• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : سر حذيفة بن اليمان - الجزء الأوّل .

سر حذيفة بن اليمان - الجزء الأوّل

 

محاولة لكشف سر حذيفة بن اليمان ... الذي لا يعلمه غيره!

تغريدات لفضيلة الشيخ " حسن بن فرحان المالكي" 

 التغريدات من شهر اكتوبر 2013

 قام بجمعها "محمد كيال العكاوي"


 في صحيح البخاري ( 3/ 1368) بسنده عن إبراهيم قال : (ذهب علقمة إلى الشأم، فلما دخل المسجد قال اللهم يسر لي جليسا صالحا فجلس إلى أبي الدرداء فقال أبو الدرداء ممن أنت ؟ قال من أهل الكوفة قال أبو الدرداء:

أليس فيكم أو منكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره يعني حذيفة قال قلت بلى ..الحديث) إبراهيم هو النخعي(95هـ) وعلقمة هو ابن قيس النخعي(62 هـ)، وعلقمة بن قيس من أبزر التابعين وثقاتهم، ومن رجال الجماعة، قاتل بصفين حتى عرج، مع الإمام علي، ورفض الوفادة إلى معاوية، من عباد التابعين.

وروى عنه مغيرة بن مقسم الضبي ( 136هـ) ، وعنه شعبة الإمام ( 160هـ) وعنه سليمان بن حرب ( 227 هـ ) وعنه البخاري ( 256هـ) فما سر حذيفة؟

1- من زعم أن سر حذيفة أن النبي (ص) أخبره بأسماء المنافقين فقد اخطأ، لأن النبي نفسه لا يعرف أسماء كل المنافقين ( لا تعلمهم نحن نعلمهم).

2- إنما يعلم حذيفة أسماء جماعة محددة من المنافقين حاولوا اغتيال النبي ص وأله، أثناء عودته من تبوك في قصة صحيحة مشهورة.

والسؤال 1: هل هؤلاء المنافقون الذين حاولوا اغتيال النبي صوات الله عليه والمعني بهم قوله تعالى ( وهموا بما لم ينالوا) من المشهورين بالنفاق؟

سؤال 2: ولماذا أستسره النبي ص وأله أسماءهم دون غيره من الصحابة الصادقين من المهاجرين والأنصار؟ لماذا حذيفة؟

سؤال 3: وما حكمة إخفاء أسمائهم عن بقية الصحابة؟ أليس من الحكمة نشر أسمائهم وفضحهم على المنابر حتى يحذرهم الناس ولا يتأثرون بهم؟

سنستعرض قصة الاغتيال مختصرة حتى تعلموا سر هذه الأسئلة كلها: ثم نستعرض بعض أقوال حذيفة بن اليمان لنستشف منها ولو بعض الأسرار التي تكشفهم.

أولاً: قصة اغتيال النبي مروية من طرق متعددة بعضها في الصحيح، وقد روى القصة من الصحابة خمسة، وهم حذيفة بن اليمان (صاحب السر الذي لا يعلمه غيره، وهو هذا السر لأنه علم أسماءهم، دون غيره، إلا من أفصح له لعمار) وروي عن حذيفة من ست طرق ، وروي عن عمار بن ياسر ( ولكنه عن حذيفة) وعن أبي الطفيل ( لكنه عن حذيفة) وجابر بن عبد الله ( وهو من خواص حذيفة) وحمزة بن عمرو الأسلمي، وأبي قتادة الأنصاري وأبي سعيد الخدري.. وكل هؤلاء الخمسة يتميزون بأنهم على نمط واحد، فهم مستضعفون ولقوا عنتاً من التيار الأموي، ومن أصحاب النبي والإمام علي، ورأس سرهم حذيفة.

وروى قطعاً من القصة من التابعين مرسلاً: عروة بن الزبير ( في مغازيه)، و الحسن البصري، والزهري، وطاووس بن كيسان، ثم ابن إسحاق، وأما أهل الحديث: فرواه كثير جداً، أشهرهم الإمام مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار( ندار)، ثلاثتهم عن شعبة.

وقد حرص أهل الحديث - رغم خطورته- على إخراج هذا الحديث لمكانة شعبة، فقد كان ثقة ويراقب التدليس وخاصة تدليس قتادة ( وهو في الإسناد)، فرواه مسلم في صحيحه : عن أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر ح وعن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار عن غندر كلاهما عن شعبة.

