمر كتابة الرزية، فمنعه لأن أبا بكر أستأذن أسامة بعد ذلك في استبقاء عمر، وحقيقة هناك اختلاف كبير وغموض شديد واضطراب في الروايات في هذه الشهور الثلاثة الأخيرة، وهي محفزة على البتر والكتمان.. بل والكذب.
الآن وصلنا إلى نهاية عهد النبي، وبعد وفاته هناك أمور من إتر عمر..
وفاته ثم السقيفة وأحداثها ثم مواقف علي وبني هاشم وفدك وإرث الانبياء.. الخ
عذرا على التشتت غير المقصود..
إذن بعد أن توفي النبي ص أنكر عمر بن الخطاب موته وهدد بقتل من يعتقده.. وأرى هذا طبيعيا، لكن الشيعة يربطون هذا بيوم الرزية والتخاذل عن جيش أسامة، وأن الهدف منه وصول أبي بكر من السنح، وأن الموآمرة كانت مبيتة لسلب الخلافة..
طبعا هذا معقول من حيث النفس البشرية، لكن هذه النقطة لا أراها قوية، وأرى الشيعة بالغوا في استغلالها، فلماذا لا تكون الرواية حسب الظاهر؟!
ولكن انطلاق أبي بكر وعمر إلى السقيفة، ورفع الصوت بالمخاصمة مع الأنصار، كانت نقطة قوية للشيعة، إذ أن الواجب الهدوء والمشاركة في تشييع النبي، فالشيعة يرون أن قسما من المهاجرين التفوا على وصية الغدير الصريحة وأظهروا كأن الخلاف بينهم وبين الأنصار، وأنهم قرروا الوراثة في قريش كلها.. 
وحقيقة هناك مسألة لم أجد من السنة ولا الشيعة من طرحها - وكانت تقلقني - وهي هذه النفوس التي تثير المخاصمة والنبي للتو متوفى..
هذه غريبة جدا!!
فالواحد منا لو يموت جاره لكانت نفسه هادئة جدا، ولن يرفع صوته على أولاده، فكيف والمتوفى رسول الله، ثم نجد هذه الأصوات المرتفعه والخصومة؟
كنت أتمنى لو أن المهاجرين قالوا للأنصار - إن صح اتهامهم بأنهم يريدون بيعة سعد بن عبادة - دعونا حتى نصلي على النبي وندفنه ثم يجتمع العقلاء منا ومنكم وينظرون لإمة محمد ص، هذا إن لم يكن هناك نص، لكن هذه العجلة والخصومة والمضاربة والنبي لم يدفن بعد محل نظر وتأمل، لأن الميت الذي مات هو رسول الله، وهذا يستدعي حزنا وانكبابا على الذات وبكاء.. الخ
هذه لاحظتها، وقد يستفيد منها الشيعة في إثبات قسوة القلوب، ولكن الباحث الحر لا يخفي معلومة، ولا تحليلا خشية أن يستفيد منه الآخر، انظروا الغرب كيف ارتقى فلسفيا ومعرفيا لأنه لا يخفي شيئا،


اخيرا .. الشهاده لله.
وبحمد الله لي رد على السلفية في الصحابة وعلى الإمامية في العصمة وعلى الزيدية في السلطة وعلى الوهابية في التكفير ولا أشعر أني أدين لمذهب، فأنت مهما صنفك الناس فليس مهما، أهم شئ تصنيف الله لك..
هل يصنفك في من يخضع وينذل لأوامره ومن يصنفه في المتكبرين! تصنيف الله هو الفيصل، وهنا ستظفر بالفرحة الكبرى يوم تلقاه وتقول : يارب خالفت فيك الجميع حبا لك ولرسولك! وأكلت المذاهب عرضي، فأذهب عني الحزن ولا تخزني!
بهذا تحقق معنى العبودية، وسيعرف المتمذهبون - الذين يتعصبون فقط - أن انتقاءهم من أوامر الله ورسوله ما يحلو لهم، ورفضهم ما يكرهون ليس عبادة.
إن الفرق بين الشرك والتوحيد خيط رفيع، لا بد من التنبه له ولا تغتر – إخي - بمذهب أو تيار أو رأي عام واطمئن، فستجد عند كل مذهب ما يخرجك منه.. 
إذن فالهداية لابد لها من جهاز استقبال، وهو هذا القلب، فإذا تعطل جهاز الاستقبال فلا فائدة في قوة الإرسال! هذه معاني دقيقة يهملها المتكبرون..


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=775
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29