• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : المجمع عليه في ثورة الإمام الحسين! .

المجمع عليه في ثورة الإمام الحسين!


              المجمع عليه في ثورة الإمام الحسين!


رأينا الإمام علي - وهو رأس أهل البيت بعد النبي - يقر الناس على اختيار أبي موسى للتحكيم؛ مع أنه يرى أن أبا موسى ليس أهلاً لهذه المهمة؛ وكذلك الحسن ، ترك الخلافة لما رأى أغلبية الناس مع الدينار والدرهم وبيع الذمم، تركهم وشأنهم وحملهم مسؤولية هذا الاختيار، ورأوا نتيجة ذلك؛ وهذا قبل أن تكون سنة النبي وسنة أهل البيت، هو شرع الله حتى فيما هو أعظم من السلطة، (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)..

لمشاهدة "سلسلة حلقات {ثورة الانسانية}"على هذا اللرابط «««
حتى لا تضيع الحقيقة الأولى وسط الخصومات؛ يحسن أن نلخص ثورة الحسين بعيداً عن الغلو أو الجفاء، وفي نقاط:
أولاً: الإمام الحسين، سبط النبي الكريم، وابن علي بن أبي طالب، وابن فاطمة الزهراء، وسيد شباب أهل الجنة، فضله محل إجماع، وهو للناس جميعاً.
ثالثاً: يجب أن يضبط المسلم؛ بل العاقل؛ نفسه، فلا ينجرف لجفاء من باب مخاصمة غلو، ولا ينجرف لغلو من باب مخاصمة لجفاء.
ابحث عن الحقيقة وانصرها.
رابعاً:  ثورة الإمام الحسين كانت ضد وضع في غاية الظلم والقسوة؛ وانتهاك الحقوق وتغيير معالم الدين، وبعد إلحاح ووجود شوكة وعهود متبادلة.
خامساً: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ(214)) [سورة البقرة]
كانت ثورة الحسين حقوقية معرفية إنسانية، لم تكن لمطمع في سلطة ولا زعامة، ولكن لابد للأنظمة المتلاحقة أن تشوه أهداف هذه الثورة.
سادساً: من خلال تتبعي لسيرة أهل البيت، لم أجد أحداً منهم أراد الناس حتى يريدوه ويطلبوه ويتمنون عليه القيام بالواجب الشرعي في نصرة المظلوم؛ لذلك؛ إن وجد أحد أهل البيت أن الأغلبية راضية بالوضع القائم؛ لا يعتسفون الأمور، فالخيار للناس، بخلاف خصومهم؛ فهم يفرضون على الناس الرضا بالقوة؛ فالواحد من أهل البيت؛ إن طلبه صلحاء الناس؛ أو أغلبيتهم؛ للتغيير؛ يكون بين خيارين:
إما أن يجيب ويخشى خذلانهم له.
أو يتخلى فيخشى خذلانه لهم.
لكنهم؛ عندما يرون الخذلان يتركون السلطة؛ كما فعل الحسن؛ وإن رأوا النصرة وتقديم الوعود والعهود؛ يتقدمون للتغيير؛ ويكون الذنب على من أخلف ونكث.
لم يفرض أحد من أهل البيت نفسه على الناس؛ أقصد هنا؛ المتقدمين منهم؛ محل الأسوة؛ كعلي والحسن والحسين ومن تأسى بهم. ولا أقصد أكثر من انتسب إليهم؛ لم يجرب الناس خلافة أحد من أهل البيت - المتقدمين محل الأسوة - إلا الإمام علي، ولم يروا منه إلا العدل والمعرفة والحقوق .. البقية لم يحكموا.. بل؛ حتى الإمام علي، لما لم يجد الناس مقبلين عليه أيام السقيفة والشورى؛ ترك الأمر للناس واختيارهم، لكن؛ لما طلبه الجمهور بعد عثمان؛ وفى لهم؛ وهذه سنة الأنبياء أيضاً؛ فالنبي في مكة؛ لما لم يجد من أهل مكة إقبالاً عليه؛ لم تكن له سلطة حتى على أصحابه؛ فلما طلبوه في المدينة قام بواجبه؛ وسنة الأنبياء وأهل البيت أن الدين مسؤولية الناس أنفسهم.. العدل مسؤولية الناس أنفسهم.. المعرفة.. والحقوق..
