• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : الثقافة الفاسدة : هي سبب الفساد في الأرض ؛ كيف؟ .

الثقافة الفاسدة : هي سبب الفساد في الأرض ؛ كيف؟


        الثقافة الفاسدة :  هي سبب الفساد في الأرض ؛ كيف؟


عالم كبير جداً داخل هذه النفوس؛ لا يمتلك أي شعب على وجه الأرض نفوساً مثقلة بهذه الأمراض كما يمتلكها المسلمون؛ وهذه الأمراض هي نفس مشروع الشيطان بالضبط؛ الذي لم نتخذه عدواً.

الأحقاد هي نتيجة ثقافة؛ القتل نتيجة ثقافة؛ الفساد في الأرض نتيجة ثقافة؛ وعند المسلمين من الثقافة ما يكفيهم في قتل بعضهم؛ ولقرون قادمة.
الشيطان ثبّت ثقافته تمام التثبيت! ونشرها بكافة الأساليب؛ وعمقها عبر التاريخ وما أنتجه؛ وحماها بالسلطات والأموال؛ وأنتج لها الحمقى والأغبياء.. الخ؛ لذلك؛ لا تستهينوا بنقد الثقافة؛ ولا تقولوا : هذه أمور ماضية وانتهت؛ فما تظنه ماضياً مازال يعجننا بالفتن؛ ومازال ينتج ما تراه من فساد عريض.
النقد الثقافي العلمي ليس ضد الماضي كله؛ فالماضي فيها الكتب والرسالات؛ إنما النقد ضد الثقافة الفاسدة الماضية وسائر بناتها وحفيداتها. الإنتاج الثقافي الفاسد هو أضعاف أضعاف النقد العلمي الموضوعي؛ بل؛ لعل الأصل هو الثقافة الفاسدة؛ولأن الشيطان شاطر؛ فقد جعلها ديناً!
تمام المكر!
ستستمر الفتن والحروب والعداوات والبغضاء والسوء والفحشاء والجهل والتخلف، لقرون قادمة؛ فيما يظهر حتى الآن؛ لأن الفساد الثقافي مازال فاعلاً جداً.
إن الله لا يغير ما بقوم من جهد وبلاء، حتى يغيروا ما بأنفسهم من غرور  وكبرياء؛ النفس أولاً. إصلاح النفس المريضة لتكون زاكية هي المهمة الأصعب. لا تبحث عن علل الأمة خارج النفس؛ النفس البشرية - التي مسخها الشيطان بثقافته المسمومة - هي الأصل؛ هي البداية لكل صلاح وإصلاح أو فساد وإفساد.
يكتبون (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم)؛ فيهتمون بالمظاهر (تكنولوجيا، اكتشافات، استعمار ...الخ) ويتركون النفس البشرية؛ هي القطبة المخفية؛ ركزوا على الآية
(أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
قال ما بأنفسهم! ولم يقل أحوالهم. النفس المتكبرة تجلب الكذب؛ ثم هو يتكفل بالباقي.
يحتاج المسلمون لعمليات تدريب ضخمة لاكتشاف ما في نفوسهم؛ من خبث؛ وكبر؛ وعصبية؛ وأمراض؛ وحقد؛ ورياء؛ وجحود.. الخ
عالم كبير جداً داخل هذه النفوس؛ لا يمتلك أي شعب على وجه الأرض نفوساً مثقلة بهذه الأمراض كما يمتلكها المسلمون؛ وهذه الأمراض هي نفس مشروع الشيطان بالضبط؛ الذي لم نتخذه عدواً.
أحياناً أرى حوارات في القنوات؛ أو تحليلات؛ أو ردوداً في النت؛ وأرى كمية الأحقاد والتباغض والاحتقان الكافية لإحراق الدنيا؛ من أين أتوا بها؟
نحن نعرف المنبع (الشيطان = يغري العداوة والبغضاء)؛ ونعرف النتيجة (تلك النفوس المثقلة بالعداوة والبغضاء)؛ لكن لا نعرف الربط بينهما؛ هنا البحث؛ ولا ريب أن البحث عن الطريق الواصل من الشيطان الرجيم إلى قلوب المسلمين، سيكون صعباً جداً، لأن من ضمن الأمراض وأهمها (الكبر)؛ وهو منتج للجحود.
النفس التي ترجع أسباب البغضاء لأمور فرعية (سياسية /مذهبية/عرقية/قبلية)؛ وتنسى المنبع الأول المنتج لهذه الفرعيات؛ وهو الشيطان؛ هي إنتاج شيطاني. الشيطان يريد من الناس أن ينسوه؛ أن ينشغلوا ببعضهم؛ يعادوا بعضهم؛ يتكبروا على بعضهم؛ يحتقروا بعضهم؛ يقتلوا بعضهم بعضهم  بعضهم .. الشيطان ماله دخل!
وهذا يعني ماذا؟؟
يعني أن كل ما ذكره الله عن الشيطان وخصاله لا حقيقة له! يعني أننا أعلم من الله بأعدائنا؛ يعني كفرنا بـ (والله أعلم بأعدائكم). الشيطان يحرص على هذه (النفس البشرية)؛ فإذا أفسدها أفسد الجسد كله؛ وإذا فسد الجسد فسد المجتمع؛ لأنه  مكون من هذه النفوس؛ ثم الأمم والشعوب بعد!
