• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : مقالات وكتابات .
                    • الموضوع : قصة طبيب سعودي .

قصة طبيب سعودي

(عنده شك ويخشى الإلحاد).
تواصل معي طبيب محترم سعودي يقول ما خلاصته:
1- أنه حفظ القرآن في مدارس تحفظ القرآن
2- أنه لم يخشع يوماً في صلاته رغم التزامه بها
3- يشعر أن هناك كذباً ومبالغة في الشعائر التعبدية ( هو قال: المشاعر).
4- قرأ أخيراً لشحرور ووجده أقرب لعقله وكأنه كان تائهاً فوجد ما يريد.
5- لكنه يرى أن شحرور في بعض المواضع يلوي المعنى ويضرب بالتفكير العلمي عرض الحائط.
6- ثم قرأ لي، فوجدني أستخدم المنطق العلمي في البحث ولكن في أمور نقلية وأنني أضعت ( عبقريتي) في الحديث وهو ظني على الأقل.
7- بدأ يقرأ كتباً عن وجود الله ويشعر بالرغبة في ما يملأ عقله.
8- حاول الهرب إلى كتب أخرى في الفلسفة (وكتب لي بعض أسمائها) 9- ولكنه الآن في مرحلة شك كما يقول فهو يقول لنفسه (سأصلي وأصوم فإن كان الله موجوداً استفدت، وإن كان اختراعاً بشرياً فلن ينقصه شيء).
10- وأن الفكرة تعاوده من وقت لآخر ويستغفر
11- وأنه قرأ كتاب مصطفى محمود فوجده فبركة، (ولم يحدد اسم الكتاب)
12- وسمع لعدنان إبراهيم ويشعر أنه لا يفهم فكرته! ثم نقدني بما يلي:
13- أنني ذكرت أن سبب إلحاد الشباب هي أحاديث التجسيد، وأن هدفي ضرب الغلاة وعميت عن سبب إلحاد الشباب، ثم سرد مجموعة من الأسباب سأناقشها لاحقا.

وقد استأذنته في نشر أفكاره - دون ذكر اسمه- وأجيب عليها بما أراه، فوافق مشكوراً. وسأبدا بالكلام عما كتبه عني ثم بتلك الأفكار التي ذكرها. أخي الطبيب الفاضل: أنا مثلك نشأت في هذا المجتمع وهذا التعليم الذي يضع للحديث قداسة كبيرة، وفلا أقل من أن انقد الحديث بما أعلمه من نقصه بمعنى أنني قديماً كان كل مجهوداتي في الحديث وأنظر لكل الموضوعات من منظور أهل الحديث، ثن تطورت إلى أن أصبح القرآن رقم 1 إن شاء الله. وعلمي بالحديث لا أندم عليه، فالعلم به من الداخل يؤدي لطرد الهيبة منه، خاصة إذا كان له وادٍ غير وادي القرآن الكريم. بالعكس أرى هذا مفيداً. أعني عندما أنقد الحديث بعد العلم به أفضل من أن أنقده هكذا ككثير من منكري الأحاديث برمتها، فالنبي عظيم ولابد أن يثبت عنه شيء لكن كيف أعرفه؟ لا يمكن أن أعرف ما ثبت عن النبي إلا بالمام بقطيعات القرآن ومساره العام فإذا أتى حديث في فضل الصدق ولغته جزلة وأسانيده كثيرة لماذا أرفضه؟

أنا لا أرفضه لأمرين:
1- لأنه مندرج تحت أصل قرآني في (محورية الصدق)
2- ولأن النبي يسير في ضوء القرآن ويبينه كيف أرفضه وأنا أعتقد صحة صدوره؟
أما منكرو السنة الغلاة فيرفضون أي حديث وهذا يوقعهم في تناقض ومكابرة واقع وتناقض.. والحل هو في (المعرفة العلمية) با يثبت وما لا يثبت. نعم ألتقي مع هؤلاء بأن النبي لا يشرع وإنما يفصل، يبين، يشرح، يطبق، ما أنزل إليه من ربه، فخلقه القرآن وعمله القرآن ...الخ وعندي أدلتي في هذا.

