• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : مقالات وكتابات .
                    • الموضوع : لماذا تُركز على السلفية وتُخفّف على الشيعة؟! .

لماذا تُركز على السلفية وتُخفّف على الشيعة؟!

هذا سؤال طالما سئلته؛ والحق يقال أن نقدي للسلفية أكثر من نقدي لجميع الفرق لسبب بسيط وهو أنهم - اعني السلفيين- أكثر الفرق الإسلامية دعوة للتدابر والتهاجر والتقاطع وفتاوى في هضم حقوق المختلف (قتل / سجن/ منع رزق الخ...)

وقصص شباب السلفية بهجر الوالدين لسبب من الاسباب كثيرة نسمع عنها يوميا وكل الفرق غالبا تستعد للجلوس مع السلفية إلا أن السلفي يتدين بالهجر.

السلفي يعمل ألف حساب لأي لقاء مع شيعي او صوفي او إباضي أو ليبرالي الخ… بينما هذا الحرج ليس موجودا عند غيره في الغالب, هذا ما نعرفه, فلماذا؟

بل السلفي يحسب ألف حساب قبل أن يقول للمخالف ( السلام عليكم) وألف حساب قبل ان يصافحه او يبتسم له؟ ! والسؤال لماذا السلفي هكذا؟! الجواب: أن السلفي يظن أن الهجر والتدابر شرعي وأصلهم الذي بنوا عليه هو أمر النبي بهجر الثلاثة الذين خلفوا يوم تبوك فهل استدلالهم صحيح؟!

الجواب:أبدا / استدلالهم باطل لأن امر النبي بهجو الثلاثة الذين خلفوا عقوبة عسكرية سببها التخلف عن الجيش وليس النفاق ولا البدعة والضلالة, فالثلاثة هؤلاء صالحون بدريون إلا كعب بن مالك أحدي فقط وكلهم من أهل الرضوان فليس هجرهم لنفاق ولا بدعة ولا ضلالة حتى يستدل به السلفيون.

ولو كان النبي يأمر بهجر المبتدع والضال والمنافق لأمر بهجر آخرين من كبار المنافقين الذين لم تحصل لهم عقوبة فبطل استدلال السلفية بهذا, فهل للسلفية دليل آخر في هذا الحرج من الجلوس مع المختلفين لهم والسلام عليهم والابتسامة في وجوهمم؟! الجواب نعم عندهم قصة عمر وصبيغ; فهم يحتجّون بأن عمر جلد صبيغ التميمي لأنه سأل عن آيات متشابهات وأمر بهجره ثلاث سنوات حتى تاب فهل يصح الاستدلال بهذا الأثر؟! الجواب: لا, لأن فعل عمر هنا ليس اولى بالاتباع من مخالطة النبي للمنافقين ومعاملتهم معاملة الصالحين وترك نياتهم إلى الله وعمر ليس معصوما قد يخطئ.

وأنا أسأل كل سلفي: لو أن صبيغ التميمي سأل النبي عن تلك الآيات فهل كان نبي الرحمة سيجلده حتى يدمي ظهره ويأمر بهجره؟! الجواب لا… طيب؟؟!

إذن إذا تعارض عندنا رفق النبي مع شدة عمر فمن نتبع ؟! كل سلفي سيقول : النبي! طيب بارك الله فيكم فلماذا تتمسكون بشدّة عمر وتتركون رفق النبي؟

إذن فهل مع السلفية دليل ثالث؟! الجواب نعم معهم أدلة من افعال بعض اهل الحديث كأحمد بن حنبل الذي أمر بهجر ابن معين وعلي بن المديني وغيرهم… وكان أحمد قد هجرهم ورسخ عقيدة الهجر المخالفين والجواب هنا سبق فالنبي اولى من أحمد بالاتباع والنفاق اعظم من الإجابة بخلق القرآن اكراهًا !

إذن فهذه أدلة السلفية الثلاثة الكبرى في تشريع عمل بدعي ليس عليه النص القرآني ولا السيرة ولا أكثر الصحابة فهل هناك من أدلة مضادة؟! الجواب نعم فالسلفيون غفلوا عن الأمر القرآني بحسن صحبة الوالدين المشركين حتى لو جاهداه للعودة للشرك( ... وصاحبهما في الدنيا معروفا)

بينما نجد الشاب السلفي قد يهجر بيت والديه المسلمين المحبين له بسبب أمر تافه أقل بكثير من الشرك والقصص كثيرة فمن أين أخذ هذه البدعة؟!

