• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الإلحاد والغلو ... يجتاحان الشباب! - الجزء ألثالث .

الإلحاد والغلو ... يجتاحان الشباب! - الجزء ألثالث

قراءة في الإلحاد السعودي خاصة،  - تتمة 

والمقصود هنا أن الشاب عندما يظن أن الله سيدخل النار كل سكان الأرض إلا المسلمين، فكيف سيتصور بأن الله لا يظلم الناس ذرة؟!
لا يستطيع.. ومعه حق.
وهذا التصور الخاطيء عن (عدل الله) بحيث أصبحنا نؤمن بعدل الله لفظاً ونعتقد بظلمه واقعاً..

تغريدات لفضيلة الشيخ "حسن بن فرحان المالكي"

التغريدات من شهر نوفمبر 2013

لمطالعة: الإلحاد والغلو ... يجتاحان الشباب! - الجزء ألأوّل هنا

لمطالعة: الإلحاد والغلو ... يجتاحان الشباب! - الجزء ألثاني هنا


تعمدت تسميته هكذا، لعل غلاتنا ينتبهون للجريمة التي يمارسونها في حق الإسلام، فهم يخرجون الناس من الدين أفواجاً.
الملحدون المتأثرون بالبيئة الفكرية السعودية من المتوقع - وفق ظواهر - أنهم أكثر من سائر الملحدين من سائر الفرق والمذاهب الإسلامية لعدة أسباب:
ألأمر ألأوّل: لأن البيئة الفكرية يسيطر عليها الغلاة - سواء في التصورات عن الله أو عدله أو ترتيب موضوعات الدين أو تشريع سوء الأخلاق كالكراهية والأذى الخ - فبعضهم يلحد لأن صورة الله في ذهنه هي صورة الغلو السلفي، أي أن الله على هيئة شاب أمرد مجسم يتبدل في أكثر من صورة يوم القيامة، إلا أن لهم حيلة، والحيلة هي أنهم كلما شبهوا الله بالبشر أو سخفوا التصورات عنه أو استبشعها السامع، أتبعوه بجملة (كما يليق بجلالته وعظمته)!
يعني كيف؟!
يعني تقولون على هيئة شاب أمرد.. ثم تقولون لا تتخيلوا الصورة؟!!
تقولون يجلس على كرسي وله أطيط كأطيط الرحل من الثقل.. ثم تقولون كما يليق بجلاله؟!
وهكذا.. ولهم كتب في الصفات تشيب الولدان.. تشبيه وتسخيف للذات الإلهية عن طريق اسرائيليات وأحاديث ضعيفة وموضوعة..  ثم يكفرونك إذا لم تعتقد بها!.. وهذا التشبيه والتسخيف موجود من قديم.. عن طريق التأثر باليهود (فقد كانوا مجسمة مسخفة للذات الإلهية)، فتم تدعيم هذه التصورات من السلطات الظالمة، وقد سبق أن ذكرنا أن الله حذر من فريق من أهل الكتاب، وأنهم سيقودون المسلمين للكفر إن أطاعوهم، وتوسعنا في ذلك في برنامج سيرة النبي الأكرم 1

كامل حلقات برنامج سيرة النبي الاكرم (الجزء ألأوّل والجزء الثاني تجدها على هذا الرابط.

اسمعوا مثلاً 
(يا أيهَا الَّذين آمَنُوا إِنْ تُطيعوا فرِيقًا منَ الَّذينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ(100)) [
آل عمران]

هذا فريق من اليهود، كانوا قد عقدوا حلفاً ثقافياً ومصلحياً مع بعض المسلمين من أيام النبوة، وكشف ذلك القرآن كثيراً في السور المدينة خاصة.. وقد بقي الحلف متماسكاً من أول العهد المدني إلى نهايته، فتضمنت سورة المائدة - آخر سورة نزلت - تأكيداً على تماسك هذا الحلف وقوته، بل وتوسعه، وقد حزن النبي صلوات الله عليه عندما رأى هذا التفلت - من المؤمنين - إلى ذلك (الحلف) في آخر حياته، فعزاه الله بقوله في سورة المائدة :
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا، سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ  يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ في الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ في الْآخرةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41))  [المائدة]
إذن الحلف من الذين قالوا آمنا ومن الذين هادوا ويسارعون!
هذا الحلف - مع قيادة شيطانية عليا - بث في عقائد المسلمين تصورات سخيفة عن الله نفسه، بلغ أقصاها حديث الشاب الأمرد، وحديث عرق الخيل!
فماذا سيفعل الطالب السعودي إذا تعمق ووصل إلى نتيجة أن الله مثل شاب أمرد؟
أو أنه مخلوق من عرق الخيل؟.. (وهذه لا يقولونها لكن بعض السلف قالها)..

