• الموقع : حسن بن فرحان المالكي .
        • القسم الرئيسي : المقالات والكتابات .
              • القسم الفرعي : تغريدات .
                    • الموضوع : هل عندي ازدواجية؟! .

هل عندي ازدواجية؟!



الازدواجي يرى الاعتدال اعوجاجاً؛ وليس مستعداً لتعديل الإعوجاج الحاصل فيه؛ يسبقه الجهل ويقوده الهوى.
الازدواجية عامة في المسلمين؛ على جميع المستويات، الفكرية والسياسية؛ فمن ينكر منكراً هنا تجده يشرعنه هناك!.




سؤال أطرحه على نفسي كثيراً لأنني أرى أن أكثر الناس لا يطرحونه على أنفسهم؛ مجرد أن تطرح السؤال على نفسك هذا أول الإنصاف.
مفهوم الازدواجية؛ وإن كان له تعريفات ومجالات شتى، إلا أن المعني به هنا - في المفهوم العام - يشبه التناقض (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)؛ والازدواجية لو تمكن المسلمون؛ بل البشرية؛  من تجنبها لاتفقوا؛ وخاصة ازدواجية المعايير.
والازدواجية هي نتيجة الهوى والأحكام المسبقة والتنشئة.. الخ.
كراهيتي للازدواجية هي التي أخرجتني من التيار المغالي، كانوا ازدواجيين بفجاجة صادمة. وازدواجيتهم نتيجة جهل؛ الجهل كان سابقاً ومنتجاً لها. وفي الوقت نفسه لا أبريء نفسي من ازدواجية، فتزكية النفس مذمومة؛ لكني أظن أنني أحاصرها في أضيق نطاق، وسأضرب الأمثلة.
فمثلاً: موضوع الصحابة:
ماذا يريد الآخرون (الخصوم) بالضبط ممن يلعن صحابة أو يكفرهم؟
هل يريدون تكفير اللاعن أم قتله أم تبديعه أم ماذا؟
اسألوهم في طول الأرض وعرضها؛ ما حكم ساب الصحابي؟ قبل السؤال عن معنى السب، فهم يخلطون كثيراً في معنى السب والصحبة؛  لكن تنزلاً نسألهم.
ستجدهم بين قائل: يجب أن يقتل اللاعن؛ وقائل : يجب تكفيره؛ وقائل : يجب تبديعه الخ. فإذا ذكّرتهم أن بني أمية قد فعلوا ذلك؛ تحضر الإزدواجية هنا! رغم أنه ليس من العلمية في شيء أن تعمم الحكم، فلعن البدري غير لعن المنافق، ولعن العادل غير لعن الظالم؛ لكننا احتملنا السؤال بما فيه من جهل.
ومن صفات صاحب الازدواجية أنه يستبق البحث قائلاً: لم يثبت هذا؛  وأنت إنما تسأله عن الحكم فيما لو ثبت  - وسيثبت له - فالجهل صانع للإزدواجية.
الجاهل غيور على جهله؛ فهو يسبق إلى الحكم قبل البحث؛ هذه الإزدواجية خليط من جهل بالحدث وجهل بالحكم؛ فهو يحب أن يوظف الحكم الشرعي له فقط!
الجاهل لابد أن يكون ازدواجياً فجاً؛ لأنه يقول الحكم - الذي يظنه شرعياً - وهو يظن أنه لن يمسه ولا رموزه بشيء، ثم لما يكتشف يرجع ويعدّل الحكم!
الازدواجي كالعصفور الخائف؛ لا تستطيع أن تمسكه؛ يقفز من غصن إلى غصن؛ فلا تستفيد من مطاردته إلا التعب؛ فما الفائدة في مطاردته؟
دعه وشأنه.
الازدواجي لا يعلم إلا ما يحب أن يعلمه؛ ولا يحب أن يحكم إلا على خصمه؛ فهو أناني، يعبد الأنا؛ ويظن نفسه سليماً من كل شائبة. وهذا أول الانحراف.
الازدواجي لا يقتصر مرضه على الازدواجية فقط؛ بل يراك ازدواجياً عندما  لا تكون ازدواجياً؛ فقد استمرأ الازدواجية وألفها لكثرة ما عاش مقلوباً.
الازدواجي؛ إذا ألف الإزدواجية؛ استمتع بها.
الازدواجي يرى الاعتدال اعوجاجاً؛ وليس مستعداً لتعديل الإعوجاج الحاصل فيه؛ يسبقه الجهل ويقوده الهوى.
الازدواجية عامة في المسلمين؛ على جميع المستويات، الفكرية والسياسية؛ فمن ينكر منكراً هنا تجده يشرعنه هناك! هذا يعني ماذا؟
أنه ليس جاداً؛ إذا وجدتم من ينكر المنكر المجمع عليه  - كقتل النساء والأطفال - فلا تظنوا أنه جاد، حتى يدور الزمان دورته، فقد ستجدونه يشرعنها في مكان آخر. مثله مثل (سب الصحابي وتكفيره) -  ينكره البعض في مكان ويشرعنه في مكان آخر، لكنه لا يدري، لأن الجهل - كما قلنا - هو صانع الإزدواجية وحاميها.
حل الازدواجية سهل؛ توطين النفس على الشهادة لله؛ ثم البحث عن المعلومة الصحيحة؛ وإنكار المنكر من أي كان ، ولو بالقلب، وهذا أضعف الإيمان.

  • المصدر : http://www.almaliky.org/subject.php?id=1097
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19