ومن الأدلة التي يغفلها السلفيون أن النبي لم يأمر بهجر المنافقين حتى الوقحين منهم ممن يقول ( ليخرجن الأعز منها الأذل) ومن المستهزئين, والنبي تحاور مع الجميع وجالس الجميع من كفار قريش ليهود المدينة والمنافقين ونصارى نجران والأعراب الأجلاف الخ فكيف يغفل السلفيون هذا؟؟

الجواب: السلفيون يشرعنون هجر من يخالفهم من المسلمين وقطيعتهم ليس لأن الله أمر بهذا ولا رسوله وإنما لأن أحمد بن حنبل فعل هذا وأمر به! للأسف أن أحمد بن حنبل هو أول من شرعن هذا الهجر والتدابر بقوة ولم يكن الهجر قبل أحمد ولا مشروعا كان قبله مواقف شخصية قليلة فلماذا فعل؟! الجواب:أحمد شرعن هذا التهاجر والتدابر لسبب ذاتي لا شرعي لأنه غاضب من هؤلاء فقط ولم يستطع التفريق بين الغضب والشرع فاختلطا,  وأمر آخر: أنه سبق أحمد مواقف فردية لبعض سلفه من أهل الحديث انفسهم وخاصة سفيان الثوري في آخر عمره فقد بالغ بدعيًا في هذه الأمور.

ومن قصص الثوري العجيبة أنه لما مات عبد العزيز بن ابي رواد فقيه مكة ( وكان مرجئا) تظاهر سفيان بأنه يريد الصلاة عليه فأفسحوا له فتجاوزه!!

نعم لقد تجاوز سفيان جنازة ابن أبي رواد وذهب إلى الصفا وبرر ذلك بأنه يريد أن يعلم الناس أن ذلك الفقيه مبتدع!! فهذا سوء خلق من الثوري, وكان بإمكانه أن يتجنب التظاهر بأنه يريد الصلاة عليه فالميت فقيه مكة ومحدثها واهله مكلومون لموته فكان جفاف الثوري سوء ادب ليس عليه الدين, وأنا أسأل أي سلفي هل تتوقع بأن النبي سيعمل هذه الحركة التي فعلها الثوري؟! لا والله فالنبي أكرم خلقا من أن يفعل هذا ! فعمل الثوري بدعة. إذن فأحمد بن حنبل كان يتذكر هذه القصص التي فعلها ناس ليسوا بأنبياء وينسى خلق النبي وحسن تعامله حتى مع من حاربه او كاده أو نافق, والسؤال:لماذا تذكر أحمد هذه القصص ونسي خلق النبي وكرمه وبشاشته وتسامحه؟!الجواب:للخطأ التشريعي السلفي الذي يجعل عمل السلف حجة!

نعم من بدع السلفية التي دفعتهم نحو هذا الهجر والتدابر والتقاطع والبغض وتشريع كل هذا هو أنهم تذكروا بعض افعال السلف وعدوها شرعاً! وهذا خطأ كبير جداً؛ ليس لأن آثاره سيئة على علاقات المسلمين فحسب؛ وإنما لأنه تشريع بدعي يزاحم التشريع الشرعي بإتمام مكارم الأخلاق.

لن تصلح السلفية بدعتها هذه حتى تجعل فعل عمر مع صبيغ / والثوري مع فقيه مكة/ وأحمد مع ابن المديني أمورا بشرية لا شرعية, وأن النبي واحد فقط.

لو تفعل السلفية هذه لتحققت مصالح كبيرة على مستوى العلم والعقل والنفسيات وفهم الآخر وتحقيق أخلاق الإسلام على أرض الواقع.

لو فعلت السلفية ذلك لخالطت ابناء الوطن وطمأنتهم من سنة أشاعرة وشيعة وصوفية وزيدية واسماعيلية ولوثق الآخرون في السلفية وحوصرت الطائفية.