هذا أول أسباب الإلحاد، ألا وهو سوء التصور عن الله نفسه، يعني يصورونه بأنه مثلنا.. لكن أكبر قليلاً ..
لا يعرفون أن معرفة الله من أهم العلوم، معرفة الله من النص القرآني - من غير تركيع روائي وإضافات يهودية وأفهام غبية وقياسات باطلة - ثم من الخلق واكتشاف قوانين الله في الكون.
معرفة الله كما قال الإمام علي - ذلك التلميذ النجيب لمحمد - (أول الدين معرفته)، وليس كما ينقل ابو هريرة و عبد الله ابن عمرو عن أهل الكتاب.
ثم من معرفة الكون كما قال علي:
(فأصبح كل ما خلق حجة له ودليلاً عليه، وإن كان خلقاً صامتاً فحجته بالتدبير ناطقة ودلالته على المبدع قائمة)!
هذه المفاتيح العلوية -نسبة للإمام علي - هجرها الغلاة بغضاً منهم للشيعة، خصومتهم حرمتهم من خير كثير، وجلبت عليهم الإلحاد داخل بيوتهم!
وقلت لهم أكثر من مرة... ذموا الشيعة ولكن لا تفرطوا في أهل البيت.. أهل البيت هم الأقرب تعبيراً عن الدين الغض بعيداً عن تلك السخافات.
يمكنهم :
1- حصر أسماء الله الحسنى من القرآن..
2- حصر أفعاله من القرآن ثم تفسيرها..
3- تتبع كلام أئمة أهل البيت الكبار وليس أي هاشمي أو فاطمي.
4- البحث عن أقوال المستضعفين من الصحابة كأبي ذر وبلال وصهيب والمقداد - من غير طريق الغلاة - فهم ألصق بالنبوة من قريش المتالحفة مع اليهود..

ابحث عن دينك بالمنقاش...
اترك أكثر هذه الأحاديث والآثار التي تصور الله بهذه التصورات.. التي استحي من الإكثار منها، فهي ثقافة يهودية غالباً.
بعد ذلك اسمع لأصحاب العلوم الطبيعية، اقرأ الفلسفة، اسمع لمثل مصطفى محمود.. حسّن الصورة التي في عقلك عن الله، نزهه عن كل السخافات الروائية.
الأمر الثاني الذي يدفع الشباب للإلحاد هو توسيع الغلاة لعقيدة (الظلم الإلهي) وليس العدل الإلهي، فهم جبرية في النتيجة النهائية.. وتصور الناس أن الله ظالم هدف شيطاني كبير، وهذا التصور نسبي، والسلفية هنا أخف من الأشاعرة، فالأشاعرة جبرية، مع إحسانهم في موضوع التنزيه.
والمقصود هنا أن الشاب عندما يظن أن الله سيدخل النار كل سكان الأرض إلا المسلمين، فكيف سيتصور بأن الله لا يظلم الناس ذرة؟!
لا يستطيع.. ومعه حق.
وهذا التصور الخاطيء عن (عدل الله) بحيث أصبحنا نؤمن بعدل الله لفظاً ونعتقد بظلمه واقعاً يعلمك الكذب - وهو هدف شيطاني - على نفسك وعلى الناس.
وتصور أن الله رمى بحثية من يده إلى الجنة وقال هذه ولا أبالي.. ثم حثية بيده إلى النار وقال ولا إبالي  هذا فيه تجسيم وظلم لا يجوز نسبته لله، فتصور أكثر المسلمين أن الله ظالم - وإن خالفوا هذا التصور نفاقاً وكذباً وتلفظوا بأنه عادل - من أكبر أسباب الالحاد، وقد أتى بعد عمليات معقدة وتبريراتهم بأن هذا الإنسان هو ملك الله.. فهو الذي خلقه، وله أن يدخله النار دون رسالة ولا فطرة.. ثم لا يكون ظالماً ,, هذا تبرير سخيف لا يجوز.
لأن الله قد أخبر أنه لا يظلم الناس شيئاً مثقال ذرة، ولا يجوز أن نظن أن الله يحتال على البشر بهذا التبرير السخيف للجبرية الذي يوردونه.
طبعاً ليس من الناسب استعراض أحاديث التشبيه والتسخيف والجبر  والظلم التي نسبوها لله، فهي كثيرة جداً ، ويجب رفضها كلها من معرفة الله نفسه.. ومن استزاد من معرفة الله عرف حكمته وعدله ورحمته وأنه البصير بالعباد - لا نحن - وأنه لا يكلف نفساً إلا وسعها.... الخ، هذه القطعيات لا تنسوها.
وكل الجبرية يستدلون بنصوص لا يعرفون أسرارها، مثل (يهدي من يشاء ويضل من يشاء).. هذه يعبث بها الشيطان وأوليائه، وهي مفسرة في القرآن الكريم.
القرآن نفسه أوضح من هم الذين يشاء الله هدايتهم، ومن هم الذين يشاء إضلالهم، فالهداية تبدأ منك أنت كتوظيف النعم، والضلالة تبدأ منك كتعطيلها.. 