الشيطان يفهم الإنسان أكثر من فهم الإنسان لنفسه؛ يعرف كيف يسيطر على منبع صلاحه وفساده؛ وهو هذا القلب (هذه الأنفس)؛ فغيروا ما (بأنفسكم) تتغيروا.
نشاهد هذه الأيام كل أصناف المآسي؛ المشردين؛ الغارقين في البحار؛ العالقين تحت الأنقاض؛ الضحايا الخ؛ لماذا؟
خلاصة الأسباب هذه النفوس الخبيثة؛ الله توعد:
(مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179))[أل عمران]
هل سألت نفسك يوماً: هل من الممكن أن أكون من الخبيث؟ وكيف؟.. إذا لم تسأل نفسك يوماً هذا السؤال؛ فأنت مستهتر بالوعيد الصادر من الله؛ فلا تهتم به؛ وتظن أن الإيمان النظري سحميك من الخبث تلقائياً؛ كلا! أعد قراءة الآية مجدداً (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه
حتى يميز الخبيث من الطيب)؛ فالخبيث والطيب داخل دائرة الإيمان؛ فتدبر!
الإيمان اسم واسع جداً؛ يدخل فيه الخبيث والطيب؛ فابحث عن خبث نفسك واطرده حتى لا يغلبك علة نفسك؛ وتمسك بطيب نفسك وزده وتعهده؛ فما هو الخبث؟
أخطر الخبث وأخفاه خبث نفسك التي بين جنبيك؛ لأنه غير مرئي؛ ولا ملموس؛ ولا مشموم؛ ولا مذوق؛ ولا مسموع.. وهنا يختفي الشيطان ويرتب أموره كلها؛ في الخفاء.
أول ما تحارب الشيطان من داخل نفسك؛ هي أقرب جبهات العدو؛ هي داخلك. والأخطر أنك تغفل عنها. معركته داخل حدودك؛ ابدأ بها؛ واسأل نفسك: ماذا يعمل هناك؟
الشيطان يعرف كيف يفسد نفسك؛ وأن أبلغ ما يفسد به نفسك، هو ما أفسد به نفسه، وأخرجه من رحمة الله إلى لعنته؛ عملية جربها علة نفسه قبل؛ وهي الكبر. الشيطان يعرف تماماً أنه (أبى واستكبر)؛ فكان كبره هو سبب إبائه؛ فاكتسب هنا خبرة، وهي أن البداية بالكبر؛ وبه يعاقب به؛ ويطرد صاحبه من الرحمة؛ والشيطان قد صرح (فبما أغويتني لأغوينهم) - ب (ما) =  أي بالذي؛ أي أغويتني بالكبر؛ حسناً؛ وأنا سأغويهم بالخصلة نفسها؛ حتى لا يكون حد أحسن من حد! ولأن الله قد سبقت حكمته وسنته؛ كان لابد من اختبار هذه الذرية الجديدة؛ أي؛ تمحيص هذا المخلوق الجديد؛ ويريد الله النوعية لا الكثرة؛ الكثرة لإبليس؛ ولن تستطيع أن تكون من (النوعية) إلا إذا اجتنبت خصلة إبليس ( الكبر) التي أخرجته من الرحمة إلى اللعنة؛ هذا عدل الله؛ لن يصلحك بما أفسد الشيطان.
إذاً؛ فالكبر هو الخلق السيء الأول الذي انطلقت منه الشرور؛ من كذب وظلم؛ ثم فساد عريض؛ مثلما الكون نتيجة الانفجار الأول من جسم متناهٍ في الصغر؛ لم يجعل الله معركتك مع الشيطان مستحيلة ولا بعيدة المنال؛ هي داخل قلبك؛ داخل حدودك؛ فاستعن بالله؛ واتخذه عدواً؛ واعرف داءه الأول؛ وسترى النتيجة.
رمضان القادم فرصة؛ ليكن شهراً جديداً؛ وكأنك تصوم لأول مرة؛ قف مع نفسك؛ أكثر من التفكر؛ لا تزكِّ نفسك؛ ابحث عن خبثها = الكبر؛ اعرفه وحاصره وعالجه؛ وعلاجه معروف جداً؛ هو ضده؛ التواضع؛ لا تتكبر بذاتك؛ فهي كذوات الآخرين؛ ولا عرقك؛ فكلنا من تراب؛ ولا مذهبك؛ فهو كغيره.
لا تتكبر؛ تواضع؛ تعلم؛ فتش الخ
التواضع صعّبه عليك الشيطان، وإلا فهو سهل وتلقائي وإنساني؛ ويدل عليه العقل والتفكر والتأمل. الشيطان قال لك لا، ما فيه مثلك أبدا؛ انتبه! قل له "كلا"؛ فإذا صلحت نفسك ستبدأ ترى الأشياء على حقيقتها ولأول مرة؛ سترتاح؛ وتتخلص من الحقد المزمن؛ والكراهية المعقدة؛ سترى الأمور أبسط مما حقنك به الشيطان.
شرحنا في مناسبات سابقة؛ كيف أن مشروع الله فيك أن تكون إنساناً:  (إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً)؛ وشرحنا معنى الشكر = تفعيل النعم؛ وتفعيل نعمة العقل أن تعقل؛ وتفعيل نعمة البصر أن تبصر.. القلب أن تكون ذا ضمير؛ السمع أن تسمع.. بهذا تكون إنساناً: (وقليل من عبادي الشكور).