ورواه أحمد في المسند عن غندر وحجاج عن شعبة و أبو يعلى في مسنده عن القواريري عن غندر عن شعبة والبزار في مسنده عن محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة، فانتهت أسانيد هذا الحديث ( طريق عمار عن حذيفة) إلى شعبة، ورواه شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن عمار عن حذيفة، وألفاظهم متقاربة جداً، والسند صحيح، كلهم ثقات وكلهم سمع بعضهم من بعض، وصرحوا بذلك، إلا قتادة) وقد قال شعبة: كفيتكم تدليس قتادة، وهذا يعني أن كل حديث رواه شعبة عن قتادة فقد تثبت من سماعه من شيخه، ولذلك طال هذا الإسناد، وفي الاسناد قتادة وأبو نضرة عثمانيين أمويي الهوى، وهذا ما طمأن أهل الحديث لهذا الطريق أكثر من غيره حذراً من روايات الشيعة، ولأن العثمانية يعمسون الرواية ويبهمونها ولا يصرحون كل التصريح!

وقتادة وأبو نضرة ليسوا من النواصب الظاهري النصب كمعاوية ومروان وحريز.. لكنهما بصريان متأثران بالجو السياسي والمذهبي الأموي. وأهل البصرة كانوا - كما ذكر أحمد - يغلون في الانحراف عن الإمام علي وأهل البيت، بعكس أهل الكوفة، وبعض أهل الحديث جعل البصرة (قطعة شامية).. فالحديث خرج من البصرة،وهي محل اطمئنان السلطات السياسية والمذهبية، وقد شاركهم أهل الكوفة في رواية القصة، لكن تجنبهم أهل الحديث - وعندهم تصريح - وأهل الحديث يفضلون الحديث الناقص الذي لا يخدش مشاعر العامة لو كان مبتوراً، على الحديث الذي يخدش مشاعر العامة ولو كان أصح وأصرح وأوضح، فذلك يكثر في روايتهم البتر والتكتم على الأسماء، فيقولون ( فر فلان وفلان) أو (فدخل رجل) أو لعن النبي فلاناً، أو نحو ذلك، فهذا عندهم أسلم.

ومسألة هل أهل الحديث معذورون أو غير معذورين، وما هي ظروفهم أمام السلطات والعامة ، موضوع آخر، إنما أنا أنبه إلى هذا الأمر ليعلم القاريء أننا سنختار رواية أهل الحديث المتكتمة على أسماء هؤلاء والتي تشير إليهم بترميز، وسنتابع أهل الحديث في تجنب راوية الكوفيين، وعذرنا في تجنب رواية الكوفيين هو عذر أهل الحديث تماماً، وهو أن العامة لا تحتمل التصريح، ثم هذا من علوم الخاصة وليس متاحاً لكل أحد ..

من اشهر روايات الاغتيال - إلا أنها مرمزة - رواية البصريين التي رواها مسلم - في صحيح مسلم - (8 / 122): [ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَمَّارٍ أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِى صَنَعْتُمْ فِى أَمْرِ عَلِىٍّ؟.. أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ أَوْ شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ ( عمار): مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَلَكِنْ حُذَيْفَةُ أَخْبَرَنِى عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ « فِى أَصْحَابِى اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لا يدخلون الجنة حتى يلِج الجمل فى سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدُّبَيلة، وأَربعةٌ لمْ أَحفظْ ما قالَ شعْبة فِيهِمْ] اهـ

وفي صحيح مسلم - (8 / 122) من طريق آخر عن غندر عن شعبة به فقال: قَالَ قُلْنَا لِعَمَّارٍ أَرَأَيْتَ قِتَالَكُمْ أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ؟ فَإِنَّ الرَّأْىَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، أَوْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ فَقَالَ مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً. وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِنَّ فِى أُمَّتِى ». قَالَ شُعْبَةُ وَأَحْسِبُهُ قَالَ حَدَّثَنِى حُذَيْفَةُ. وَقَالَ غُنْدَرٌ أُرَاهُ قَال « فِى أُمَّتِى اثْنَا عَشَرَ منافِقًا لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِى أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ ».