أما القضية الثانية وهو أنني أريد ( ضرب الغلاة) وأغفل عن موضوعات أكبر .. فهذا فيه تفصيل: أولاً: لا أبريء نفسي من شيء من هذا ، فأنا بشر. ثانياً: أنا استرجع أيام كنت أشك - وكنت يومها وهابياً- كانت تقلتني هذه الموضوعات، التجسيم ونسبة الظلم إلى الله . ثالثاً: عندما أقول (الغلاةعنداأقول الغلاة فليس تعريفهم عندي الوهابية أو السلفية بل أوسع دائرة فلذلك أرتاح مع هذه السعة لأنها تشمل كل الروائيين المنحرفين عن القرآن. ولعلي من القلائل الذين يعيدون أسباب ما نحن فيه من بلاء إلى زمن العهد النبوي نفسه، فقد كان النبي يعاني من كثير من التكتلات المسلمة في عهده. معظم المفكرين يعيدون بداية الخلل إلى العهد الأموي ومن تشجع منهم عاد إلى أيام السقيفة بينما هما نتيجتان لتكتلات وصفها الله في القرآن. فالقرآن الكريم سجل أن الصحابة (المؤمنين) هم فئتان في المنافقين فئة تذمهم ولا تحبهم وفئة تدافع عنهم وتسندهم إما جهلاً بحالهم أو عصبية أو الخ
وسجل القرآن الكريم أن بداية الخلل بدأ من تكتلات مسلمة في الجملة وجودة من عهد النبي نفسه ومتأثرة بأهل الكتاب ثقافياً ولها مصالح، من هنا نبدأ.
وهذا قد بسطته في ستين حلقة من برنامجي (سيرة النبي الأكرم) فدرست البيئة النبوية وكيف أن القرآن ينقل لنا تاريخاً يختلف عن تاريخ كتاب السيرة وعلى هذا فهذه التكتلات والفئات الاجتماعية المتمنعة عن الطاعة والتسليم هم أوائل (الغلاة) والقرآن يشير إلى أن أثرهم الفكري سيكون عظيماً.

أعني هذا في أول خمس وعشرين من سورة البقرة وهي أول سورة نزلت بالمدينة قبل بدر وقبل إسلام المنافقين من لأنصار الذين نخفي بهم من سبقهم بالنفاق والغلاة قد يدخل فيهم المخدوع والرجل الصالح وذو السابقة ,.. (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) نزلت في أهل بدر!
إذاً فالتغير الثقافي أو التغيير الثقافي كان قديماً، كان هناك نشر لثقافة النفاق من ايام النبي نفسه، ونزل القرآن بذم هؤلاء وبيان مشروعهم.

كان التغيير الثقافي متسارعاً جداً في آخر عهد النبي بما يشبه(الإنقلاب الثقافي) وبلا خجل ، يقوم به رجال ونساء متعمدين معاكسة القرآن والنبي. اسمع قوله تعالى في التوبة ( من آخر ما نزل) يقول (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة 67]وتسارعوا في آخر عهد النبي في الأشهر الأخيرة من عمره الشريف كما في سورة المائدة ( آخر السور نزولاً على الإطلاق) فقد سجلت هذه الحركة النفاقية كما في قوله(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا [المائدة : 41] ثم ذكر أنهم سماعون للكذب .. وأكالون للسحت ... المقصود أن هناك حركة كبرىوهذه الحركة النفاقية الثقافية المتحالفة مع اليهود السماعة للكذب الأكالة للسحت التي لم يمنعها نزول قرآن ولا وجود نبي.. هذه الحركة لن تتوقف!

فالغلاة الكاذبون على الله الراوون في تسخيفه وتسخيف عدله هم نتيجة من نتائج تلك الحركة النفاقية التي لم تتزحزح لقآن ولا نبي، هي صناعة الشيطان والشيطان وصناعته هي مبكرة جداً على هذا التاريخ لقد استطاع إيجاد هذه البذرة من أوائل العهد المكي كما في سورة المدثر وهو من آول ما نزل بمكة فقد ذكر الله أوائل هذه البذرة : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مثلاً)!
وكل السور المكية تتبعت هذه الظاهرة النفاقية من البداية ثم المدينة وذكرت تحالفهم مع اليهود والأعراب ..حتى جرفوا معهم من جرفوا، عبر التاريخ. هذه الرؤية ليست حديثية .. وإنما قرآنية وعلى هذا فالباحثون المنكرون للسنة لا يتوقفون عند هذه الظاهرة والمحدثون ينكرونها أصلاً. فهل هي حديثية؟ إذاً فليست كل جهودي في الحديث هناك توجه جدي لمعرفة التاريخ وحقائقه الأولى من القرآن الكريم أولاً فهو الصدق المطلق في تسجيل بدايات الخلل.