فإذا رفض الناس ذلك؛ تركوهم وشأنهم؛ وليس معنى قولي (تركوهم وشأنهم) أنهم يتركون البيان الثقافي والتصحيح القضائي والأمر بالخير سلمياً، ولكنهم؛ لا يطلبون الخلافة ولا يخططون لها..
صحيح أن تأثيرهم خارج السلطة سيكون أقل أثراً، لكنهم يحترمون إرادة الناس؛ ويحملونهم المسؤولية تجاه اختيارهم؛ وهذه إيجابية وعقل وحكمة ونور؛ بل؛ حتى النبي نفسه، لما يكون رأيه في مكان والصحابة رأيهم في مكان - في الأمور غير الشرعية - يتابعهم ويحملهم المسؤولية، كالخروج يوم أحد مثلاً..
وكذلك؛ رأينا الإمام علي - وهو رأس أهل البيت بعد النبي - يقر الناس على اختيار أبي موسى للتحكيم؛ مع أنه يرى أن أبا موسى ليس أهلاً لهذه المهمة؛ وكذلك الحسن ، ترك الخلافة لما رأى أغلبية الناس مع الدينار والدرهم وبيع الذمم، تركهم وشأنهم وحملهم مسؤولية هذا الاختيار، ورأوا نتيجة ذلك؛ وهذا قبل أن تكون سنة النبي وسنة أهل البيت، هو شرع الله حتى فيما هو أعظم من السلطة، (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)..
أنت مسؤول عن اختيارك؛ ولذلك؛ لما وجد الحسين نكث وتخاذل أهل الكوفة - بعد أن وفى لهم - طلب العودة إلى مكة أو أي مكان، ويترك هذا الأمر، فلا يفرض نفسه على أحد. بل؛ حتى الإمام الهادي يحيى بن الحسين باليمن، طلبه أهل صعدة ليحكمهم ويقضي على الفتن والنزاعات، فلما وجدهم ينهبون المال عاد إلى المدينة. ثم جرى بينهم - أهل شمال اليمن - فتن وحروب؛ فعادوا وطلبوه من المدينة مرة أخرى؛ وأخذ عليهم الوفاء بالتزام الشريعة والتوقف عن الظلم باسمه.
نعم؛ ظهر فيما بعد أناس من بني هاشم ومن آل علي في العالم الإسلامي من شابهوا من قبلهم، هدفهم السلطة والمال؛ ولكن؛ كان هؤلاء جهلة وأهل دنيا؛ كل من شابه بني أمية والعباسيين في طريقة طلبهم للخلافة من آل علي، فهو ابن الثقافة الأموية؛ لا من أتباع سيرة أهل البيت الأوائل. وله دلائله..
المقصود هنا؛ أن تشويه سيرة أهل البيت؛ بأنهم يطلبون الخلافة؛ غير صحيح. نعم؛ غلب هذا على المتأخرين؛ لكن المتقدمين كانوا لا يتحركون إلا برضا الناس؛ وتحركهم برضا الناس لا يعني أنهم يجعلون (رضا الناس) هو الشرعي؛ فقد يختار الناس ظالماً؛ ولكن؛ من باب تحميلهم المسؤولية؛ هذا دينكم وهذه حياتكم.
الإمام الحسين وسائر المهاجرين والأنصار وأهل الحجاز والعراق - وهم أهل الحل والعقد والجمهور - لم يكونوا يرضون بيزيد بن معاوية لسوء سيرته؛ هنا افترق هؤلاء الجمهور - اي الحجاز والعراق وكانوا أصلح الأمصار- ماذا يفعلون؟ فبعضهم فضل الرضوخ عجزاً؛ وبعضهم قالوا " لا "، لن نقبل وسنغير؛ هذا الفريق الثاني؛ الذي أصر على عدم قبول ولاية يزيد بن معاوية - وهم أهل الكوفة خاصة -  كان لابد لهم من رأس، فاستعانوا بالحسين لرمزيته وفضله..
لما أتته كتب أهل الكوفة تذكر الخذلان التمكرر منهم، وتردد، لكنهم في كل مرة يخوفونه بالله ويعطونه العهود والمواثيق على نصرته، فقام بواجبه..
