حسن بن فرحان المالكي / إبراهيم بن المهدي

لسان حال السلطة : اعطوهم من هذا الدين حتى يشبعوا وينسوكم!!
إبراهيم بن المهدي - السنة المذهبية!

- الجزء الثاني عشر -

فالشعراء؛ رغم أنهم ليسوا محل اعتبار عند أهل الحديث؛ لكنهم كانوا أكثر توازناً من أهل الحديث وعامتهم، الذين يبالغون في مثل المتوكل وابن شكلة؛ وواضح أن الشاعر يرد على الشعارات الطائفية لكل (أطلس مائق)؛ الذين كانوا يقدمون الدعاية المذهبية بأن ابن شكلة (سني) والمأمون (معتزلي شيعي)..

قام المأمون العباسي بتولية علي الرضا بن موسى الكاظم - على كرهٍ منه - ولاية العهد، فغضبت عامة أهل بغداد؛ ونادوا بالويل والثبور من (تشيع الخلافة)؛ ومعهم عباسيون، وذهبوا إلى إبراهيم بن المهدي؛ الملقب بابن شكلة ( أمه ) وكان من المغنين؛ فولوه الخلافة!
وكان إبراهيم بن المهدي من سقط بني العباس، يجيد العزف والغناء، ولكنه قد تقرب إلى العامة بزج بعض المعتزلة في السجن؛ فتبثقوا عليه من الأزقة؛ وقد استغرب عقلاء الناس هذا الأمر، فقال دعبل الخزاعي:
نفر (ابنُ شكلةَ) بالعراقِ وأهلِها ..... فهفا إليه كلُّ أطلس مائقِ!
هكذا العامة!
وكانت العامة ببغداد نواصب - راجع كتاب :العامة في بغداد - يثورون مع ابن شكلة الذي لا يعرف إلا العزف على العود، خشية أن يصل علي الرضا للخلافة..
ولذلك؛ قال الشاعر محمد بن عبد الملك رداً على هؤلاء العامة:
(وتزعم هذي النابتية أَنه ... إِمَام هدى فِيمَا تسر وَمَا تبدي)
(يَقُولُونَ (سني)! وأية سنة؟ ... تتمّ بصعل الرَّأْس جون الْقَفَا جعد) اهـ
نفس الشيء!!
قَصَّة المتوكل ومايكل جاكسون.
فالشعراء؛ رغم أنهم ليسوا محل اعتبار عند أهل الحديث؛ لكنهم كانوا أكثر توازناً من أهل الحديث وعامتهم، الذين يبالغون في مثل المتوكل وابن شكلة؛ وواضح أن الشاعر يرد على الشعارات الطائفية لكل (أطلس مائق)؛ الذين كانوا يقدمون الدعاية المذهبية بأن ابن شكلة (سني) والمأمون (معتزلي شيعي)..
لا المأمون شيعي ولا ابن شكلة سني؛ لكن؛ معاييرهم مذهبية لا علمية؛ وليس المذهب معياراً للصلاح؛ العدل هو المعيار؛ ولكن العامة عامة.
نعم؛ هناك فرق كبير جداً بين المأمون في عقله وعلمه - رغم مظالمه - وبين ابن شكلة، الذي ليس في هذا الأمر في قبيل ولا دبير.
لا مقارنة.
للمأمون مظالمه وتبذيره؛ لكن؛ لم تكن كمظالم المنصور؛ ولا الرشيد؛ فضلاً عن المتوكل.. بل؛ كان يحب العفو، كبير العقل، واسع الأفق، مهتماً بالعلم.
فشلت ثورة ابن شكلة أواخر عام 203 هـ - بعد أن بقي خليفة في بغداد وما حولها حوالي سنتين - حتى أقبل المأمون من خراسان؛ فتضعضع أمره واختفى. ولكن؛ سلوك العامة - عامة أهل بغداد - مع ابن شكلة، ووصفه بأنه (سني) وأنه على الهدى ...الخ؛ كان محل سخط العقلاء؛ من شعراء ومعتزلة وأهل سنة أولى..
وقد بقي بعض الغلو في إبراهيم بن المهدي، فجعلوه من أهل الحديث؛ وأنه روى عن المبارك بن فضالة؛ وهذا باطل؛ فهو مولود أيام وفاة المبارك بن فضالة.
بل؛ غلو فيه حتى في الغناء، كما نقل الذهبي في النبلاء (8/541)
(أنه إذا تنحنح طرب من يسمعه! وإذا غنى أصغت الوحوش حتى تضع رؤوسها في حجره)!!
وهذا كله كلام فارغ؛ حتى لو كان نصير شمة أو فيصل علوي.
جنون!
تأتي الوحوش حتى تضع رؤوسها في حجره؟
وإذا تنحنح طرب له السامعون؟
يارجل؟!
المؤسف له؛ أن أهل التحقيق؛ كالذهبي؛ يرسل هذه الأمور إرسال المسلمات؛ ولا ينقدها! فكيف بسائر النقلة ومولدة الأخبار؟
تاريخنا يحتاج إلى عقول.

مواضيع أخرى:
لمطالعة "(المتوكل ناصر السنة - الجزء الثالث!؟) لسان حال السلطة : اعطوهم من هذا الدين حتى يشبعوا وينسوكم!! - الجزء الحادي عشر -"على هذا اللرابط «««

مواضيع أخرى:
لمطالعة "لسان حال السلطة : اعطوهم من هذا الدين حتى يشبعوا وينسوكم!! - الجزء الثامن -"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "(المتوكل ناصر السنة - الجزء الأول!) لسان حال السلطة : اعطوهم من هذا الدين حتى يشبعوا وينسوكم!! - الجزء التاسع -"على هذا اللرابط «««
لمطالعة "(المتوكل ناصر السنة - الجزء الثاني؟!) لسان حال السلطة : اعطوهم من هذا الدين حتى يشبعوا وينسوكم!! - الجزء العاشر -"على هذا اللرابط «««