وربما لما كان هذا التقوقع الشيعي والصوفي والاسماعيلي مثلا اعني تلك الحالات المذهبية المتوجسة من السلفية والمتقوقعة على نفسها خوفأ وحذرا.

لو فعلت السلفية هذا من قديم لما كان هناك حالات احتقان مذهبي ولخففت على الدولة التنمية المتوازنة وعمقت الشعور الوطني عند كل مكونات الوطن.

لقد ورطتنا السلفية معها - كأهل سنة أفراد أحرار- وورطت نفسها وورطت المذاهب وورطت الدولة فنحن في خوف من المستقبل وتوجس نتيجة تفعيل بدعة!

نعم إنها عقوبة الله لنا جميعا لأننا هجرنا التسامح الشرعي الماثل في النص والسيرة وطبقنا تلك الحالات النفسية التي فعلها بعض السلف.

لقد توعد الله من أعرض عن ذكره بمعيشة ضنكى وأظن أن هذا الضنك ظاهر اليوم جدا في هذا التنافر والتحاقد والتكاذب والكراهية والتوجس, الخ…

وطلبي من السلفية - بحكم أن لها اليد الطولى في القرار الديني الرسمي- أن تتذكر أخلاق النبي ورحمته وتنقد تلك الأخلاق البشرية المضادة لخلقه. ولو تفعل السلفية هذا لذهب هذا الضنك بين المواطنين في أعمالهم ووظائفهم ونفوسهم ولساعدت الدولة في اتخاذ قرارات وطنية وتنفيذ توصيات الحوار.

لتتذكر السلفية أن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على القسوة وعلى معاملة الظاهر ما لا يعطي على الشك في الباطن وعلى حسن النية والصدق, لتتذكر السلفية في وطننا أن وطننا فيه قبلة المسلمين وعليها ضيافة حجاج بيت الله من جميع المذاهب فخصوصية المملكة توجب التسامح والاحتواء.

ليس من أخلاق الضيافة أن نستقبل الضيوف ونحن نبغضهم ونرى وجوب هجرهم هذه تتنافى مع الأخلاق العربية والمروءة فضلا عن الدين نفسه.

وتذكروا أن الحوار المذهبي اقترحته الدولة أكثر من مرة وهو من مشروع الساسة عندنا فلماذا تسهلون للدولة أشياء كثيرة ولا تسهلون لها هذه؟!

مع كثرة مخالطتي للمختلفين معكم من سنة وشيعة وزيدية , إلخ...أجد أن تشويه صورة الفرد السعودي وصورة المملكة عند المسلمين يقع على أعناقكم, لماذا؟! يظنون أن الفرد السعودي هو ما يرونه من وعاظ القنوات في تحريضهم واستعلائهم وحكمهم على غيرهم بالنار والأمر ببغضهم ولعنهم, الخ…

وكنت عندما أنقل لهم أن الصورة في الواقع ليست بهذا السوء وأنني درست في مدارسهم وخالطتهم ولكن القنوات تتبع لأجندات معينة  لا يصدقون.

كما أن معظم الملحوظات على السياسة السعودية ليس في فساد مالي ولا إداري وضمور في حقوق الإنسان فهذه عامة في الدول ولكن هؤلاء يظنون أن الدولة برمتها قائمة على ما أنتم عليه من حب التدابر والتقاطع وتكفير المسلمين, والوضع أيضا رغم كل ملحوظاتنا ليس بهذه الصورة.

أكثر المسلمين الآن يراهنون على فشل مركز الحوار بين المذاهب ولا يصدقون لأنهم يظنون الدولة السعودية والفرد السعودي كلهم مثلكم. وكل هذا الضعف في مصداقيتنا تتحملون جزءا منه بتريديكم للأقوال والروايات في تشريع انتهاك حقوق المختلف معكم ومقاطعتكم للتواصل مع المسلمين.