الحجازيون أيضاً لم يكونوا مع بيعة يزيد؛ وعارضه بقوة أم المؤمنين عائشة - كما في صحيح البخاري - وأهل البيت وأغلب قريش؛ باستثاء ابن عمر لاحقاً؛ ولكن؛ أهل الحجاز لم يكونوا منظمين؛ وتم اغتيال رموزهم قبل موت معاوية؛ إما بالسم أو الاغتيال الخ؛ أهل الكوفة كانوا أكبر عسكر بالمشرق ومنظمين.
نصيحة من نصح الحسين من الصحابة؛ ليس على أساس أن ثورته غير شرعية؛ وإنما هم يصرحون بأنهم يخشون عليه من غدر أهل الكوفة، ولكنه احتج بالمواثيق.
ما كان يفعله يزيد في الأمة أبلغ مما فعله الزعماء الذين كانت الثورة عليهم هذه الأيام.. كان يزيد مستبداً للذروة، يبايع الناس على أنهم عبيده؛ فأهل الحجاز ليسوا مع بيعة يزيد؛ لا بولاية العهد أيام والده ولا ببيعته خليفة؛ ولكنه الخوف والرضوخ الواقع؛ وكان من يرى الثورة يخشى إثم السكوت.
اليوم لا تصلح ثورة، لأن الضرر اليوم يصل أكثره للمدنيين؛ أما تلك الأيام فالمدنيون في مأمن، وإنما جيش أمام جيش، مع وضوح الهدف ووجود البديل؛ وما فعله أبو بكر من قتال أهل الردة ومانعي الزكاة يشبه ثورة الحسين؛ فقد كان أبو بكر في قلة، وخصومه في كثرة؛ إلا أن الله يبتلي بالشر والخير؛ فلا الانتصار العسكري هو دليل على الحق؛ ولا التعرض للقتل هو دليل على الباطل؛ فقد كان بنو إسرائيل يقتلون أنبياءهم؛ فلا يعني أنهم على حق. فبعض الناس يقيسون الحق والباطل من نتيجة المعارك؛ وأن الله قد نصر فلاناً لأنه على حق؛ ولم ينصر فلاناً لأنه لم يكن على حق؛ وهذا إيهام شيطاني؛ لأنه بقليل من تدبر القرآن؛ ستعرف أن بعض الكفار تمكنوا من قتل أنبياء؛ فلا القاتل على حق ولا المقتول على باطل..
وهذه المغول انتصرت؛ وو الخ
الميزان في الحق والباطل ليس النصر والهزيمة؛ الميزان هو وجود البرهان على عدل هذا الطرف أو ظلم ذاك؛ سواء انتصر العادل أو الظالم..
كان النبي يوم أحد على حق لا شك فيه؛ ومع ذلك؛ انهزم المسلمون، ليس لأنهم مبطلون؛ وإنما بسبب تخاذلهم وفرارهم ومعصيتهم.. لله حكمته؛ وعليك مسؤوليتك.
التشويه الأموي للثورة الحسينية مستمر إلى اليوم؛ ومن حق محمد علينا، وحق أهل بيته ، أن نصحح، ولو أن التصحيح يجلب لك كثيراً من سوء فهم الناس..
نعم؛ أنشأ الأمويون شعار (الطاعة المطلقة) و( تحريم الثورة على السلطان)؛ مع أن أصل نشأتهم ثورة على سلطان عادل؛ وهو الإمام علي؛ فالشعار انتهازي؛ وقد اغتر بثقافة الأمويين كثير من الناس؛ فأصبحوا يتحدثون عن طاعة السلطان وقتل المخالف عندما يذكرون يزيد؛ وعن اعتزال الفتنة (!)  أيام علي!
وكان الأولى بم أن يتحدثوا عن طاعة الخليفة الشرعي ووجوب مقاتلة من خالفه أيام الإمام علي؛ ويتحدثون عن الفتنة أيام يزيد؛ لكنهم عسكوا القضية! وقد ذم الله الذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس؛ ووعدهم بالعذاب الأليم؛ ويزيد من أبرز أمثلتهم؛ والحسين من أبرز الآمرين بالقسط..
