• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : مقالات وكتابات .
                    • الموضوع : إختارهم الله لكنهم عبدوا العجل! .

إختارهم الله لكنهم عبدوا العجل!

مقالات للكويتية
قال الله عن بني إسرائيل ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين)ثم أخبر بعبادتهم العجل فكيف نحل الإشكال؟ حتى نحل الإشكال لابد من فهم معنى (الاختيار) فأنت قد تختار لإبنك قصة فيها شاب صاحبَ فاسدين ففسد فتقول له: اخترت لك هذا الشاب ليكون عبرة, وقد تختار صنفاً من الأكل فما الفرق بين الاختيارين؟ الأول اخترته لغيره والثاني اخترته لنفسه فمن أي الاختيارين اختيار الله لقوم موسى؟! واضح أن اختيار الله صائب لكنهم في الأخير عبدوا العجل!حتى لم يبق مع موسى إلا هارون إذن فاختيار الله لبني إسرائيل كان لغيرهم لا لأنفسهم, لأن اختيار الله لو كان اختارهم لأنفسهم لما عبدوا العجل ولا أضلهم السامري إذ كيف يختارهم وهو يعلم أنهم سيرتدون بعد الصحبة والمعجزات؟!

إذًا فالله إنما اختار بني إسرائيل لغيرهم لنعتبر بهم, لنقرأ نفسياتهم وتحليل إيمانهم القوي في وجه فرعون الذي عقبهُ كفر قوي بعجل وسامري! بمعنى لو أن المسلمين اهتموا بأصحاب موسى وكيف بهرتهم المعجزة الأولى وما السبب في تراخيهم الإيماني شيئا فشيئا حتى وصل بهم الأمر للكفر؟! لو تدبر المسلمون هذا التحول الكبير من مجابهتهم فرعون ( إقض ما أنت قاض) إلى استغلال غيبة موسى والإنقلاب على هارون واستضعافه لتعلمنا الكثير. لو تدبرنا أحوال بني إسرائيل الذين اختارهم الله لنا لا لهم لعرفنا كيف نصلح أنفسنا وكيف نراقب بدايات الخلل وكيف نحلل الكفر بعد الايمان.

هذه النفس البشرية معقدة ولا يجوز الاطمئنان للإيمان والأمن من الشيطان والإتكال على النفس, فهذا يدفع للأمن من مكر الله ومن وسوسة الشيطان.

نحن نسمع يومياً من هؤلاء العامة أن الله اختار الصحابة لصحبة نبيه! مع أن هذا لا دليل عليه, لكن لو سلمنا به فقد اختار بني إسرائيل أيضا! فاختيار الله قد يكون لذات الشيء المختار, وقد يكون الإختيار عبرة, فلا نطلق الألفاظ هكذا ولا يجوز أن نُحمًل الله مسئولية أي مظلمة من أي شخص.

لو  أن موسى قال:لم يكفر بنو إسرائيل ولم يظلموا أنفسهم كيف وقد أخبرني الله أنه أختارهم على علم! وعلى العالمين! هل سيكون جوابه موفقا؟! وهذا الكلام مني أعني به إبطال حجة من يقول ( باختيار الله) ولا يعني المطابقة التامة بين بني إسرائيل والصحابة, ولكن لابد من وجود شبه ما, وهذا الشبه قد حصل من بعض الصحابة في عهد النبي ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا) في عهد النبي نفسه ( فطبع على قلوبهم) في عهد النبي نفسه , لكننا- لضغط التاريخ والعقائد على عقولنا- لا نصدق هذه الآيات فليس في عقولنا أن بعض الصحابة ارتدوا في عهد النبي ؛ هذه لا نصدقها أبداً! فإذا كنا لا نصدق ما أخبر الله به فهل سنصدق ما أخبرت به الأحاديث والتواريخ من ردة بعض الصحابة ؟! هذه من سابع المستحيلات في الفكر السلفي, لأن عندهم قواعد قد وضعوها في عقولهم واستحكم عليها إيمانهم مثل هذه العبارة الرنانة (هؤلاء اختارهم الله) أو ( هؤلاء تربية محمد)! التشبع بهذه العبارات العاطفية هي التي دفعت الغلاة لعدم تصديق القرآن والحديث والتاريخ  فالله اختارهم وهم تربية محمد! يعني هما المسؤولان!               

أنا الآن لا أتكلم عما جرى بعده وهل اتبعنا سنن بني إسرائيل شبرا بشبر, أنا أتحدث عن آيات لا يصدق بها الغلاة وهم يظنون أنهم يصدقون بها! كالآيات التي فيها ( آمنوا ثم كفروا) فهذه مشابهة من بعض أصحاب النبي لأصحاب موسى, فهم يوم إيمانهم كانوا صحابة باتفاق فأين دعوى تربية محمد؟ 

فما المانع إذا فشلت تربية محمد مع صحابة  أن تفشل مع آخرين؟! والصواب أن هذه فرية على محمد, من كفر فهو تربية الشيطان لا تربية محمد فافهموا.

إذًا لو توقفنا عند قوله تعالى ( اخترناهم على علم) لعرفنا أن الاختيار أنواع, ولو توقفنا عند أصحاب موسى وكفرهم بعد إيمان لما جحدنا الآيات. لو توقفنا عند أصحاب موسى فهل نستطيع أن ننكر عبادتهم العجل بدعوى ( أن هذا طعن في تربية موسى لهم)؟ من أين نأتي بهذه الجهالات والخزعبلات؟ 

قول سلف الأمة في اختيار الله للصحابة لو صح فليس أقوى من قول الله وإخباره باختياره بني إسرائيل على علم, أي الخبرين أصح؟!

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=61
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28