فالله لا يهدي عبثاً..كلا.. إنما يهدي من جاهد في معرفة الحقيقة..

والله لا يضل عبثاً.. كلا..  إنما يضل المتكبر والمعطل لحواسه وعقله وقلبه..

الشيطان وأولياؤه، من أهل الكتاب ومن المسلمين يحرصون على ترسيخ عقيدة (العبثية) في حق الله سبحانه، نعوذ بالله.. وهذه نشرها على نطاق واسع.
ألأمر الثالث: الظلم.. فالملحد إذا ألحد يقول، هذا تاريخ المسلمين كله دماء ومظالم واستغلال للدين، فدين ينتج هذه النتيجة باطل، فالإلحاد إنساني، ونحن قلنا أن الشيطان قد أوجد فئات مبكراً.. والله ترك لنا الصراع مع الشيطان وأوليائه، أمدنا بالرسالات والعقول.. وأمر بتفعيل النعم.. فلم نفعل!
ينسى هؤلاء أن (الابتلاء والاختبار) غاية من غايات الله في الخلق، ولن يكون للابتلاء حلاوته إلا إذا كنت فرداً أو أقلية وسط كثرة غاشمة.
وعلى كل حال فالشيطان وأولياؤه قد عقدوا المسألة كثيراً، ومن وقت مبكر جداً - كما كشف القرآن- فإن فعلت نعم الله عليك اجتزت الابتلاء بنجاح.
ومن رضي بزهرة الحياة الدنيا، فهي ومضة، وقد يجد فيها كل النعيم، لكنها ومضة ولسنا مخلوقين لنبقى فيها، وهذا يدركه كل من اقترب للموت.
والخلاصة أن هناك مفاتيح للإلحاد، وكان للغلاة دور كبير في تأسيسها.. وهي:
1- تسخيف الذات الإلهية..
2- تسخيف العدل الإلهي..
3- تعطيل العقل البحث والتفكر..
والغلاة يمنعون من أن ترجع ملحداً إلى دين الله، لأن إلحاده عندهم أسهل من أن ينتقد المذهب، فإما أن يرجع للمذهب أو فليكفر.. لا مشكلة!
الغلاة لا يهمهم أن تلحد، أو تكفر بالله ورسوله وكتابه.. فهم يغضون الطرف عن مثل هذا.. المهم ألا تنتقد المذهب ورموزه، هذا هو الخط الأحمر!
ودليلي على هذا أنه من أول مؤلفاتهم في العقائد إلى اليوم ليس لهم ردود - ولا حتى اهتمام - بهذه الأمور.. همهم في ذم المسلمين المخالفين فقط.. المهم عندهم نقد المسلم الأقل خطأً منهم ... ولا أقول الأكثر صواباً.. لأن الخطأ في المسلمين أكثر من الصواب، لذلك تكفيكم عناوين كتبهم العقدية، ولولا خشية الطول لسردت أبرز كتب العقائد، من ايام حماد بن سلمة ( 167هـ) إلى اليوم، كلها ضد المسلمين (المخالفين لهم)، وبعناوين قاسية جداً.
لعل أفضل مذهب في مناقشة الوجود الإلهي والعدل الإلهي والنبوات المعاد هم المعتزلة، ولكن بعضهم اصبح يكتب للمذهب أكثر من المعلومة، أي يتكلف.
اليوم أضاف علماء الغرب (علماء الطبيعة والبحث) إضافات مهمة، في قضايا الوجود والحكمة والقدرة .. لكن الأبحاث في النبوات فيها قصور شديد.