إذن تعالوا نساعد أنفسنا على تحسين صورتنا بالحق وليس بالباطل بأن نعيد للتواصل شرعيته ونحققه على الأرض بزيارات للمختلف والإقرار بأخوّته, زوروا الشيعة والصوفية والاسماعيلية والليبراليين وادعوا الجميع وخالطوهم وأظهروا شرعية هذا مو خلال النص وليس مجاملة واحتسبوا في ذلك لأن طاعة النبي واتباعه تكون في المنشط والمكره قد تكره أن تجتمع مع صوفي او شيعي لكن اجبر نفسك على هذا لأنه دين وشرع معطل.

لقد آن لأخلاق النبي وصبره وحلمه ورحمته أن تتغلب في منارساتنا على غضبات الثوري واحمد بن حنبل ويونس بن عبيد هؤلاء ليسوا أنبياء هم بشر.

عندما تتغيرون وينعكس هذا في سلوككم ربما يهتدي بكم من ترونه ضالاً ويرجع عن عقوق الوالدين من كان عاقاً ويتواصل من الأرحام ما كان منقطعا.

تذكروا أن بقاءكم على تشريع الكراهية والتدابر والتقاطع يعاكس تماما أوامر القرآن في التعارف والتعاون على البر والتقوى ويعاكس خلق النبي, تذكروا أن الشخص منكم إذا أصر بعد قيام الحجة عليه سيكون مرتضيا للتشريع الوضعي مستنكفاً عن التشريع الإلهي وهذا شرك وكفر باعترافكم أنتم.

إذن فهذا سبب تركيزي على السلفية لأنهم الاكثر تشريعا للتقاطع والتفكك ولأن بيدهم الامر الديني ولا يعني أني أقر المذاهب الأخرى على معصية

فمثلا كيف يرقب السلفي من الشيعي أن يهتدي وهو يطعن في عرضه يومياً بأنه ابن كذا وكذا؟!إذن إذا كانت دعوتكم لله فطبقوا تشريعه في الرفق. إذا تواصلتم مع الشيعة والصوفية سترتفع من عقولهم معظم التصورات التي عشعشت في عقولكم فتصوراتكم عن كل شيعي مثلا بأنه يعتقد كذا وكذا خطأ  .

ما خالط الشيعة سني مثل ما خالطتهم معظم تصوراتنا خطأ ومبالغ فيها وتعميم لأفعال البعض مثل تصوراتهم بأن كل السنة مثل فلان المتطرف السني ..

كل وطن يعيش مكونات شعبه في جزر معزولة فأمره على خلل كبير, الشعب شعب له الحقوق نفسها ولا تزر وازرة وزر أخرى( هذا ايضا تشريع معطل )!

وما أكثر التشريعات الإلهية المعطلة لأن مزاج فلان من السلف كان حادا : وطبع فلان منهم كان شكاكاً الخ إذن فالمعول على السلفية قبل أي مذهب, السلفية هي التي تستطيع إحياء التشريعات والسنن على الأرض ومسؤوليتها كبيرة جدا دينيا ومعرفيا ووطنيا والكل بحاجة إليها- مذاهب ودولة وأفراد.

ولذلك يجب ألا تستغرب السلفية عندما ترى كأن هناك حلفاً ضدها يتعاون فيه الشيعة والصوفية والليبرالية وبعض السنة…لا غرابة في الأمر, لأنها الأقوى ولأنها تعادي الجميع أيضا وتعمل على كبته وحرمانه الحقوق والحث على كراهيته وتضليله وبغضه فماذا تنتظرون من الآخرين؟!

إذن أقيموا ما عليكم من دين الله وسنة نبيه وطمئنوا الآخرين واعطوهم حقوقهم وشاركوهم الهمّ الحقوقي والمعيشي وسيزول هذا الحلف الوهمي, وهنا يجب على المذاهب الأخرى إن قامت السلفية بهذه الخطوات أن يحسنوا الظن أيضا وأن هذه ليست حركة سياسية او خوف سلفي بل يشكرون ويدعمون, ثم بعد التعارف والاطمئنان والحوار الأخوي الديني الوطني سيكون من السهل التنبيه على التجاوز من هذا الطرف أو ذاك والعمل على توظيف المشترك. وهذا الانصهار في جماعة المسلمين التي يتضمنها وطن واحد هو الكفيل بالثقة في الآخر مع الوقت والاطلاع الهادئ على ثقافته وتوسيع جانب الإعذار.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=122
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 10 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18