قال تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(21))[آل عمران]
فالفريقان هنا؛ ووجود ( الواو) في قوله (ويقتلون)؛ وليس (أو)؛ دليل على أن من يفعل الخصلة الواحدة يفعل أخواتها تلقائياً؛ فالآية السابقة دليل على كفر يزيد.
وكفر يزيد بن معاوية قال به بعض اهل السنة؛ وكذلك كفروا الحجاج بن يوسف؛ ولكن أكثر السنة على تفسيقهم فقط؛ ولكن الآية السابقة ترجح تكفيرهم..
كل من قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس؛ وبشرط أن يُعلم أنهم فعلاً يأمرون بالقسط، - وليس مجرد شعارات سياسية - فيكون قد كفر ببعض الكتاب؛ وقد وصف الله الذين يكفرون ببعض ويؤمنون ببعض بأنهم (الكافرون حقاً)؛ وهذا كان واضحاً في مثل يزيد والحجاج.. لا يؤمنون بحرمة الدم ولا غيره؛ لذلك؛ فحجة الذين رأوا كفر يزيد والحجاج من أهل السنة لا يجعلهم خوارج؛ فالخوارج يكفرون على مخالفة رأيهم؛ أما أهل السنة فيكفرون من قام به الكفر؛ وهنا لا أقصد غلاة أهل السنة.. كلا؛ الحجاج ويزيد كفرهما وفسقهما معتدلوا أهل السنة؛ ولم يدفع عنه إلا غلاة التيار السلفي فقط؛ مخالفين الإمام أحمد!
قال الإمام أحمد فيما نقله عنه ابنه صالح؛ (قلت لأبي : إن قوما ينسبوننا إلى تولي يزيد ! فقال : يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله)؟!
فالإمام أحمد ليس خارجياً؛ بل هو من أئمة أهل السنة ورع تقي؛ ولكنه يرى أن من يوالي يزيد بن معاوية (لا يؤمن بالله)! فيكف بيزيد نفسه؟
لكن؛ تيار من الحنابلة؛ بزعامة أبي يعلى وعبد المغيث الحربي؛ خالفوا الإمام أحمد، وكتبوا في فضل يزيد والرفع من شأنه، وقد واجههم جمهور الحنابلة؛ وأبرز الحنابلة الإمام ابن الجوزي؛ الذي ألف كتاباً في (جواز لعن يزيد) رداً على شذاذ الفريق الحنبلي الذي خالف عقيدة الإمام أحمد في يزيد؛ ولكن؛ بعض المـتأخرين من الحنابلة - كابن تيمية - أحيا رأي أبي يعلى وعبد المغيث، ووضع من الفريق الحنبلي الأصل، ليس في أمر يزيد فقط، بل في كلٍّ.. فيظن بعض حنابلة اليوم - لأنهم لا يمتلكون دراسات مقارنة - أن المذهب الحنبلي مع يزيد وضد الحسين، وهذا ظلم، قد نقلنا قول الإمام أحمد نفسه؛ والشذوذ المذهبي ليس خاصاً بالحنابلة؛ بل كل مذهب فيه شذوذ؛ كابن العربي في المالكية صاحب العواصم؛ بل في الشيعة  من شذ أيضاً وبرأ يزيد؛ وتكفير يزيد؛ فضلاً عن تفسقه؛ موجود في تراث أهل السنة؛ قديماً وحديثاً؛ والأصل أن التفسيق رأي الجمهور؛ والتكفير رأي القلة؛ والثناء رأي الشذوذ؛ والشذوذ لا يعتبر.
فقد كان بعض السنة المتصوفة يبريء فرعون؛ فهل نقول أن المسلمين في فرعون فريقان ووسط؛ فريق يكفره وفريق يبرئه وفريق وسط؟!
كلا.
اطردوا الشذوذ من كلامكم؛ فإنه مستفز؛ نعم؛ قولوا اختلف أهل السنة في يزيد؛ بين مكفر له ومفسق؛ واتركوا الشذوذ؛ وإلا لزمكم ذلك في فرعون؛ وبما أن البعض يظن أن تكفير يزيد لم يقل به أحد؛ وإنما قالوا بتفسيقه؛ فيحسن أن نذكر بعض النماذج - غير نموذج الإمام أحمد - حتى لا تظنوا أنه شذ..