فالوجود (وجود الله) بغض النظر عن تسميته التي يسمونها كل يوم أسماً، مخدوم علمياً، إلا أن مسالة النبوات والمعاد، فيها قصور بحثي وفلسفي.. وقد أشبع القرآن الكريم علل (النبوات والمعاد) بما لا مزيد عليه للمتدبر، لكن استخراج هذه العلل - كالابتلاء ورحمة الله بالخلق - يحتاج لبسط.
فالله فرض عليك الإيمان بالله - مثلاً - ليس لأنه يريد منك الاعتراف به، فالله غني عن العالمين، وإنما ليساعدك هذا في حياتك، بأن الله موجود.
وكذلك الإيمان بالمعاد (اليوم الآخر) لم يفرضه الله عليك إلا لتكون من (المتقين = بالمعنى القرآني) وتطمئن أن هناك حساباً، فاعمل وانس الذات.
ولذلك ليس الإيمان بوجود الله في القرآن غاية، وإنما وسيلة للتقوى، ولكن الإيمان بلقاء الله غاية (المعاد)، لأنه أقوى في الأمل والعمل والمعنوية، السر كله في استخراج غايات الله من القرآن الكريم (نحو عشرين غاية)، لن تجد منها الإيمان بالله ولا النبوات، فهي من وسائل تلك الغايات.
طبعاً هذا كلام لا يسمع به الغلاة ولا الشيطان، ولا علم لهم أصلاً بشي اسمه (غايات القرآن العشرين) وإنما يظهرون لك وكأن الله محتاج لك !.. يعني كأن الله خلقك ويحب أن تعترف به! وأن تمدحه ... الخ
هذا وهم..
خلقك الله لسلسلة غايات آخرها الشكر (وهو التفعيل)، أي أن تكون إنساناً.
نعم فرض عليك عبادته، لكن بمعنى أشمل مما اختصره الروائيون، ثم هذه العبادة وسيلة إلى غاية التقوى (ترك العدوان والأذى)، والتقوى وسيلة للشكر.
لو بحث الباحث في القرآن لعرف أن غاية الله الأخيرة منك أن تكون إنساناً.. أن تحسن تفعيل الحواس والعقل والضمير، أنت مخلوق لهذا الهدف النهائي.
نعم فرض عليك الإيمان بالله والنبوات والصلاة والصوم والحج .. الخ، لكن كل هذه وسائل لا غايات، ثم شرعها لك أنت لتعينك، وليس لأن الله يحتاجها، وقد شرحنا هذا سابقاً، وقلنا أن الله غني عن العالمين 
هو يريد منك الصلاة لتذكره ولتنهاك عن الفحشاء والمنكر .. الصلاة المربوطة بالغاية منها.
فرض عليك الإيمان به، ليس لأنه محتاج لك، وإنما لأنك تحتاج أنت لهذا الإيمان، فرض عليك الإيمان باليوم الآخر لأنك محتاج جداً لهذا الإيمان.
الشيطان وأولياؤه يظهرون الله كأنه يبحث عن معترفين بوجوده ومداحين كالشعراء على أبواب السلاطين.. كلا كلا
أنتم لا تعرفون الله ..
تعالى الله.
الإيمان بالله هي في القرآن وسيلة، لغايات مقصودة من الله، وأهمهاالتقوى، والتقوى (ترك العدوان) ضروري لك أنت لتسعد وتعمر الأرض مع بني جنسك.
هذه المعاني موجودة بوضوح في القرآن الكريم، لا تحتاج إلا إلى أن توظف نعم الله عليك.. من سمع وبصر وعقل وقلب.. وستراها بوضوح، وتستغرب هجران الناس!
اسمعوا الوسيلة والغاية وركزوا قال تعالى:
(
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ(31)) [ يونس ]

