• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : بداية الانحراف الأول عن الإسلام الأول ..متى كان؟! {الجزء الخامس} .

بداية الانحراف الأول عن الإسلام الأول ..متى كان؟! {الجزء الخامس}



      بداية الانحراف الأول عن الإسلام الأول ..متى كان؟! 

                          {الجزء الخامس}



لأن الإسلام بحسب حامله في الواقع وعند الناس، وليس بحسب الأفكار المجردة عن الحامل، فالمسلمون ينظرون للحامل وليس للثقافة؛ ولذلك يردون صريح القرآن بالثقافة السائدة؛ كما هو معلوم عند من بحث ودقق  ..والإسلام حمله خلطاء كثير، ولكن أبرزهم قريش بلاشك.

لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {ألجزء الأوّل}" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {الجزء الثاني}" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {ألجزء الثالث}" على هذا اللرابط «««
لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {الجزء الرابع}" على هذا اللرابط «««
-
الآن سندخل مباشرة في الآيات المكية التي تصف أكثرية قريش، ولاحظوا السياقات ومكية السور والآيات، وستجدون بسهولة أن المراد بها قريش الكافرة، وليس بالضرورة أن تكون لفظة( قريش) موجودة.
آيات الفرقان - والفرقان مكية -
{وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)} [الفرقان: 44]
الآيات الكريمة هنا تتحدث عن أكثرية قريش؛ وأنهم لا يسمعون ولا يعقلون، وذكر قبل ذلك أنهم يتخذون النبي هزواً، وذكر أيضاً أنهم سيعلمون عندما يرون العذاب من هو أضل سبيلاً؟ وأنهم كالأنعام بل أضل.. الخ؛ فهل في الآيات دلائل واضحة على أن هذه الأكثرية التي حاربت الهدى وتعصبت لأهوائها، ستعرف الهدى بعد ذلك؛ اي في الدنيا؛ بخلاف ما أخبر الله؟ أم أنها ستخدع الناس وتستلم ظاهراً حتى تجد على محاربة الحق أعواناً وتضل غيرها ويكون مصيرها إلى النار؟
أي الفكرتين أقرب إلى صريح القرآن؟  وأي الفكرتين أقرب إلى زور التاريخ؟
وهل ما بقي في عقولنا هو الصدق القرآني أم الكذب التاريخي؟ وهذا الكذب التاريخي أليس من اثر قريش؟
أليست قريش نفسها؛ بأثرها وسلطتها وأحاديثها ورواياتها... ؛ من صنع معلوماتنا المباينة لهذه الآيات وأمثالها؟
ومن أصدق من الله قيلاً؟
ثم سترون أن هذا ليس في موضوع واحد؛ ولا عشرة ولا عشرين، فالقرآن مليء جداً بمثل هذه الصفات في قريش؛ وبالإخبار عن مآلهم يوم القيامة، إلا أنه من النادر أن تجد مسلماً يؤمن بهذه الآيات؛ إذ يرون أن إسلام قريش ظاهراً، قد أبطل كل هذه الآيات، وزالت عنهم كل تلك الصفات؛ وبطلت كل تلك الأخبار الغيبية التي كان الله يخبرنا بها عنهم!
شيء مذهل!
انتبه/ هذه الأخبار الإلهية مسؤولية عظيمة، وهي من دلائل إيمانك، فإخبار الله لا يتغير ولا يتبدل، لا سيما وأنه ذكر عنهم المآلات يوم القيامة، ولعل هذه من اسباب هجر القرآن الكريم، والإقبال على الروايات والتواريخ.. فتنبه لهذا جيداً، فالمكر كبير جداً، والناس تبع أولي القوة..
والثقافة القرشية مؤثرة فينا لدرجة أنه لو قال الله فيهم ستدخلون النار؛ ثم تظاهروا بالإسلام؛ سنصدق تظاهرهم ونكذب القرآن!
أليست هذه فتنة عظيمة؟ ثم؛ هل لهذه الفتنة سبب غير أثر قريش في ثقافتنا وعقولنا؟
صحيح أنه ليس كل قرشي، وإنما قلنا قلنا الغالب أو الأكثر الذين تكبروا على النبوة وحاربوها بشراسة ومكر وكيد وسيف وأحلاف؛ في مكة والمدينة معاً؛ فهؤلاء - حتى وأن تظاهروا بالإسلام فيما بعد - لا يجوز أن نصدق هذا التظاهر ونلغي به ما أخبرنا الله به - ولو من حيث الجملة-  وإنما الآيات هي التي تكشف هذا التظاهر بالإسلام بأنه مجرد تظاهر؛ ولو من حيث الجملة؛ وقد نعذر أو نتوقف في من حسنت سيرته دون من أساءها بعد تظاهره بالإسلام- وإلا فإنه بدون هذا الإيمان بهلاك الأكثرية من قريش، ستكون قريش أعظم في نفوسنا من الله؛ وهذه عقيدة خطيرة جداً، وهنا يبتلى المؤمنون ويتم فرز الصادق من الكاذب، ولعل تظاهرهم بالإسلام من جملة الأمور التي أراد الله بها فرز الصادق المتعبد بالقرآن من الكاذب المتعبد بالتاريخ، وهذه سنة الله، في الابتلاء الدائم:
{الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} [العنكبوت: 1 – 3]
هنا أنت في اختبار، وأنت حر الاختيار.. علماً بأنه لا يجب عليك تكفير أحد بعينه، ولكن لابد من الإيمان بأن الآيات كما أخبر الله ستبقى في الأكثرية؛ ولا أقل من أن تعتقد أن من أساء السيرة بعد إسلامه ففيه شك على الأقل، أعني الشك في صدق إسلامه، وأن من رأى كفره لا بأس عليه، فهذا أضعف الإيمان؛ ولا علم هل يقبله الله أم لا. وقد كان عمار بن ياسر يرى كفر أهل الشام - يقصد رؤوسهم - بهذه الآيات وغيرها؛ ولم ينكر عليه الإمام علي ولا غيره من أهل بدر يومئذ، كان يقول (ما أسلم هؤلاء؛ ولكن استسلموا حتى وجدوا على الحق أعواناً) و ( أني قد قاتلت صاحب هذه الراية وأنا مع رسول الله؛ فوالله ما موقفه هنا بأبر ولا أتقى)؛  وكان الإمام علي يقول (مالي ولقريش، والله لقد قاتلتهم كافرين ولأقاتلنهم مفتونين)؛ والفتنة أكبر من القتل، وأشمل من الكفر، فقد تشتمل الكفر، فلا يتناقض قوله مع موقف عمار.
إذاً؛ لقد كان الإمام علي وكان عمار بن ياسر ومن معهم من أهل بدر مع الإسلام الأول، يتعاملون مع هؤلاء بظاهر الإسلام؛ ولكنهم يخبرون بحقيقة الكفر والنفاق حتى لا يغتر بهم أحد؛ ويمكن الجمع بين الأمرين بسهولة، كما كان النبي يفعل في المنافقين، معاملتهم بالظاهر وكشف باطنهم حتى لا يغتر بهم أحد. ولكن للأسف غلب على الناس إسلام قريش إلى اليوم، إسلام قريش الذي يستيقن إيمان المنافقين ويشك في إيمان المؤمنين الصادقين؛ فالسنة واحدة والأثر قديم، وإن شئت فقل الأثر قرشي؛ وراجع الآيات!
بيان حقيقة من أساء لا يضر، ولا يخيف، لأنه يجوز أن تطلق الإسلام على من نطق بالشهادتين؛ ولو كان منافقاً، فإطلاقك الإسلام على المنافق وإعطائه حقوق الإسلام لا يعني هذا أن حقيقته أصبحت هكذا..  فالتعامل الظاهري شيء وحقيقة الإيمان شيء آخر؛ وتذكر سلوك النبي مع المنافقين؛ ثم سلوك علي وعمار وأهل بدر مع دعاة النار.
نعود للآيات ونلخص منطوقها عن أكثرية قريش فنقول: خلاصة صفاتهم في هذه الآيات:
1 - أنهم مستهزءون بالنبي والنبوة.
2 - يرون الحق - كالنبوة – ضلالة.
3 - يرون عبادتهم لآلهتم هداية.
4 - موعودون بالعذاب؛ وأنهم سيعرفون يومئذ - وليس قبل ذلك؛ فتنبه! - سعرفون من هو  أضل سبيلاً - وهذا مهم جداً؛ وسيتكرر.
5 - أنهم اتخذوا أهواءهم آلهة لهم.
6 - أنهم لا يسمعون ولا يعقلون.
7 - أنهم كالأنعام بل أضل.
هذه صفات سبع نقلناها بالمطابقة أولاً؛ دون تضمن ولا التزام، فكيف لو ذكرنا تضمناتها ولوازمها؟ هذا ثانياً؛ وثالثاً: هل علمت قريش من هو أضل سبيلاً في الدنيا أم لن تعلم إلا يوم يرون العذاب؟
-  تذكروا؛ كل كلامنا على الأكثرية، الغالبية، وليس على كل قرشي-
ويبقى السؤال:
هل في المسلمين اليوم بعض هذه الخصال؟ من رؤية ضلالتهم هداية وهداية غيرهم ضلالة؟ وما السبيل ليتعرفوا على ضلالتهم وهداية غيرهم؟  أليس القرآن؟ أليس مثل هذه الآيات؟
لن نستعجل...
سنواصل حصر صفات ( أكثرية قريش) في القرآن الكريم، ومعرفة ماله صفة الانقطاع إن وجد؛ وماله صفة الديمومة في الدنيا والمآل في الآخرة!
موضوع صعب كما ترون ...ولعله يبحث لأول مرة، فكم ترك الأول للآخر!


لمطالعة "بداية الانحراف عن الإسلام الأول - متى كان؟! {الجزء السادس}" على هذا اللرابط «««

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1255
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28