يقول الإمام الألوسي صاحب التفسير، وهو زعيم أهل السنة في العراق في عصره؛ (الذي يغلب على ظني أن الخبيث (يزيد) لم يكن مصدقاً برسالة النبـي؛  وأن مجموع ما فعل مع أهل حرم الله وأهل حرم نبيه عليه الصلاة والسلام وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات؛ وما صدر منه من المخازي؛ ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر؛ ولا أظن أن أمره كان خافياً على أجلة المسلمين؛ إذ ذاك، ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلا الصبر ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ولو سلم أن الخبيث كان مسلماً؛ فهو مسلم جمع من الكبائر
ما لا يحيط به نطاق البيان؛ وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ... إلى آخر كلام الألوسي
هؤلاء هم أهل السنة؛ وليس من شذ هنا وهناك.
وقال الألوسي: ويلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة فلعنة الله عز وجل عليهم أجمعين، وعلى أنصارهم وأعوانهم وشيعتهم ومن مال إليهم إلى يوم الدين.
كلام الألوسي يشبه كلام الإمام أحمد عندما قال (فهل يحب يزيد رجل يؤمن بالله)؟ وفي لفظ (هل يتولى يزيد رجل يؤمن بالله واليوم الآخر)؟
وأهل السنة ردوا على شواذهم؛ ومنهم الألوسي؛ فقال (لا يجوزون لعن من رضي بقتل الحسين؛ وذلك لعمري هو الضلال البعيد الذي يكاد يزيد على ضلال يزيد)!
فأهل السنة أبرياء من حب يزيد أو بغض الحسين؛ مثلما هم أبرياء من القول بإيمان فرعون؛ حتى لو شذ ابن تيمية هنا وابن عربي هناك.. وجود أكثرية فيما بعد يتبعون الرأي الشاذ لا يخرجهم من الشذوذ؛ فلو تبع ابن عربي فريق من الصوفية؛ يقولون بإيمان فرعون؛ لا يؤثر هذا في المذهب..
أيضاً؛ يجب عزل الاصطفافات المذهبية؛ وحتى السياسية؛ عن المعلومة.. المعلومة تبقى معلومة..
قل الحق ولو استفاد منه خصمك؛ فهذا دليل إنصافك ونزاهتك؛ الحسين لجميع المذاهب؛ مثلما عيسى وموسى عليهما السلام؛ لجميع الأديان؛ لا يجوز أن نفكر؛ ولو للحظة؛ بأن حب عيسى والثناء عليه سيستفيد منه النصارى؛ بل أكثر من هذا..
العاقل والمتدين يفرح بنقاط الاتفاق وينصرها؛ بينما ضعيف العقل والدين يتكلف في مخالفة خصمه في كل شيء؛ احيوا المشتركات ووظفوها..
وبعض الشيعة أيضاً يحبون المخالفة ويبالغون في الروايات والطقوس ويشوهون المناسبة والدروس منها؛ فعليهم وعلينا مسؤولية في الارتقاء بالمناسبة؛ وأنا أقلل من نقد الشيعة عمداً، إيماناً مني بأن النقد الذاتي والتجديد الداخلي هو النافع للمذهبين، وأن السجال المذهبي يزيد الفجوة ولا يصحح.
إذاً؛ فمن غلا من الشيعة فلا يمثل التشيع، وإنما يمثل الشذوذ؛ وإن كثر؛ ومن غلا من أهل السنة في يزيد، فلا يمثل السنة؛ وإنما الشذوذ؛ وإن كثر؛ نحتاج لاستعادة السنة المختطفة والتشيع المختطف؛ فالسنة المحمدية لا تتناقض مع مولاة آل محمد؛ ومحمد وآل محمد ليسوا مع الخرافة ولا الظلم..
نعم؛ يبقى لأهل لسنة المحمدية وأهل التشيع العلوي الفضل في تصحيح ما أمكنهم تصحيحه؛ وتثبيت ما أمكنهم تثبيته من المشتركات؛ وقد يغلبهما العامة.
الأمر المجمع عليه من أهل السنة قبل غيرهم - إذا أخرجنا منهم بني أمية وما أنتجوا من شذوذ - هو مولاة الحسين وتصويبه والبراءة من يزيد وما فعل.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1510
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 10 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18