ومن الروايات الكوفية التي بلعها أهل الحديث ما رواه الطبراني بسند صحيح من طريق إسحاق بن راهويه نا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن حذيفة بن اليمان قال[ إني لآخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم أقوده وعمار يسوق به - أو عمار يقوده - وأنا أسوق به إذ استقبلنا اثنا عشر رجلا متلثمين قال هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة قلنا يا رسول الله ألا تبعث إلى كل رجل منهم فتقتله؟ فقال أكره أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وعسى الله أن يكفيهم بالدبيلة قلنا وما الدبيلة؟

قال شهاب من نار يوضع على نياط قلب أحدهم فيقتله] اهـ

فهذه الرواية الكوفية تصرح بمكان الحادثة وسبب الحديث، بعكس الرواية البصرية المعماة .

فالقصة إذاً محاولة اغتيال، وأن النبي عرف حذيفة على أسماء هؤلاء، فهذا هو السر الذي لا يعلمه أحد غير حذيفة، وسيأتي محاولة كشف هؤلاء.

ومن الروايات التي تضيء أكثر على زمان ومكان وأشخاص المحاولة الدنيئة المنكرة ما وراه البيهقي في دلائل النبوة من طري محمد بن إسحاق عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة بن اليمان قال: كنت آخذ بخطام ناقة رسول الله أقود به وعمار يسوقه أو أنا أسوقه وعمار يقوده حتى إذا كنا بالعقبة فإذا أنا باثني عشر راكباً قد اعترضوه فيها قال فأنبهت رسول الله بهم فصرخ بهم فولوا مدبرين فقال لنا رسول الله هل عرفتم القوم ؟ قلنا: لا يا رسول الله كانوا متلثمين! ولكنا قد عرفنا الركاب! - يعني الرواحل - قال هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة!.. ثم قال: وهل تدرون ما أرادوا ؟ قلنا لا؟ قال أرادوا أن يزحموا رسول الله في العقبة فيلقوه منها! قلنا يا رسول الله أولا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم ؟ قال لا أكره أن تحدث العرب بينها أن محمداً قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم ثم قال اللهم أرمهم بالدبيلة قلنا يا رسول الله وما الدبيلة ؟ قال شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك اهـ عجيب!!

فهنا سر خطير جداً تكشفه هذه الرواية، وهو قول النبي ( أكره أن تحدث العرب بينها أن محمداً قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم..)؟؟؟

فكأن هؤلاء أو أكثرهم كانت لهم سابقة، بحيث قاتل بهم النبي من قبل وظهر بهم! وليسوا صحابة عاديين! وليس منهم ابن أبي وأصحابه، فلم يكونوا هناك.

وستأتي الروايات تباعاً تقربنا لهؤلاء أكثر فأكثر، وبه سنعلم سر قول حذيفة ( والله لو أخبركم بما أعلم لكذبني ثلاثة أثلاثكم)! يعني كلهم!

إذاً فالأمر خطير ... وليس عبد الله بن أبي واصحابه مما يُسَرُّ نفاقهم، ولم يكن عبد الله بن أبي في تبوك أصلاً ! وليسوا مجرد طلقاء أيضاً، لأن حذيفة لو قال فيهم أبو سفيان ومعاوية وأبو الأعور.. لم يكذبه ثلاثة أثلاث الناس! لابد أن يكون بعض هؤلاء لهم مكانة كبيرة عند الناس..

دعونا نواصل لنرى هل يمكن فك ( سر حذيفة بن اليمان )؟ فالرواية الأولى عمست الخبر والثانية ذكرت المناسبة والسبب والثالثة أن لهم سابقة وهكذا..

الرابعة: في صحيح مسلم (8 / 123) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ ( حذيفة ) أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ ! قَالَ ( يعني ذلك الرجل! ) كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ! (قال) فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ اثْنَىْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ وَعَذَرَ ثَلاَثَةً قَالُوا مَا سَمِعْنَا مُنَادِىَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ. وَقَدْ كَانَ فِى حَرَّةٍ فَمَشَى فَقَالَ « إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلاَ يَسْبِقُنِى إِلَيْهِ أَحَدٌ ». فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ اهـ

هذه الرواية فيها مزيداً من الكشف !

 

ففيها رجل ( أخفت اسمه الرواية هو منهم) وتخاصم مع حذيفة ولمح حذيفة أنه منهم! وسيأتي من هو ذلك الرجل وأنه مفاجأة كبيرة اندهش منها الذهبي!


  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=684
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28