فعندما أذم الغلاة، صحيح أن أكبر مصاديقهم الغلاة المعاصرون، لكنهم امتداد للتيار التيمي ثم السلفي القديم ... إلى أن تصل إلى هذا الغلو الأول. الغلو الأول فيه ثقافة اليهود في التجسيم ونسبة الظلم إلى الله والجبر والإرجاء .. كل هذه ثقافة يهودية تبناها التيار المغالي وهي واضحة فيهم. الغلو الأول فيه ثقافة اليهود في التجسيم ونسبة الظلم إلى الله والجبر والإرجاء .. كل هذه ثقافة يهودية تبناها التيار المغالي وهي واضحة فيهم.
ولو كان الوقت يسمح لذكرت دلائل الترابط بين المعاصرين من الغلاة ومن سبقهم حتى أوصلهم إلى ذلك الحلف والتشكلات الثقافية التي سجل القرآن حضورها.
فكلامك عني - أيها الطبيب الكريم- فيه نوع من صدق ونوع من وهم.. فالغلاة عندي أوسع دائرة من المعاصرين لقد أقفلوا من زمن طويل أبواب معرفة الله. وهذا الغلو في تسخيف الله وعدله وشرعه وأقفال سبل معرفته لست خاصة بالسلفية مثلاً، هي بنسب مختلفة في جميع المذاهب، وربما أذكر لك مثالاً : التفكر في الكون، في المخلوقات ... وهو من أوسع أبواب معرفة الله .. هذا الباب أقفلته جميع المذاهب إلا في ترديد ساذج لنظريات عامة غير مفهومة. حتى الأخوة الشيعة لم يسيروا على نهج ( نهج البلاغة) في هذا الأمر، فللكون والمخلوقات والتكفر حيز كبير جداً في هذا الكتاب، فأين هم عن هذا؟

كان الإمام علي يقاوم هذه الثقافة ( ثقافة التبلد) ويفتح مباديء للتفكر في المادة، فأين الشيعة عنها؟ لقد تابعونا في المذهبيات والتفصيلات.

ولكني لا أحب نقد أي مذهب آخر لأسباب ذكرتها فعندنا من العيوب أكثر مما لدى الآخرين فمنا أكثر الحاكمين، وأكثر المحدثين، وأكثر الملحدين أيضاً! وإلا فأنا أتمنى لو يظهر شيعة ويقولون : أين أنتم عن التفكر في الكون؟ وأباضية ويقولون: أين أنتم عن هذا الباب القرآني الكبير؟ وزيدية ..الخ الشيطان يدخل على جيمع المذاهب والفرق والأمم هو عدو لبني آدم كلهم يصرفهم في التفصيلات عن مواطن معرفة الله استخف بهم فأطاعوه إلا قليلاً منهم هذا مثال واحد فقط فكيف لو سألنا: أين الإنتاج السني والشيعي والإباضي والزيدي والاسماعيلي في ( غايات القرآن الكريم)؟ انتاجههم معظمه في التفصيل معرفة الله من أشرف المعارف وألذها على النفس والعقل .. وما هذه التفصيلات العبادية إلا وسائل إلى معرفة الله والاعتصام بمعرفته من كل سوء.
سنواصل لاحقاً الحوار مع هذا الطبيب الكريم، وهو تساؤل زملاء معرفة، ليس في المعرفة شيخ ولا تلميذ، كلنا نبحث ونحاول ونرجو من الله التوفيق.

إذا وجدت من يقطع كلامك ( عن معرفة الله) بقوله : مارأيك في فلان؟ ما رأيك في فلان؟ فغالباً يكون (هذا الفلان) من أولياء الشيطان!
فالشيطان تزعجه (معرفة الله) لأن (معرفة الله) ستعرفك على (مشروع الشيطان) وعلى هذا يرميك الشيطان بأوليائه واحداً بعد الآخر!
وهدف الشيطان أن تتوقف عن الحديث عن (معرفة الله) ليبقى كما صوره هو وأولياؤه...أو كما جهّلوه! وليس تحت يد الشيطان ليرميك به إلا أولياؤه!

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=426
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29