لمطالعة "وإذا كانت العبادة تقود للتقوى والتقوى تقود للشكر، فهل من المعقول أن يكون المراد هو الشكر اللفظي ؟!" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "الشيطان ... ألفاظه ومعانيه في التراث الإسلامي- معنى الشكر. (ألجزء ألأول)" على هذا اللرابط «««

الحل بسيط جداً؛ ولكن الشيطان صعبه عليك؛ تشعر أن حمل الجبال أثقل من الاعتراف على نفسك بخطأ؛ أو لخصمك بفضيلة؛ ومجمع هذا كله في القلب (الكبر)!
انظروا إلى الناس؛ هذا جار هذا؛ له نفس السمع والبصر والعقل والقلب؛ لكن هذا يبغض هذا لأن رأيه أو قناعته مختلفة!
لماذا لا يجربان تفتيش الذات؟ وتفتيش الذات تعني مراجعة الأفكار؛ مراجعة الثقافة التي تأمرهما ببغض ومعاداة بعض؛ لابد أن يكون هناك خلل فيها؛ وربما عند الاثنين معاً؛ ولو بنسبة.
لابد أن يبحثا عن المشترك الإنساني؛ ثم المشترك الديني - إن كانا مسلمين مثلاً - ثم المشترك المذهبي؛ هذه تكفي؛ لا يجوز أن ينسفها ما هو أقل منها؛ بعد ذلك؛ إذا كانا يأمنان في التزام العدل والإنصاف؛ فيمكن أن يتدارسا الأمور المختلف فيها؛ بعد تعهد أن هذه الأمور لن يسمحا لها بنسف الأصول الأولى. وإن كانا يعرفان من أنفسهما أنهما ضعيفان أمام الشيطان (بإغرائه العداوة والبغضاء)؛ فيكفي تفعيل المشتركات..
أنت إنسان وأنا إنسان؛ ويمكننا التعايش؛ وحتى تفهم الآخر وتعذره؛ تخيل أنك مولود في بيئته؛ ووجدت نفسك في أسرته؛ وتعلمت ثقافته؛ فهل تظن أنك ستكون مختلفاً عنه؟؟
فكر في الجواب! لتفهمه.
التواضع يقول لك: نعم؛ سأكون مثله. الكبر يقول لك: كلا ، كنت سأبحث عن الحق والتزمه، فأنا منصف و والخ
إذا قلت هذا ، فتعوذ من الشيطان؛ فقد نطق!

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1379
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 05 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20