ألا تلاحظون هنا أنه يدعوا للإقرار بوجود الله من أجل التقوى، وقد شرحنا سابقاً ماذا يعني التقوى.
والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً، بل الصراط كله الموصوف في سورة الأنعام، هو الصراط المستقيم، غايته التقوى لا الإيمان، فالإيمان من وسائلها.. يعني كأن الله يقول :-
يا بني آدم أنا خلقتكم لغايات منها عمارة الأرض.. ولن تعمروها وأنتم تتقاتلون ويعتدي بعضكم على بعض.. فاتقوا لتقوموا بالمهمة وحتى تتقوا، استعينوا بالإيمان بالله واليوم الآخر والحساب.. وأنا لم نخلقكم عبثاً.. واستعينوا أيضاً بالكتب والرسل والعقل ..الخ..كل هذه تعينكم.

ولذلك في القرآن الكريم أوامر كثيرة، لكن انظروا متى يقول (لعلكم) أو (لعلهم)، فهذه الأوامر هي وسائل لتحقيق هه الغايات.. ألأمر واضح، لكن الشيطان عكس الأمر وأظهر كأن الله خلقنا لعبادته فقط، وأنسانا أن العبادة نفسها وسيلة للتقوى ثم الشكر، بمعنى أن الشيطان لم يكمل التسلسل.
نحن نؤمن أن عبادة الله غاية، لكنها غاية للخلق (ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).. 
لكن انتبهوا!

القرآن لم يتوقف هنا، لا يجوز إيقاف التسلسل..
لماذا نعبدك يارب؟
هل لأنك تحب المدائح كما يزعم الشيطان ومن اغتر به ؟
اسمع جواب الله على سؤال:
لماذا طلبت منا أن نعبدك يارب؟
اسمع:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21)) [البقرة ]
عجيب!
إذاً فأنت يارب طلبت منا أن نعبدك لهدف غير الذي أخبرنا به الشيطان وأولياؤه ومن اغتر بهم!
أنت تقول أن هذه العبادة لها غاية.. وهي التقوى!.. وذكرت في كتابك أنك أعلم بالمتقين، ولكن لم نأخذ تعريف التقوى من كتابك!.. وإنما قلنا (فعل أوامره واجتناب نواهيه)!.. وأفسدنا المعنى والتسلسل!
فتعريفنا للتقوى كأننا نقول: لله نعم أنت قلت أنك (أعلم بمن اتقى) لكن نحن نعرف أيضاً ولا نحتاج أن نعرف التقوى منك! (قتل الإنسان ما أكفره)!
ولو رجعنا لجمع آيات التقوى والمتقين من القرآن الكريم لوجدنا أنه يدور حول (كف الأذى والعدوان وأعلاه مزيد من الإحسان) وبهذا تكون الغاية من تكون الغاية من (العبادة) قد تحققت، ثم نتهيأ بالتقوى (وهو ترك العدوان) لغاية الشكر - من تفعيل الحس والعقل والقلب - فنتواصل مع الآخرين.. لأنه لا يمكن أن تفعل نعمة العقل - مثلاً - وأنت في قتال دائم وفتوحات وعداوات لكل البشرية، وهنا تدخل الغاية الأخرى.. (لتعارفوا)
لا تقطع التسلسل.
إلى هنا نتوقف لأن الموضوع على سهولته قد عقّده الشيطان كثيراً
حتى أصبح الدين عند أهله يعني العدوان باسم الجهاد وتعطيل النعم باسم التسليم!

 

لمطالعة "الإلحاد والغلو ... يجتاحان الشباب! - الجزء الرابع" هنا.


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=742
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29